يا مقتول ارتاح

يا مقتول ارتاح

02 ابريل 2015
+ الخط -

يا مظلوم ارتاح.. عمر الحق ما راح

كم أنت كاذب أيها الفنان الشاب حمزة نمرة، تخبر الناس بما لم يعد يُرى ولم يعد يصدق في مصر. قامت الثورة وتعلّقت آمال المصريين بها، حتى من لم يشارك فيها، على أمل تحسين أوضاعهم الحياتية، وتعالت الصيحات بوجوب حلول العدل في من تسببوا في هلاك مصر على مدار سنوات وضياع حلم شباب كان بإمكانهم تطوير المجرة كلها، وليس مصر فقط لو أتيحت لهم الفرصة والتشجيع والمقابل والتدريب والتجربة، يملكون من الحماس ما يكفي لتحقيق نهضة عظيمة.

وتحدث الجميع عن عدالة حقيقية والقصاص من قتلة الشهداء على مدار الأيام، بدءاً من 25 يناير/ كانون الثاني 2011 إلى اليوم.

لا أحد يُسجن سوى الثوار.. لا أحد يُقتل سوى الثوار

1075 شهيداً في فترة الـ18 يوماً الأولى من ثورة يناير. 438 شهيداً في فترة حكم المجلس العسكري. 470 شهيداً في عهد محمد مرسي. 5065 شهيداً من بعد إعلان انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013 في عهدي عدلي منصور والسيسي بما فيهم فض اعتصامي رابعة والنهضة.

وفقاً لموقع ويكي ثورة، لا يوجد في مصر شرطي واحد تم تأكيد الحكم عليه بعدما سالت الدماء على يديه. أهناك حق أكبر من العدل في قضايا القتل يا حمزة نمرة؟

نعم أصابنا التبلّد. أصابنا التبلد لأن الدماء التي سالت وتسيل يومياً "طرطشت" على أرواحنا، أصبحنا ندفن أصدقاءنا الشهداء ونقف نستقبل العزاء بدلاً من أن نرقص معهم في ليالي عرسهم، أصبحنا نجمع كفالات بمئات الآلاف لأصدقائنا وراء القضبان، نحضن أباً مكلوماً بعد وفاة ابنه بدلاً من أن نبارك له بعد تخرج ولده من الكلية. أتدرون.. التبلد قاتل أكثر من الرصاص الذي يخترق القلب. التبلد قاتل للروح.

دعوني أخبركم بأمر، قبل ثورة يناير لم نختبر أنفسنا وإيماننا وثباتنا على الثورة، كنا نقول "أكيد في ناس هتموت لأن حسني مبارك هيكون متبّت في الكرسي، بس الدماء وقود الثورات". ولكن رسبنا في أول اختبار، أو رسبت أنا بمعنى أصح، في مساء 25 يناير 2011 في ميدان التحرير كنا معتصمين، كنت أتحدث مع أحمد ماهر، مؤسس حركة شباب 6 إبريل، وهو معتقل حالياً، وفرحتنا جلية على وجوهنا بعد ما رأيناه من حماس يخرج من كل شارع مررنا عليه منذ بدء التظاهر في ذاك اليوم، وفجأة يحل علينا الصمت بعد وصول خبر استشهاد 5 شباب برصاص الشرطة أثناء تظاهرهم في عدد من المحافظات، أولها السويس، صدمة حقيقية، ما فعلناه بدعوة بسيطة على فيسبوك دخل حيّز الجد وشباب يموت، انهمرت في بكاء شديد وأنا أُحمّل نفسي وزملائي مسؤولية استشهاد الشباب، لأننا من أصحاب الدعوة للنزول والتظاهر.

نعم رسبت في أول اختبار رغم أننا بالطبع توقعنا حدوثه. والآن، وبعد 4 سنوات من عمر الثورة وآلاف الشهداء وعشرات الآلاف من المصابين والمعتقلين، وبعد براءة كل متسبب بوفاة المصريين من أكياس دم فاسدة وأغذية مسرطنة ورصاص قاتل في صدور الشباب، لم يعد لدينا دموع، نعم نصاب بالصدمة الوقتية بعد كل حادث يقتل فيه العشرات، لكن تمكن منّا التبلّد، أصبحت في كثير من الأحيان أحمد الله على أن هناك شهيدين فقط وليس عشرات كالمعتاد، أو أجدني أقول الحمد لله أن التظاهرة مرت بسلام ولم يسقط شهداء، وأن هناك معتقلين فقط، معتقلين نعلم بأن أقل حكم سيصدر في حقهم هو السجن سنتين.

عزاؤنا الوحيد لأنفسنا أن من مات فقد اصطفاه الله لجواره.

يا سيد حمزة نمرة، لن تطأ أقدام الحق إلا بالقضاء العادل وليس بقضاء ينتظر مكالمة هاتفية من اللواء عباس كامل، قضاء يحكم ببراءة مبارك وأعوانه وبراءة كل قاتل في مصر، ويسجن علاء عبد الفتاح وسناء سيف ويارا سلام ومحمد سلطان وإبراهيم اليماني وجعفر الزعفراني ومحمد عادل وأحمد ماهر وأحمد دومة وياسر القط وكل المسجونين ظلم في سجون السيسي.

أرجوك يا حمزة لا تكذب، وبدّل كلمات أغنيتك إلى (يا مقتول ارتاح.. وانسى حقك راح).


(مصر)

المساهمون