وعي مناسب

وعي مناسب

06 فبراير 2015
فتحي حسن / مصر- السودان
+ الخط -

حتى سنوات قليلة، كان يعدّ الكاتب جيداً لأنه كذلك، وليس لأي سبب لا يتعلق بالكتابة، ومن دون تزويق ومخادعات تحاول تسويق كتب رديئة، إذ كانت الرقابة شديدة وقتها، من قرَّاء نهمين ذوي حس نقدي عالٍ.

اختفى ذلك النوع من القراء، اليوم، وانزوى من بقي منهم في معتزلات افتراضية بعيدة عن التأثير، محاولين الصمود ضد سرعة سريان الحياة، ومفسحين المجال لأولئك الذين يقرأون لـ"الكتَّاب النجوم"؛ الذين تصنعهم العلاقات التجارية والاجتماعية، وشبكة المصالح التي تربط بين رأس المال وجوائزه، ودور النشر وحلفائها من نفعيي الوسط الأدبي.

حتى أنصار مواكبة التطور، لا يمكنهم إنكار الضرر الذي أحدثه استبدال الكتب بشاشات اللمس، وما فعله تدفق المعلومات التي يصعب تأكيدها من تسطيح ولا مبالاة تسم المزيد من الأجيال.

غير أن المرعب، حقّاً، هو تحوّل القارئ - مثله مثل الآخرين في هذا الوقت - إلى موضوع للاختبار، لمراقبة أنماطه الاستهلاكية وتغذيتها من أجل الربح، إلى مختبر تتعلم فيه الشركات السبل الأكثر فعالية لزراعة "وعي مناسب" بالعالم، ومن أجل هذا، عليه أن يظل ملتصقاً بشاشة لامعة وليس مدفوناً بين أوراق الكتب.

إن هذا القارئ يشبه مريضاً لا يرجى شفاؤه تُجرَّب عليه أدوية اختبارية غير مضمونة العواقب، قبل نشرها.

المساهمون