هل قرّرت واشنطن تزويد المعارضة السوريّة بالسلاح "النوعي"؟

هل قرّرت واشنطن تزويد المعارضة السوريّة بالسلاح "النوعي"؟

28 ابريل 2014
تدريبات لعناصر من "لواء الشام" في دير الزور (getty)
+ الخط -

كشفت وسائل إعلام أميركية (منها الإذاعة الأميركية العامة NPR) عن استخدام المعارضة السورية "المعتدلة" أخيراً، أسلحة "ثقيلة" من صنع أميركي. وأثار هذا الإعلان الكثير من التساؤلات حول ما إذا كانت هذه "بداية تغيير" جذري في السياسة الأميركية إزاء الملف السوري. ويُظهر شريط فيديو نشر على "يوتيوب"، في السادس من أبريل/ نيسان الحالي، جنوداً من المعارضة السورية ينتمون إلى "حركة حزم"، بالقرب من حاجز القياسات في اللاذقية، يقصفون إحدى دبابات الجيش النظامي ويصيبونها بشكل مباشر. والصواريخ المستخدمة التي تظهر في الشريط هي مضادات الدبابات "تاو" BGM-71 TOW، وهي أسلحة ثقيلة من صنع أميركي في سبعينيات القرن الماضي، تم تطويرها منذ ذلك الوقت بدرجة عالية. ورفضت وزارة الدفاع الأميركية الكشف عمّا إذا كانت قد قامت بمدّ أطراف من المعارضة السورية بهذا النوع من الأسلحة بشكل مباشر، أم أن ذلك تم عن طريق إحدى الدول المجاورة لسورية، والتي تمتلك هذه الأسلحة، كالسعودية أو تركيا مثلاً، ولكن بعلم وموافقة أميركيين.

وبحسب الإذاعة الأميركية، حصلت "حركة حزم"، كدفعة أولى، على خمسين من الصواريخ المضادة للدبابات، "تاو"، من صنع أميركي. ومن المفترض أن تكون هذه الدفعة بمثابة "اختبار" لكيفية ومدى سيطرة أطراف المعارضة السورية "المعتدلة" على هذا النوع من الأسلحة الأميركية الثقيلة على أرض الواقع. وبحسب المصدر نفسه، من المفترض أن تمدّ واشنطن المعارضة بأنواع إضافية من الأسلحة الثقيلة، كصواريخ أرض ـ جو مضادة للطائرات محمولة علـى الكتف، إضافة إلى تدريبات عسكرية مكثّفة لعناصر من المعارضة، "في حال نجحت فترة الاختبار هذه".

وكانت الناطقة باسم مركز الأمن القومي، بيرناديت ميهان، قد قالت لوسائل الإعلام، قبل أيام، إن "الولايات المتحدة ملتزمة ببناء قدرة المعارضة السورية المعتدلة، بما في ذلك تقديم مساعدة ودعم لأجزاء مختارة من هذه المعارضة المعتدلة". ورفضت ميهان التطرق لحيثيات هذا الدعم، وأشارت إلى أنها لن تناقش تفاصيل هذه المساعدة، في إجابة لها حول دعم المعارضة السورية بصواريخ "تاو" المضادّة للمدرعات والدبابات.

وكان البيت الأبيض قد أعلن مراراً، عن رفضه تزويد المعارضة السورية بأي نوع من الأسلحة الثقيلة، خوفاً من أن تقع بيد عناصر من "القاعدة" و"جبهة النصرة"، إضافة إلى الخوف من استخدام مضادات الطائرات خارج سوريا ضد الطائرات المدنية. ويعود تخوُّف بعض المسؤولين الأميركيين إلى تجربتهم في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي، عندما زوّدت وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية، "المجاهدين" في حربهم مع الاتحاد السوفياتي سابقاً، بمضادات للطائرات، لكنها لم تتمكن لاحقاً من استعادة قسم كبير منها. وتعزز هذه التخوفات تعقيدات الوضع على الأرض في سوريا، وفشل وصول دفعة سلاح سابقة إلى المعارضة السورية المسلحة "المعتدلة"، بعدما وقعت بأيدي عناصر قريبة من "القاعدة"، حين أرسلتها كرواتيا قبل حوالى السنة بموافقة وعلم واشنطن، بحسب معلومات صحافية.

وقد تحدّث تقرير الإذاعة الأميركية عن برنامج سري خاص، تقوم بموجبه عناصر من الجيش الأميركي بتدريب عناصر من المعارضة السورية في الأردن، "ومن المتوقع أن تزداد وتيرة ونوعية هذه التدريبات خلال الأشهر المقبلة". وبحسب التقرير، فإن التغيّر في السياسة الأميركية نابع من تخوّف البيت الأبيض من استعادة النظام السوري في الآونة الأخيرة لجزء من قوته، وإعادة سيطرته على بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها قوات من المعارضة، إضافة إلى استمرار روسيا بمدّ دمشق بالأسلحة. كما أن عناصر "القاعدة" أخذوا يزدادون قوةً، بحسب التقرير، وهو ما يرى فيه البيت الأبيض "تهديداً أكبر للأمن القومي الأميركي". وبحسب تقارير إعلامية أميركية، من المقرر أن يزور رئيس "الائتلاف الوطني" السوري، أحمد الجربا، واشنطن مطلع الشهر المقبل. ومن المتوقع أن يطلب من مسؤولي الادارة تزويد المعارضة بدفعة جديدة من صواريخ "تاو"، إضافة إلى أسلحة وصواريخ مضادة للطائرات.

ولم يكشف حتى الآن الكثير عمّا يُقال إنه برنامج سرّي لـ"السي آي إيه" لتدريب عناصر من المعارضة السورية في الأردن. وتفيد التقارير الإعلامية الأميركية بأن العمل بهذا البرنامج قد بدأ بالفعل، ومن المتوقع أن يتّسع خلال الأشهر المقبلة. وبحسب المعلومات المتداولة إعلامياً، تعمل وزارة الدفاع على خطة لعرضها على البيت الأبيض، تتضمن احتمالان لتوسيع عمليات التدريب والدعم: الأول يقضي بالتدريب المباشر من قبل عناصر من "السي آي إيه" وشركات خاصة عسكرية أميركية، في الأردن، لعناصر من المعارضة السورية على مهام قتالية. والثاني يطلق عليه اسم "تدريب المدرِّبين"، ويقضي بتدريب عناصر من الجيش الأردني، تقوم بدورها بتأهيل عناصر من المعارضة السورية.

وتفيد تقارير أنّ أحد السيناريوهات الإضافية والذي يعاد طرحه على الطاولة من قبل وزارة الدفاع الأميركية لعرضها على البيت الأبيض، هو سيناريو القيام بضربات جوية محدّدة ضد أهداف نظامية معيّنة. لكن خبراء عسكريين يرون أن هذه الخطط لن تؤدي إلى إضعاف النظام بصورة جذرية، وأنها ستكون غير كافية. ويشير البعض إلى أنه ربما كانت هذه الضربات مجدية قبل سنتين، ويشددون على أن الهدف من هذه الضربات في حال حصلت قريباً، سيكون "تكتيكي لردع السعودية عن تقديم مساعدات عسكرية ثقيلة إضافية لجهات متطرفة في المعارضة السورية"، فضلاً عن أن من شأن هذه الضربات، بحسب بعض المراقبين، أن تؤدي إلى "إعادة التقارب بين السعودية والولايات المتحدة"، وخصوصاً أن الموقف من الأزمة السورية والتقارب الأميركي ـ الإيراني، قد أصاب العلاقة بين البلدين بـ"فتور"، وهو ما تحاول الإدارة الأميركية الحد منه من خلال خطوات عديدة، آخرها كانت زيارة الرئيس باراك أوباما إلى السعودية، نهاية الشهر الماضي.