ولماذا على ريهام سعيد أن تعتذر؟

ولماذا على ريهام سعيد أن تعتذر؟

03 أكتوبر 2015
تهربان من القصف (Getty)
+ الخط -
تساءل كُثر عن أسباب تعليقات المذيعة المصرية ومقدمة برنامج صبايا الخير، ريهام سعيد، على أوضاع مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، بعد أن أثارت تلك التعليقات موجة من ردود الفعل الغاضبة. كان بإمكان المذيعة المصرية أن تأخذ شاحنتها إلى المعضمية أو مخيم اليرموك المحاصرين بريف دمشق، وتنتقل بعدها إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون بساحة الأمويين وتصف للمشاهد "الخير الذي تعيشه سورية تحت وطأة حذاء عسكري متعدد الجنسيات هذه المرة"، كما فعلت كوثر البشراوي سابقاً.

يعتبر مشهد تهافت الأطفال على شاحنة تحمل ملابس ولوازم العيد طبيعياً، فما الجديد في الأمر؟ سبق أن تقاطر أهل مخيم اليرموك على شاحنة خبز في العام الماضي. ولكن أن تستغل وسيلة إعلامية، وصحافي يعمل فيها، حاجات الناس بعد التجويع والحصار والحرمان فتلقي لهم بما يحتاجون وتصوّر المشهد لتخرج بنتيجة مقنعة بأن "بلدك جنة يجب أن تحمد الله عليها"، فتلك هي "الدناءة في انزياح الخط الفاصل بين البروباغندا الرديئة المسجلة كماركة من (مصر الجديدة)".

لكن مهلاً، لماذا على ريهام سعيد أن تعتذر حصراً؟ في إعلام مصر "الجديد"، إعلام "الفردوس وزقزقة العصافير والحريات"، شهدنا العام الماضي ما هو أفظع من فشل محاولات ريهام سعيد إقناع الشعب المصري بذلك الفردوس مقارنة بدول الربيع العربي عموماً.
تكثر الأمثلة، في فترة القصف والعدوان الإسرائيلي على غزة صيف 2014 سمعنا ما قالته أماني الخياط على "أون تي في"، ثم سمعنا توفيق عكاشة وسؤاله: "غزة مين وزفت مين؟ كان فين شعب غزة عندما تم الهجوم على سيناء وسجون مصر وقتل 25 ضابطاً وجندياً؟". هذا عدا عن بقية الجوقة الإعلامية التي مارست "قطر فوبيا" و"حماس فوبيا" لإقناع المصريين بأنه "بلا فلسطين بلا همّ عالقلب".

بالعودة إلى ريهام سعيد وتشاطر المقارنات بين مصر التي لا تعيش أي مأزق ولا أزمة وبين الشعب السوري، يذكرنا ما حصل بما شهدته مملكة الدنمارك حين عاشت البلاد شهر أزمة "الخميرة" فتدافع الناس يومها بجنون للحصول على مكعباتها من الثلاجات. كان بالإمكان استغلال الموقف والترويج للتالي: "شعب الدنمارك غير متحضر وينهش في بعضه مقارنة بما نحن عليه... فاحمدوا ربكم على نعمة السيسي".

وفي "إعلام الممانعة"، سبق أن وقع معتقلون سياسيون وسجناء رأي في ساحة الأمويين بدمهم لحافظ الأسد وهم يعرضون على القناة السورية كمؤيدين لمن دخلوا سجن تدمر بسبب معارضتهم له.

الجديد ببساطة هو أننا أمام "تجمع إعلامي" فيه خليط من "ممانعة" وبقايا "كامب دافيد" في تحالف تشويه الصورة تشويهاً لم يستطع أفيغدور ليبرمان الصهيوني الفاشي أن يحلم به. وفي لبنان أيضاً، حيث صوّرت ريهام سعيد لقطاتها، كان البعض يتهكّم بالسوريين نتيجة حقد تاريخي سببه ما أرسله النظام السوري من "جنود بواسل" للبنان.

نحن نغضب كعرب حين نشاهد صحافية مجرية تركل لتوقع لاجئاً سورياً وابنه، لكن كم من الإعلاميين والكتاب والصحافيين يركلون العرب ويشوهون صورة شعب كامل يومياً بإسقاطات فضائحية لأجل عيون حاكم مستبد؟

الصورة المراد إقناع الشعب المصري بها هي صورة النيل هادئاً والجسور فارغة والعصافير تزقزق والشعب يعيش برخاء وتقدم بدليل التفريعة، بما لا يشبه دمار سورية، حتى بصواريخ منتجة في "معامل الصناعات الحربية" بمصر نفسها.


اقرأ أيضاً: روسيا في سورية: انقسام إعلامي حول النتائج

المساهمون