الصحف البريطانية: استراتيجية أوباما غير مقنعة

الصحف البريطانية: استراتيجية أوباما غير مقنعة

12 سبتمبر 2014
الصحف البريطانية تصف أوباما بـ"المتردد" (شاول لوب/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

لم تقنع استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما، لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) كتاب الأعمدة والمراسلين في الصحف البريطانية الذين لاحظوا فيها الكثير من الثغرات والتناقضات وحتى المخاطر، بل وأصروا على وصف صاحبها بـ"المتردد".

وترى صحيفة "ذا غارديان" أن أوباما الذي يعقد الكثير من الأمل في استراتيجيته على الجيش العراقي والمعارضة السورية المعتدلة، بعد مدّهم بالعتاد والتدريب، إنما يراهن على أطراف ضعيفة أو غير موجودة، مشيرةً إلى أن الجيش العراقي ضعيف، إذ انه لم يقدر على مواجهة "داعش" في الكثير من مواقع القتال إلا بمساعدة الغارات الجوية الأميركية،

أما من يسميهم أوباما بالمعارضة المعتدلة في سورية فلا نفوذ ولا سيطرة لهم على الأرض، على حد تعبير باتريك كوكبيرن، الذي قال في صحيفة "ذا اندبندنت" إن السيطرة على الأراضي السورية هي من غير "داعش" لفصائل مثل "أحرار الشام"، "جبهة النصرة"، و"الجبهة الإسلامية"، وكلها لا تقل تطرفاً عن "داعش".

أما الفصائل العلمانية أو المعتدلة، ولا سيما منها "الجيش الحر" فقد باتت أسماء بلا نفوذ أو تأثير وبالتالي لا يمكن التعويل عليها كثيراً.

من جهته، يشير مراسل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "ديلي تلغراف" ريتشارد سبنسر، إلى أن استراتيجية أوباما تعاني من تناقض أساسي في الجوهر، إذ أن مهمة القضاء على "داعش" لا تكتمل من دون تدمير قواعد التنظيم في سورية.

ويوضح سبنسر أن إنجاز هذا الجزء الهام جداً من المهمة يطرح على أوباما وتحالفه الدولي تحدي يتمثل إما بالتوصل إلى تفاهم ما مع النظام السوري، وهذا سيكون له تبعات سياسية وأخلاقية لا يمكن للإدارة الأميركية تحملها أو تبريرها، وإما القيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي والأجواء السورية من دون التنسيق مع السلطات السورية، وهذا يضع التحالف الدولي أمام انتهاك لقواعد السيادة التي يقرها القانون الدولي، وفي ذلك مخاطرة لاندلاع مواجهة دبلوماسية مع دول مثل الصين وروسيا وحتى إيران.

وفي السياق، ترى صحيفة "الديلي تليغراف" أن الرئيس الأميركي تحدث عن عدم وجود استراتيجية لمواجهة المتشددين في سورية، بينما كانت طائراته الحربية تقصف مواقع التنظيم في العراق، وسيدفع نحو تسليح المعارضة السورية المسلحة التي تقاتل تنظيم "الدولة الإسلامية" ونظام بشار الأسد.

وتلفت الصحيفة إلى أن أوباما غيّر مواقفه من النقيض إلى النقيض، فقد رفض قصف سورية لأنها دولة ذات سيادة ويسعى اليوم لتسليح المعارضة، وفي شهر يونيو/حزيران طلب من الكونغرس 500 مليون دولار لتدريب وتسليح المعارضة ثم استبعد أن تحقق هذه المعارضة أي نجاح عسكري.

أما صحيفة "فايننشال تايمز" فتعتبر أن الجهود الأميركية تواجه حاجزاً من عدم الثقة في منطقة الشرق الأوسط؛ فمن جهة ترى العديد من الحكومات العربية أن عدم تحرك الولايات المتحدة مبكراً هو الذي سمح بتقوية شوكة المتطرفين، ومن جهة ثانية ترى دول في المنطقة أن أي استراتيجية ترتكز على الحكومة العراقية ستصب في مصلحة إيران، وستزيد من تهميش السنة، وإقصائهم من الحكم.

وتشير الصحيفة إلى أن هناك مخاوف لدى الكثير من الدول في المنطقة العربية وخارجها من أن تعزز الحملة التي تقودها الولايات المتحدة التيارات المتطرفة وتكسبها المزيد من الأنصار والأتباع.

وفي تقييم لاستراتيجية الرئيس الأميركي، يقول روجر بويز في صحيفة "التايمز" إن انتصار أوباما في حملته على الإرهاب يعتمد أساساً على مدى استيعاب الرئيس لخمس دروس أفرزتها التجارب السابقة عندما أعلنت إدارة الرئيس، جورج بوش الابن، الحرب على الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.

وأضاف بويز أن هذه الدروس هي أن تنظيم القاعدة وأخواته مثل "داعش" ليسوا منظمات مثل المافيا، بل إنه فكر وشبكات تعتمد على التجنيد الذاتي، ثم أن التحالفات الدولية السابقة التي تشكلت لمواجهة إرهاب "القاعدة" فشلت في تحقيق أهدافها لأنها ضّمت دولاً غالباً ما تكون متورطة في دعم الإرهاب.

أما الدرس الثالث حسب بويز فيتمثل في ضرورة مراجعة أفكار الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش الإبن، التي قامت على أساس أن كل التهديدات التي تستهدف الولايات المتحدة تنبع من الدول الفاشلة، وهو ما جعل العالم ينشغل في إعادة بناء دول مثل أفغانستان، بينما كان الإرهاب ينمو ويتمدد في دول أخرى تعد مستقرة، ثم إن على الدول الغربية والدول المصنعة للسلاح وقف تدفق هذا السلاح في كل اتجاه. وأخيراً يعتبر بويز أنه لا بد لأوباما أن يدرك أن الأمر لا يتعلق بالتطرف الإسلامي، لأن إرهاب "داعش" يستهدف الجميع، حتى المسلمين منهم.