المغرب يحاصر البطالة ويؤمّن العمال

المغرب يحاصر البطالة ويؤمّن العمال

23 نوفمبر 2014
عناصر أمن مغربية تتصدى لشباب عاطلين(عبد الحق السنا/فرانس برس)
+ الخط -
يعكف المغرب على إعداد خطة وطنية، لتنشيط سوق العمل، بعدما بلغت البطالة مستوى يثير قلق الحكومة التي لم يسعفها النمو الاقتصادي من أجل الوفاء بوعودها، بشأن خلق فرص عمل لمئات الآلاف من الشباب.

وتوصل استطلاع للرأي أنجزته إحدى أكبر الشركات المتخصصة، لصالح مجلة "تيل كيل" الصادرة باللغة الفرنسية، إلى أن %76 من المغاربة يعتبرون البطالة في مقدمة انشغالاتهم.

وكانت آخر بيانات رسمية، أشارت إلى تفاقم البطالة وسط الشباب، خاصة خريجي الجامعات، حيث يعاني خمسهم من البطالة، ما يجعل سعي الحكومة إلى تخفيضها إلى 8% بحلول العام 2016، هدفا صعب التحقق.

وكشفت المندوبية السامية للتخطيط، المؤسسة الرسمية المكلفة بالإحصاء في المغرب، عن أن معدل البطالة ارتفع إلى 9.6% بنهاية سبتمبر/أيلول، مقابل 9.1% بنهاية العام 2013. وزاد عدد العاطلين في المغرب بنحو 64 ألفاً، 40 ألفاً منهم في المدن، ليقفز إجمالي العاطلين إلى 1.24 مليون شخص.

ويوفر الاقتصاد المغربي 137 ألف فرصة عمل في المتوسط في العام منذ 2000، بينما يصل إلى سوق العمل 180 ألف شخص في العام، ما يعني ضرورة سد احتياجات تصل إلى 43 ألف فرصة، كي يتسنى التحكم في معدل البطالة.

وقال وزير الشؤون الاجتماعية والتشغيل، عبد السلام الصديقي، في تصريح صحافي، إن الحكومة بصدد إعداد خطة وطنية لتوفير فرص عمل، حيث ينتظر اعتمادها في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

الوزير، الذي لم يعط تفاصيل حول الخطة، أكد أن السياسة الحكومية في مجال العمل، يفترض أن تنصب على خلق فرص عمل وتأهيل الموارد البشرية، بالموازاة مع تحسين أداء سوق العمل وسياسة فعالة في تلك السوق. وشدد على أن عمل الحكومة في مجال إلحاق المواطنين إلى العمل، يجب أن تستفيد منه جميع الفئات التي تعاني من نوع من الهشاشة في سوق العمل.

وينبه الخبراء في السنوات الأخيرة إلى هشاشة فرص العمل التي يحدثها الاقتصاد المغربي، حيث تشير تلك الوضعية إلى القبول بأجور هزيلة أو ظروف عمل سيئة، خاصة في ظل سيادة الاقتصاد غير الرسمي الذي يستوعب عددا مهما من العاطلين.

ولم يكشف الوزير سوى عن هيكل الخطة، غير أن الحكومة تعول، إضافة إلى الخطة التي تعد بها، على التدابير التي يتضمنها مشروع الموازنة للعام المقبل، حيث اقترح تحمل الدولة لتكاليف التغطية الاجتماعية نيابة عن صاحب الشركة لمدة عامين.

والتزمت الدولة في مشروع الموازنة بتحمل ضريبة التكوين المهني نيابة عن الشركات والجمعيات الجديدة التي سيتم إنشاؤها في الفترة بين يناير/كانون الثاني 2015 إلى نهاية العام 2019، شريطة التزام تلك الشركات بتوفير فرص عمل لمدة عامين خلال تلك الفترة.

وإلى جانب الحكومة، يسعى رجال الأعمال المغاربة إلى مد جسور الثقة مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يتولى التغطية الاجتماعية للعاملين في القطاع الخاص بالمغرب. فقد سادت بين الطرفين حالة من التوجس في السنوات الأخيرة، نتيجة ما يعتبره رجال الأعمال تشديدا للمراقبة من قبل الصندوق على الشركات في السنوات الأخيرة.

واستضاف الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل جزءاً كبيراً من الشركات في المملكة، الأسبوع الماضي، سعيد أحميدوش، المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والتشغيل، من أجل البحث عن سبل الانتقال من حالة التوجس إلى الثقة بين رجال الأعمال والصندوق، الذي يلاحق الشركات المارقة من أجل استيفاء مستحقات يراها ضرورية لتأمين التوازن المالي الذي يمنحه القدرة على ضمان ديمومة خدماته لفائدة العمال.

وتقول رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغربية، مريم بنصالح، إن نشوب نزاع مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بات أمرا طبيعيا للشركات، غير أنها شددت على أن الثقة تمثل الطريقة الوحيدة لبناء نموذج اجتماعي في سياق من التناغم وكذلك الاختلاف بما يخدم المصلحة العامة.

وكان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أبدى في السنوات الأخيرة حرصاً كبيراً على مراقبة الشركات والقطاعات التي تمارس الغش أو تتهرب من احترام القانون، بل إن تدخل الصندوق امتد في السنوات الأخيرة إلى الحجز على الحسابات المصرفية لبعض الشركات، ما أثار حفيظة رجال الأعمال.

وقال المدير العام للصندوق الوطني الاجتماعي، سعيد أحميدوش، إن التغطية الاجتماعية، ليست مرتفعة في المغرب، إذا ما قورنت ببلدان مجاورة. وتساءل عما إذا كان مستوى التغطية الاجتماعية في المغرب مقبولاً، موضحاً أن "المغرب ما يزال أمامه مجهود يجب بذله في هذا المجال، فعند المقارنة ببلدان أخرى، تبدو التغطية في البلد في مستوى أدنى".

وأكد أحميدوش أن المغرب يمتلك نحو 10.4 مليون شخص من الأيدي العاملة، غير أن عدد العمال في القطاع الخاص، لا يتعدى 3.6 مليون عامل، ثلاثة ملايين منهم فقط مسجلون لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما يعني أن 600 ألف يعملون دون أن يكون لهم الحق في التغطية الاجتماعية"، ما يبرر، ملاحقة الشركات المارقة وتطبيق القانون والعقوبات التي يرتبها.

وحاول أحميدوش استئصال ذلك الاعتقاد الذي يختزل عمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في المراقبة التي تفضي إلى معاقبة الشركات التي لا تؤمن عمالها اجتماعيا، فهو يؤكد أن المراقبين لا يتعدون 140 مراقبا من بين 4400 موظف لدى الصندوق.

 وقال إنه يجب ضم العمال الذين لا يتمتعون بتغطية اجتماعية إلى مظلمة الصندوق، حيث شدد في هذا الصدد على ضرورة إقرار تشريع قانوني يدفع رؤساء الشركات وقف تشغيل العاملين دون تغطية اجتماعية.

وقال أحميدوش: "لو خيروني بين مضاعفة عدد المراقبين بثلاث مرات ووضع تشريع قانون رادع بشكل سريع، لكنت ميالا للحل الثاني".

المساهمون