"حسابات هنديّة سوداء" في سويسرا

"حسابات هنديّة سوداء" في سويسرا

27 أكتوبر 2014
أثرياء يسرقون الثروات ويتركون الهند للفقر المدقع (Getty)
+ الخط -

فيما يعاني مئات الملايين من الهنود من الفقر المدقع، تتراكم المليارات من أموال الفساد السياسي والرشاوى لعشرات الآلاف من الشخصيات الهندية الرفيعة والأثرياء في البنوك السويسرية.

وفي أول بادرة حقيقية لكشف قائمة "حسابات الفساد" في الخارج، قال وزير المالية الهندي أرون جايتلى، إن المحكمة العليا في نيودلهي ستتسلم قائمة بالأسماء التي لديها "أموال سوداء" في البنوك السويسرية خلال أسبوع، وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قد تعهد، أثناء حملته الانتخابية، بتعقب هذه الأموال ومصادرتها وإعادتها للشعب.

وحسب تصريحات الوزير فإن هذه القائمة ربما تشمل حوالى 136 شخصية سياسية في الهند، بينها شخصيات سياسية رفيعة في حزب المؤتمر الهندي المعارض بينها زوج حفيدة المهاتما غاندي.

وبحسب البيانات التي تم الحصول عليها أخيراً من مجموعة "سويس بنك" المصرفية، يمتلك المواطنون الهنود أكبر حجم من الأموال المخفية في مصرف "سويس بانك" مقارنة بالجنسيات الأخرى، وتقدر أموال الهنود المخفية في هذا المصرف وحده بنحو 1.5 تريليون دولار، معظمها كانت حصيلة كسب غير مشروع.

وتشير التقديرات إلى أن أموال الكسب غير المشروع الهندية المودعة في الخارج تفوق احتياطيات الهند من النقد الأجنبي. وحسب إحصائيات منظمة الشفافية الدولية التي أجرتها قبل ثلاث سنوات، فإن نحو 27.3 مليار دولار من أموال الفساد تهرًب سنوياً من الهند إلى مصارف أجنبية، كما وضعت المنظمة الدولية، الهند في المرتبة 87 في قائمة الفساد للعام الماضي 2013.

وقالت الحكومة الهندية في بداية الأسبوع الجاري إنها ستعمل على نشر قائمة بأسماء الشخصيات التي تخفي اموالها في حسابات سرية في الخارج. وبالتأكيد، فإن الشارع السياسي ينتظر بفارغ الصبر هذه القائمة التي ستكشف عن حجم الفساد الذي يمارسه بعض من يدعون الوطنية في الهند من ساسة وشخصيات اجتماعية.

وقال وزير المالية أرون جايتلى، يوم الخميس الماضي، انه سيضع قائمة الأسماء التي لديها "حسابات سويسرية " أمام المحكمة العليا خلال الأسبوع المقبل. وهنالك بعض التقارير تقول إن هنالك 136 شخصية من الشخصيات السياسية الرفيعة في حزب المؤتمر الهندي ضمن قائمة" الحسابات السوداء".

وحزب المؤتمر الهندي من أكبر أحزاب المعارضة في الهند. ويعتقد أن زوج ابنة سونيا غاندي، روبرت فادرا، ضمن القائمة.

وكان فادرا قد اتهم العام الماضي في قضايا فساد متعلقة بشراء الأراضي الزراعية. وحسب الاتهام الذي وجه له، فإنه استغل سمعة عائلة المهاتما غاندي التي تحظي بالاحترام والتقدير في الهند، لشراء أراضٍ زراعية رخيصة.

ولكن زوج حفيدة غاندي نفى هذه التهم. وأكد وزير المالية الهندي أن قائمة الأسماء التي ستنشر قريباً، ستكون مخجلة بالنسبة لحزب المؤتمر الهندي.

وكانت الحكومة السويسرية قد قالت، في بيان لها الأسبوع الماضي، أنها ستساعد الحكومة الهندية في التحقيق بشأن أسماء الهنود أصحاب الحسابات السرية في البنوك السويسرية. وأثارت الحكومة السويسرية الطرق غير الشرعية التي تمكنت بها السلطات الهندية من الحصول على قائمة أسماء أصحاب الحسابات.

وتقول تقارير في الهند، إن السلطات الهندية تحصلت على القائمة عبر دفع أموال لبعض الجهات المصرفية في البنوك السويسرية أو ربما عبر مخبرين سريين. ولكن في اعقاب الاجتماع الذي تم بين مسؤوليين ماليين هنود في مدينة بيرن السويسرية ونظرائهم من الحكومة السويسرية، قالت سويسرا إنها ستساعد الحكومة الهندية في التحقق من صحة القائمة. وهو ما أثار شكوكاً حول صحة بعض الأسماء التي وردت في القائمة.

وتشهد الهند في الوقت الحالي واحدة من كبريات حملات المجتمع المدني ضد ما يعرف بـ"الأموال السوداء"، إثر التقارير التي أشارت إلى تهريب ما يقدر بنحو 1.4 تريليون دولار بصورة غير قانونية إلى مصارف أجنبية.

وقد أتخذت المحكمة العليا موقفاً متشدداً من قضية الأموال السوداء التي وضعت في مصارف أجنبية ، حيث انتقدت المحكمة الحكومة الهندية على ترددها في الكشف عن أسماء الشخصيات الهندية التي قامت بتهريب الأموال إلى مصارف أوروبية، واصفة ذلك بأنه عمليات سرقة مكشوفة للشعب الهندي. وقالت إن هذه الأموال التي يودعها متهمون بالكسب غير الشرعي تفوق احتياطيات الهند من النقد الأجنبي.

وتسود الهند، منذ بداية العام الجاري، حركة واسعة ضد "الحسابات المملوكة لمواطنيين هنود في الخارج"، وهي حسابات يطلق عليها البعض "الأموال السوداء" أو" الحسابات القذرة" ككناية للأسلوب الذي جمعت به والطريقة التي هربت بها.

وقاد الحركة الاحتجاجية معلم اليوغا الشهير، بابا رامديف، الذي بدأ إضراباً مفتوحاً عن الطعام في العاصمة الهندية في يونيو/حزيران الماضي، وطالب بإعادة الأموال المهربة في الخارج الى البلاد، وإعلانها أحد الأصول القومية ومعاقبة مكتنزي هذه الأموال بالسجن مدى الحياة على الأقل.

وفي سبيل استرجاع الأموال الهندية المنهوبة، قامت الحكومة الهندية بمراجعة اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي لتوفير الوسائل الكفيلة للتحقيق في الحسابات السرية في المصارف السويسرية. وتم تفعيل هذه المراجعة في يناير/كانون الثاني من العام 2012.

وكان جوليان أسانغ قد كشف في العام الماضي عبر موقع ويكيليكس" عن حجم الأموال المخفية في بعض البنوك السويسرية. كما كشفت مصادر هندية أن جزيرة مدغشقر تعتبر من المحطات المهمة في تهريب أموال الفساد من الهند الى باقي مصارف الأوفشور.

وكانت سلطات الضرئب البريطانية قد كشفت أثناء تحرياتها في أموال البريطانيين المتهربة من الضرائب والتي أنتهت بتوقيع اتفاق مع سويسرا بشأن تسوية الضرائب عن العديد من الحسابات التي يملكها هنود ممن يحملون جنسيات مزدوجة.

وطالبت سلطات الضرائب أصحاب الحسابات بتسوية مستحقات الضرائب طوعاً قبل شروع الحكومة في اتخاذ إجراءات قانونية ضدهم.

المساهمون