3 أفلام سلوفاكية: جماليات بصرية لوقائع وغرائبيات

3 أفلام سلوفاكية: جماليات بصرية لوقائع وغرائبيات

14 اغسطس 2017
من "الخط" لبيتر بِبْيَاك (الملف الصحافي للفيلم)
+ الخط -
يجد سؤال اللاجئين إلى دول أوروبية، في الآونة الأخيرة، حيّزاً له في "الخط" لبيتر بِبْيَاك، الفائز بجائزة أفضل إخراج في المسابقة الرسمية للدورة الـ 52 (30 يونيو/ حزيران ـ 8 يوليو/ تموز 2017) لـ "مهرجان كارلوفي فاري السينمائيّ الدوليّ"، وإن يبقى طرحه عابراً، ومرتبطاً بمسائل خاصّة بعصابات تهريب بين سلوفاكيا وأوكرانيا. بينما يتناول "نينا" ليوراي ليوتسْكي، المُشارك في مسابقة "شرق الغرب" في الدورة نفسها لمهرجان كارلوفي فاري أيضاً، واقع الانشقاق العائلي، وتأثيراته النفسية والمعنوية على مراهقين/ مراهقات، في أكثر اللحظات حرجاً في حياتهم (فترة المراهقة).


أما "الصليبي الصغير" لفاكلاف كادرنْكا، الفائز بالجائزة الكبرى في المسابقة الرسمية للمهرجان نفسه، والمرتكز على قصيدة للأديب التشيكي ياروسْلاف فْريشِلكي، فيذهب بعيداً في إسقاطاته السينمائية على رحلة مراهقٍ في مجاهل الدنيا والحياة، وفي اكتشافاته ومغامراته، وفي المسعى الدؤوب لوالده إلى العثور عليه وسط تقلّبات الجغرافيا وانقلابات الأقدار.

الجامع بين الأفلام الـ 3 هذه كامنٌ في حضور الجمهورية السلوفاكية في إنتاجها، بمشاركة دول أخرى. فـ "الخطّ" مُنتج بتعاونٍ مع أوكرانيا، و"نينا" مع الجمهورية التشيكية، في حين أن "الصليبيّ الصغير" فثمرة تعاون إنتاجي بين سلوفاكيا وتشيكيا وإيطاليا. أما الانفصال السلميّ، الحاصل بين تشيكيا وسلوفاكيا، فعائد إلى 31 ديسمبر/ كانون الأول 1992، علماً أنهما متحدّتان معاً بين عامي 1918 و1939، ثم بدءاً من 4 أبريل/ نيسان 1945 حتى لحظة الانفصال الأخير.

بعيداً عن التحديدات الجغرافية والإنتاجية والثقافية، يكمن المشترك بين هذه الأفلام الـ 3 في ارتكازها على اشتغالٍ سينمائيّ مفتوح على هواجس اللغة البصرية، في مقاربة يوميّات أناسٍ يبحثون عن معالم الحياة والاغتراب والمنافي، أو عن منافذ لخلاصٍ مرغوبٍ من اختناق العيش في بؤر محدّدة. فـ "الخط" مثلاً لن يبقى مجرّد فيلم تشويقي عن عصابات وصراعاتها، لأنه يميل إلى أحوالٍ بشرية أخرى، كالحبّ والعائلة والصداقات المعرّضة لخضّاتٍ ومفترقات؛ و"الصليبيّ الصغير" يُسرف في ما يُمكن اعتباره "هذيانات" تتوه بأصحابها في أزقة الروح والعلاقات؛ و"نينا" يبحث في معاني التمزّق والخراب والصدامات بين ثنائياتٍ، تبلغ مرحلة التحجّر في العلاقة، فيُصاب آخرون بنتائجها السلبية.

اللافت للانتباه أيضاً أن الجماليات السينمائية حاضرةٌ في مفاصل كلّ فيلم، ومناخاته الدرامية والإنسانية. فالتشويق (الخط) متماسك والتفكيك الاجتماعي للبيئات المحلية؛ والغرائبية البصرية (الصليبي الصغير) متّحدة وواقعية البحث عن أجوبة لأسئلة الحياة والموت؛ وواقعية السرد (نينا) معقودة على الهوامش الحياتية، التي تُصبح أهمّ وأعمق من كلّ متن عادي.
بهذا، يُمكن اعتبار الأفلام الـ 3 تلك مرايا سينمائية لوقائع العيش على الحوافي اليومية، والأسئلة المعلّقة، والمتاهات الكثيرة.

دلالات

المساهمون