هدف واحد يكفي.. تعويذة سيميوني السحرية مع الأتليتي

هدف واحد يكفي.. تعويذة سيميوني السحرية مع الأتليتي

04 مايو 2016
أتلتيكو حسم التأهل إلى أليانز أرينا (Getty)
+ الخط -


حقق أتليتكو مدريد إنجازا تاريخيا بوصوله إلى نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا، للمرة الثانية في آخر ثلاث سنوات، تحت قيادة الشولو الأرجنتيني دييغو سيميوني، الرجل الذي نقل هذا الفريق إلى عالم آخر تماما، خلال فترة زمنية وجيزة، ليتحول من مجرد أحد أندية المنتصف، إلى واحد من أكبر وأشرس كبار القارة العجوز، والفضل بكل تأكيد لهذا المدرب الذي لا يقف ولو للحظة خارج الخطوط.

نتيجة ثابتة
قدم بايرن ميونخ مباراة مثالية في الأليانز أرينا، عرف بيب غوارديولا كيف يفتح الملعب عرضيا بطريقة رائعة، من خلال دخول لاعبي الأجنحة إلى عمق الهجوم، وصعود فيليب لام إلى الجانب الأيمن، وأمامه فرانك ريبري على الطرف الآخر، من أجل إجبار وسط الأتليتي على الخروج من العمق قليلا. وفي المقابل استخدام ألابا بطريقة ذكية، من خلال دخوله كثيرا إلى الوسط، لقطع التمريرة الثانية ومنع الأتليتي من المرتدة.

سيميوني نفسه قالها بعد المباراة، "منذ قدومي كمدرب، لم أواجه فريقا أكمل من بايرن، إنهم قاموا بمباراة مثالية منذ الدقيقة الأولى، وهذا شيء ليس سهلا في عالم الكرة"، لكن الأرجنتيني نجح في النهاية، لأنه هو من أقصى هذا البافاري المرعب، وقبله برشلونة حامل اللقب، ليصل إلى ميلانو بأقوى مشوار ممكن.

يعود الفضل في ذلك إلى النتيجة المفضّلة لسيميوني، "1-0"، هو الرقم المميّز لكتيبة الهنود الحمر في مدريد، إنه الكنز الذي حصل عليه من مباراة الذهاب، ليقطع قدما ونصف في النهائي، لأن هذه النتيجة تعني باختصار أفضلية مطلقة على ملعب المنافس، كلما سجّلتَ في ملعبهم، كلما عقّدتَ الأمور أكثر، وهذا ما حدث فعليا في الأليانز أرينا.

خطأ واحد يكفي
لعب بايرن بشكل رائع لمدة 80 دقيقة، لكن أمام دييغو سيميوني خطأ واحد يكفي، يكفي للغاية! فجيروم بواتينغ قام بصنع تمريرة سلبية وصلت إلى دفاع أتليتكو، ثم بادر ثنائي من زملائه بالضغط على غابي حامل الكرة، ليتم ضرب منطقة الارتكاز بتمريرة واحدة، مع استغلال استراتيجية الرجل الثالث التي يتقنها بشدة الأتليتي.

يلعب سيميوني على أخطاء منافسيه، وعندما تحين الفرصة، ينطلق غريزمان بذكاء من الخلف إلى الأمام، ليحصل على الكرة ويمررها إلى توريس، الذي يقوم بدوره بإعادتها إلى الفرنسي على طبق من ذهب، لعبة من 4 تمريرات تقريبا، وصلت إلى الثلث الهجومي الأخير، قبل أن تلامس شباك أصحاب الأرض، إنها لعبة الأرجنتيني من الأساس.

يعتمد دييغو على التفاصيل الصغيرة، لذلك يركز بشكل رئيسي على حماية مرماه في مباريات الذهاب، وبالتحديد التي تقام على أرضه، لأن الخروج بشباك عذراء في النصف الأول من المواجهة، يعني فرصة أكبر في النفس الأخير، وحتى بعد نجاح بايرن في تسجيل الهدف الآخر، لعب الأتليتي بهدوء شديد، لأنهم أصحاب اليد العليا رغم الهزيمة غير المؤثرة عمليا.

عمل تدريبي
حقق أتليتكو مدريد الفوز بنتيجة ثابتة "1-0" في مباريات عديدة ببطولة الليغا، لدرجة أنه حقق الانتصار بالرقم نفسه خلال آخر 3 مواجهات بالبطولة المحلية، ليحقق الأهم وهو كامل النقاط، ويواصل تضييق الخناق على برشلونة، متصدّر الترتيب بفارق النتائج المباشرة، في إنجاز كروي آخر يُحسب لهذا الفريق ومدربه سيميوني.

ينجح الفريق الثاني في العاصمة الإسبانية لأنه يعرف كيف يحافظ على تقدمه، بفضل عمله العبقري من دون الكرة، فمعظم خصوم أتليتكو يبدأون في مهاجمته بعد اهتزاز شباكهم، وهنا يظهر الجانب العبقري لهذه الكتيبة، فجميع لاعبي أتليتكو يتحركون بأسلوب جماعي، ويغطون نحو 90 إلى 95% من الملعب دون هفوة واحدة، وكأنه شيء غير قابل للتصديق.

سواء أحببت هذا الأسلوب أو كرهته، فإنك أمام منظومة دفاعية رفيعة المقام، تمنع وجود أي خطأ في نصف ملعبهم، وفي حالة حدوث ذلك، يقوم سيميوني سريعا بالتعديل، من خلال عودة لاعب ما إلى المنتصف للمساندة، أو بتغيير من خارج الخط، لإضافة دماء جديدة إلى الشكل العام، وهذا ما تم أمام بايرن، فغريزمان عاد كثيرا إلى الوسط كلاعب إضافي، ثم قام بإشراك توماس مكانه لزيادة الفعالية الدفاعية أمام أجنحة بايرن.

تكتيك السلة
فاز بايرن على رايو فاليكانو بهدف في الدقيقة 55، وسجل هدف التقدم على إسبانيول في أول 15 دقيقة من الشوط الثاني، كذلك جاء هدف ساؤول نيغويز في بداية مباراتهم ضد بايرن، بينما وضع غريزمان كلمة النهاية في بداية الشوط الثاني من مباراة الإياب، وبالتالي يسجل الفريق أهدافا عديدة في الربع ساعة الأولى، سواء في الشوط الأول أو الثاني.

هذا الأمر بالمناسبة ليس محض الصدفة أبدا، لكنه أقرب إلى التوقع المدروس من جانب دييغو سيميوني. فالأتليتي يلعب بتكتيك فرق السلة، يدخل بقوة دائما في البدايات، وغالبا ما تكون هذه القوة في الشوط الثاني، الذي يعادل الربع الثالث في مباريات السلة، لأن الخصم يكون في حالة استهتار أو انخفاض أو قلة تركيز، لتصبح عملية ضربه ممكنة ومباغتة.

بالعودة إلى موسم 2014، سجل الأتليتي هدف الفوز بالليغا في شباك برشلونة بكامب نو خلال بداية الشوط الثاني، وصعد إلى نهائي الشامبيونزليغ 2016 في بداية الشوط الثاني أمام بايرن، وهذا التكتيك يجعل نتيجة "1-0" أكثر قيمة، ويحول فارق الهدف الواحد إلى غاية لا مجرد وسيلة، في الطريق نحو ذات الاذنين هذا العام.

نتيجة "1-0" رائعة جدا في مباريات الليغا ذات النفس الطويل، وتفيد بشدة أي فريق يلعب في دوري أبطال أوروبا، حيث مواجهات الذهاب والإياب، لكن هذا الرقم من الممكن أن ينقلب ضدك في مباريات النهائي، خصوصا أمام فريق كبير يسجل في النهايات، وبالتالي تبقى فرص أتليتكو سيميوني "عادية" للفوز بالبطولة، رغم تفوقه على أفضل فريقين في أوروبا، برشلونة ثم بايرن، لأن النهائي سيكون مغايرا، مباراة واحدة أصعب من اثنتين، أصعب كثيرا يا دييغو.

المساهمون