نصيب الله: اللجوء أشدّ سوءاً وسط كورونا

نصيب الله: اللجوء أشدّ سوءاً وسط كورونا

16 مايو 2020
"حُرمت لذّة الحياة" (العربي الجديد)
+ الخط -

قبل ثلاثين عاماً، لجأ نصيب الله مع والدَيه وإخوته إلى باكستان، هرباً من الحرب الدائرة في وطنه أفغانستان. هم انطلقوا من قريتهم القريبة من العاصمة الأفغانية كابول، ليصلوا إلى مدينة بيشاور الباكستانية الواقعة على مقربة من الحدود مع أفغانستان واستقرّوا فيها، وهو لا يزال شاباً في مقتبل العمر. وراح يعمل مع والده لتأمين لقمة عيش العائلة الفقيرة، الأمر الذي حرمه لذّة الحياة. لكنّه اليوم راضٍ بحاله، لا سيّما أنّ "باكستان بلد آمن".

صحيح أنّه لاجئ في باكستان، غير أنّ نصيب الله يقصد أفغانستان بين الحين والآخر، على الرغم من العناء الذي يتكبّده والإجراءات المشدّدة المفروضة على الحدود بين البلدَين. وهو يفعل ذلك لتفقّد أحوال أقاربه وأرض تملكها العائلة هناك. لكنّ جائحة كورونا بدّلت ذلك، فهو لم يعد قادراً على السفر إلى أفغانستان ولا التواصل مع أبناء عمومه. ولا يتوقّف تأثير أزمة كورونا عند هذا الحدّ، فقد تضرّر عمله وكذلك عمل أبنائه، وبالتالي تفاقمت أحوالهم المعيشية سوءاً.

ويعود نصيب الله إلى أوّل أيام لجوئهم، فيخبر أنّ "الهمّ الأوّل حينها كان العثور على سقف يؤوينا وتأمين لقمة العيش. لذا رحنا ننتقل من مخيّم إلى آخر، وصرت وإخوتي الكبار نعمل مع والدنا في شتّى أنواع المهن الشاقة. وأنا كنت قد بدأت أعمل مذ بدأت تمييز يدي اليمنى عن يدي اليسرى". وفي وقت لاحق تزوّج، ليزداد الضغط بعدما رُزق وزوجته بأولاده الستة، خمسة أبناء (وسيع الله، عمران، أرمان الله ، تحصين الله، كامران) وابنة واحدة (إقرأ). ولأنّ الظروف صعبة لم يتابع تعليمه إلا الابن الأصغر كامران والابنة الوحيدة إقرأ. ويقول: "كلّ أب يحلم أن يتابع أولاده تعليمهم ويصيروا مثقفين. كان هذا حملي وكذلك حلم زوجتي، لكن ما باليد حيلة. أحوالنا المعيشية حالت دون ذلك، لكنّنا أصررنا في النهاية على تعليم كامران وإقرأ".



وكان نصيب الله قد استقرّ في النهاية لجهة العمل في بيع الفواكه على عربة صغيرة، فيخرج في الصباح الباكر ويرجع بعد المغرب، وقبله في شهر رمضان. لكنّه اليوم، وسط أزمة كورونا، لا يستطع العمل يومياً. وإذا لم يعمل فهو لن يتقاضى 400 روبية باكستانية (أقل من ثلاثة دولارات أميركية). ويشكو من أنّ "هذا المبلغ لا يكفي لشيء، خصوصاً أنّ علينا تحضير الإفطار والسحور، بالإضافة إلى احتياجات الأولاد الكثيرة من دواء وغيره. كذلك فإنّ العيد على الأبواب، وللأولاد طلباتهم كما هي حال جميع الأطفال". يُذكر أنّ وسيع الله وعمران وأرمان الله يعملون في سوق الخضار من الصباح حتى المساء، فيخرجون مع والدهم ويعودون معه. وهم يجمعون كلّ ما يكسبونه لتأمين حاجات العائلة، لكنّه لا يكفي، علماً أنّهم يعيشون في منزل من الطين لا يقيهم حرّ الصيف ولا برد الشتاء، فيما لا يستطيعون ادّخار أيّ مال لتحسين حالة منزلهم.

المساهمون