محافظ سعر الصرف

محافظ سعر الصرف

22 يناير 2015
هل كان المطلوب محافظا لسعر الصرف أم محافظا للمركزي؟(أرشيف/Getty)
+ الخط -
البنك المركزي هو صانع السياسة النقدية بكل مكوناتها، ولكن مع مجيء الخبير المصرفي هشام رامز محافظًا للبنك المركزي المصري، في فبراير/شباط 2013، توجهت إليه الأنظار على أنه المنقذ لسعر صرف الجنيه، وأنه سيخوض تجربة ناجحة للقضاء على السوق السوداء، ومنذ اللحظات الأولى أخذ الرجل على عاتقه هم هذه القضية، إلا أنه قد لوحظ كثرة تصريحاته الصحافية سواء تلك التي تتعلق بالسياسة النقدية أو غيرها.
وتصدرت تصريحاته ووعده بالقضاء على السوق السوداء بعيدًا عن القبضة الأمنية، وأنه سيستخدم الأدوات الفنية لعودة الدولار إلى الجهاز المصرفي، وكان سعر الصرف وقتئذ بحدود 6.50 بالسوق الرسمية وقرابة سبعة جنيهات بالسوق السوداء.
كما توعد الرجل المضاربين بكسر ظهورهم، وأنهم سيندمون على مضاربتهم في العملات الأجنبية، ولكن بعد مرور نحو سنتين من تولى رامز منصبه، قوى ظهر المضاربين، وذهبت تهديداته أدراج الرياح.
وكعادة مصر ودول المشرق، يتعلق الناس بشخص، ويتناسون أن للمشكلات جذور، وأن حلها في معرفة أسبابها والعمل على التخلص من تلك الأسباب التي أدت لوجودها. كما لم يستوعب المجتمع أن من أجاد في أحد آليات السياسة النقدية في تجربة لها ظروفها وملابساتها الخاصة -من عوائد الخصخصة واستثمارات الأجانب في سندات الحكومة- لا يصلح بالضرورة أن يتعامل مع ملف السياسة النقدية بكامل مكوناته.
كثف الرجل من آلية العطاءات الخاصة بطرح الدولار على البنوك، وكان أعلاها عطاءين بقيمة ثلاثة مليارات دولار في كل مرة لتمويل استيراد السلع الرئيسة، ومع ذلك ظل سعر الدولار لا يتوقف عن الصعود.
وإذا كان الرجل لم ينجح بعد في لجم سعر صرف الجنيه، والحافظ على قيمته، عند سعر توازني يلبي مصالح الاقتصاد المصري، وكذلك فشلت السياسة النقدية في استهداف التضخم، وأيضًا وجود سعر فائدة عادل يحقق مصالح المدخرين والمستثمرين، فماذا يفعل محافظ المركزي المسؤول عن صناعة السياسة النقدية؟
هل كان المطلوب محافظا لسعر الصرف، أم محافظا للبنك المركزي، يعمل في إطار فريق يصوغ السياسة الاقتصادية بملفاتها المختلفة من سياسة مالية واستثمار وعمل وتشغيل، وسياسة تجارية.
الأزمة أكبر من شخص، وأسبابها مترامية ولن يعرف سعر الجنيه أي مظهر من مظاهر الاستقرار، قبل أن يتحول الاقتصاد المصري إلى اقتصاد إنتاجي، يستهدف متطلبات السوق المحلي أولًا، وبنسب اكتفاء نسبي عالية.
شخصنة القضايا العامة، وربطها في النجاح والفشل بالأشخاص منهج عقيم عانت منه مصر على مدار العقود المديدة الماضية.