وقفة مع مصطفى بوخال

وقفة مع مصطفى بوخال

29 يونيو 2020
مصطفى بوخال
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. "العمر قصير جدّاً أمام جاذبية وإغراء المعارف" يقول الباحث الجزائري في حديثه إلى "العربي الجديد".


■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
- هو انشغالٌ على مستوى شخصيّ ارتبطَ بالوضع الصحي العام الذي يعيشهُ العالم... كُلُّ شيء مغلق من حولي. مَرّت أكثر من ثلاثة أشهر، اشتقتُ فيها إلى جلسة في مقهى مدينتي أُطالِعُ فيها الجريدة اليوميّة مع فنجان قهوة في زاويتي المُعتادة. وما بقي لنا إلا فتح نوافذ العالم الافتراضي للتواصل الثقافي مع أصدقائنا، والمعرفي مع طلبتنا.


■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك المقبل؟
- في السنة الماضية صدرت لي عن دار نشر مصرية دراسةٌ في كتاب جماعي حول الأدب الروائي للكاتب المسرحي والروائي السيّد حافظ، وكان الموضوع "شعرية العتبات وهجنة الأنواع في رواية شاي بالياسمين"، وأنا الآن بصدد مواصلة العمل مع نفس الكاتب في الحفر في مدوّنته المسرحية، ومنها على وجه الخصوص "صراع الألوان - مسرحيات قصيرة جدّاً".


■ هل أنت راضٍ عن إنتاجك ولماذا؟
- لا أعتقد أنّ هناكَ باحثاً أو مبدعاً يمكن أن يرضى بمستوى أو كمية إنتاجه؛ فالعمر قصير جدّاً أمام جاذبية وإغراء المعارف بشتّى أنواعها. وفي ما يخصّني، فقد جئتُ متأخراً إلى حقل البحث الأدبي من البيئة العلمية، حيثُ كنت أُدرّس مادة العلوم الفيزيائية في الثانوية مع انشغالي بمتابعة القضايا الفكرية والثقافية التي شغلت العقل العربي، حتى توفّرت الظروف لأنتقل من مخبر الكيمياء إلى مخبر النصوص.


■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
- ما يعانيه العقل العربي من تأخُّر كبير في الميادين العلمية والمعرفية، وبقاء مساحات واسعة من التراث العربي بكراً لم يطأها الباحثون، تمنّيت لو كان للتسجيل في "المدرسة العليا للأساتذة" ذات يوم بديل عنه للانخراط في التحضير لشهادة جامعية في الفلسفة، فأنا أرى أنّ عالمنا العربي يحتاجُ أكثر من أي وقت مضى إلى الإبداع الفلسفي والدراسات الجادّة في العلوم الإنسانية لإصلاح عطب العقل والنفس معاً.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- أطمحُ إلى عالمٍ متعدّد الأقطاب يكون فيه لنا وجود ثقافي وفكري مستقلّ. والاستقلال يكون بإبداع القول الفلسفي على حدّ تعبير المفكّر المغربي طه عبد الرحمن... وأن تكون لنا طرقنا ومناهجنا التي نقرأ بها نصوص العالم مع الانفتاح على المعرفة والإبداع العالميَّين.


■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- نظراً لاهتماماتي الفكرية والتي تتمركز حول السؤال النَهضوي الذي ما زال يؤرّق المثقّفين والمفكّرين من مختلف الاتجاهات، تمنّيت لو حضرت إحدى محاضرات المفكّر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله صاحب مشروع مشكلات الحضارة، فالرجل شرعَ في طرحِ قضية النهضة العربية الإسلامية في نهاية الأربعينيات في كتابين مُهمّين باللغة الفرنسية هما "الظاهرة القرآنية" و"شروط النهضة".


■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
- هناك أصدقاء كانوا بالنسبة إليَّ تحدّياً؛ فقد برزوا في الإبداع وحصلوا على الشهادات ودرّسوا في الجامعات، هؤلاء أعتبرهم جذوة نشاطي العلمي واهتماماتي الثقافية.


■ ماذا تقرأ الآن؟
- أنا في الصفحات الأخيرة من رواية "أنا وحاييم" للروائي الجزائري السائح الحبيب، يفتحُ الكاتب في هذه الرواية موضوعاً شائكاً، يتعلّق بالعلاقة مع الآخر والمُتَمّثل في شخصية اليهودي الجزائري "حاييم"، ومن خلالهِ يطرحُ السائح الحبيب أزمة العلاقة بين المسلمين واليهود الذين يعيشون في أرض واحدة ويواجهون مصيراً واحداً.


■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- أحبّ موسيقى بيتهوفن وإيقاعات بيانو كلايدرمان. أسمع الآن غناءَ شعبِي جزائري للفنّان الراحل الهاشمي قروابي، والشعبي العاصمي نوع غنائي مميّز للجزائر وأبطاله الحاج محمد العنقى ودحمان الحراشي وغيرهما من المبدعين...


بطاقة
كاتب وأكاديمي جزائري من مواليد 1966. حاصل على دكتوراه في الأدب الشعبي المقارن من جامعة تلمسان، يعمل أستاذاً محاضراً في جامعة تيبازة. صدرت له دراسات عدّة؛ من بينها: "الخرافة والرمز" (مجلة متون، سعيدة 2013)، و"الحيوان في التفكير الأسطوري العربي" (مجلة جيل، البليدة 2013)، و"الخرافة والمثاقفة" (جامعة تلمسان، 2017). شارك في كتاب جماعي حول حفريات الأدب الروائي للسيّد حافظ بدراسة عنوانها "شعرية العتبات وهجنة الأنواع في رواية شاي بالياسمين" (2018). كما شارك في ملتقيات أدبية آخرها ملتقى "تجليات النيوكولونيالية في سرد أمل بوشارب" (جامعة تيبازة، 2019).

دلالات

المساهمون