ويسألونك عن الإرهاب

ويسألونك عن الإرهاب

18 اغسطس 2016
+ الخط -
انطلاقاً من السؤال المتكرّر للشعب السوري: بأي ذنب ُأقتلُ؟ بات الجواب الاعتيادي تحت مسمى الإرهاب. ولكن، هل فعلاً هذا هو الجواب؟
ما سرّ وجود القوى الإقليمية في الجغرافية السورية، بعد أن تحوّل الصراع إلى تصفية حسابات على حساب الشعب السوري، فعندما ننظر إلى الأزمة في سورية بصورة بانورامية، عبر المراحل التي مرّت بها، نرى أنّ ما يحدث ليس غريباً إطلاقاً من خلال اللعب على المسميات، والتي غدت فن السياسة المصطنعة في العصر الحديث، فالمهتم بقضية الشعب السوي والحيادي فيها، سواءُ على مستوى الأفراد أو الجماعات، يدرك تماماً أنّ السوري يُقتل تحت مسمّيات عدّة، منها الإرهاب.
تعبّر الصورة العامة للمشهد السوري عن نفسها، فعندما تكون سورية في حالة زخم للقوات الغربية من خلال وجود القوات الأميركية في عين العرب (كوباني)، والقوات البريطانية عند معبر التنف الحدودي مع العراق، بتصديق صور نشرتها الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لقوات بريطانية، بحجة تدريب قوات سورية الجديدة لمحاربة الإرهاب، فعن أي إرهاب يتكلمون؟ علاوة على ذلك، عندما تُعلن روسيا عن توسيع القاعدة العسكرية في مطار حميميم، لتعزيز وجود القوات الروسية في سورية بشكل دائم، فكيف يمكن تفسير الإرهاب؟
وعندما تكشف مصادر عن استقطاب روسيا مقاتلين مرتزقة لدعم عملياتها العسكرية في سورية لمساندة لنظام الأسد، عبر شركة عسكرية خاصة سرية، تدعى "فاغنر" تعمل بالوكالة عن وزارة الدفاع الروسية، وتجنّد مقاتلين مرتزقة للقتال في سورية إلى جانب قوات الأسد، فأيّ تسميةٍ يُطلق على هؤلاء؟ ناهيك عن الوجود الإيراني الكبير من الحرس الثوري إلى فيلق المهام الخاصة وقوات حزب الله المنتشرة في سورية لمحاربة الإرهاب، علماً أنّ الأخير صنّفه على لائحة الإرهاب مجلس التعاون الخليجي، ومع ذلك نرى منظمته تقتل الشعب السوري ولا أحد يتكلم هنا عن الإرهاب!
الحرب في سورية طاحنة لجميع أطراف الصراع، برعاية دول كبرى، في مقدمتها إسرائيل وأميركا، لعدة أسباب توفرت في سورية، تتعلّق بالوضع الجيوسياسي، فلا يمكن هنا إنكار الحقيقة أنّ السوري يُقتل لسبب آخر غير متعلق بمصطلح الإرهاب.
ما كان للعائلة الأسدية أن تحكم لولا التمكين الذي حصل عليه الأسد الأب من فرنسا وبريطانيا وأميركا، وبمباركة إسرائيلية مقابل العمالة اللانهائية لإسرائيل أولاً، ولدول الغرب ثانياً، ما جعل "البعث" الحاكم في سورية يحكم قبضته عليها بيد من حديد، ما جعل الشعب يرضخ للآلة العسكرية التي اختارها هذا النظام في أحداث الثمانينات المنقوشة في ذاكرة السوريين ليتم استحضارها إلى يومنا هذا، وخصوصاً بعد التفنّن بقتل السوريين على أيدي عديدة، بالوقوف مباشرة إلى جانب الحليف الأسد، الطفل المدلّل عالمياً، لأنه اتبع نهج أبيه، بل زاد عليه من خلال ما قام به خمس سنوات من عمر الثورة، فشهادة حسن السلوك لهذه الشخصية كانت كفيلة أن يكون الآن هو الواجهة الغربية لتحقيق مشاريع معدّة مسبقاً على أنقاص "سايكس بيكو" القديم.
ولاستمرار تحقيق هذه المخططات الغربية، كان لا بد من اختراع مصطلح جديد يناسب العصر الحديث، يكون الشعار الأوّل والمبرّر الأساسي لقتل شعوب المنطقة، بما فيها سورية والعراق، لرسم معالم جديدة لشرق أوسطي جدي.
بعد كل هذه المعطيات، لا زالت الدول الكبرى، تسأل عن أماكن وجود الإرهاب في سورية، وليس من حق السوري أن يسأل: ماذا تفعل كل هذه القوات في بلده؟ من هنا، يجب القول إنّ عدم تحديد مصطلح واضح لمفهوم الإرهاب، وتفسيره من كل دولة على هواها، هو ما جعل من الأمر ذريعة مشتركة بين كل تلك الدول. ومع ذلك، يسألونك عن الإرهاب، فقل قبل سؤالكم: أجيبوا، ماذا تفعل كل هذه القوات في سورية؟
FB7E1B28-E9EF-474D-808F-467FC19B57EE
FB7E1B28-E9EF-474D-808F-467FC19B57EE
يمان دابقي (سورية)
يمان دابقي (سورية)