نخب بوتفليقة والسيسي

نخب بوتفليقة والسيسي

26 مايو 2014
+ الخط -
"الجزائر تغيّرت مع بوتفليقة، أنا وأصدقائي الآن نشتري الويسكي من الأسواق المحلية، بدلاً من شرائها من الخارج، كما كنا نفعل". فيلسوف زمانه، الشاب خالد.
عندما يتكلّم الشاب خالد، يجب أن يصمت الجميع، فالزمن زمنه والعالم عالمه، ولا صوت يعلو على صوت ملك الراي. هو زمن الخمورجية والحشاشين، زمن الشوَّاذ والمخنّثين، الشرفاء لم يعد لهم مكان فيه. من حق الشاب خالد أن يسرح ويمرح، ويشطح ويردح، وقد تحقق مراده وبلغ أمانيه، فلا ربيع ولا هم يحزنون. اليوم خمر وغداً خمر!
بعدما أتمَّ مهمة التطبيل للرئيس المقعد، سافر إلى مصر ليشرب نخب الفوز المؤكد للسيسي في الرئاسيات المقبلة، وبالمرة يعطي المصريين دروس تقوية في علوم الثورة الحقيقية، الثورة على أصولها..!
ملك الراي، في أحد لقاءاته الإعلامية في مصر، رفض تسمية ما حدث في السنوات الثلاث الماضية ربيعاً عربياً، هو لا يؤمن بثورات الشعوب، الشعوب تثور فقط عندما يصعد هو، وأمثاله، إلى الركح، وحده مَن يعرف سر إثارتها وتهييجها. المشكلة ليست في الشاب خالد، ولا في اقتحامه عالم السياسة وعالم التحليل السياسي العميق، بل في أن هذا الكلام الذي يردده ليس غريباً على أسماعنا، هو الموال الشائع نفسه: مؤامرة كونية، خريف عربي، متأسلمون. تذكرت، أخيراً، أنه كلام فطاحل التحليل وجهابذة السياسة وعباقرة الاستشراف وأرباب الفكر. ولكن، بقي أن نعرف فقط: مَن هو العرّاب؟ أو بالأحرى مَن الذي تعلّم من الآخر؟
لا تقل لي إن الشاب خالد أتفه من أن يردّ عليه المرء، ولا تقل لي إن الشاب خالد لا ينبغي النزول إلى مستواه. يا سيدي: احتفظ بنصائحك لنفسك، وعليك مراجعة حساباتك، الشاب خالد ليس شخصاً عادياً. مت بغيظك.
عندما أدى فخامته اليمين الدستورية في حفل بهيج، كان "الكينغ خالد" أبرز المدعوين، بصحبة الوزراء والسفراء وعلية القوم، بل خطف الأضواء من الجميع، وهو شرف لم تنله قامات فكرية وعلمية وسياسية. أدى خالد دوره على أكمل وجه، فقد دعم بوتفليقة لعهدة رابعة، وغنى له "تعاهدت مع الجزائر"، وقبض النصف مليار، الشاب خالد دعم الرئيس الذي ترشح من غرفة الإنعاش، وأدار الحملة الانتخابية من غرفة نومه، وسيحكمنا، في الخمس سنوات المقبلة، من غرفته المحجوزة في فال دوغراس أو ليزانفاليد.
الشاب خالد كان صريحاً وواضحاً ومباشراً، فقد برّر دعمه بوتفليقة، لأنه وفّر له الويسكي. يا للروعة. أحد أهم إنجازات بوتفليقة المرتقبة في العهدة الرابعة هي أن خالد سيضمن "الخبطة" خمس سنوات مقبلة؟
الأنظمة الشمولية تتمترس عادةً بزمرٍ منتفعة، ونُخَبٍ مغشوشةٍ، وقاماتٍ فارغة مصطنعة، لأنها تفشل في استمالة النخب الحقيقية، واستقطاب الشخصيات المحترمة ذات المصداقية، لذا تستعين "بالمهاويس والمساطيل"، تملأ بهم الفراغ، وتحقق بهم مشروع الإلهاء.
لذا، وجدنا أن أكبر عدوّ لثورات الربيع العربي هم فنانو "الهشّك بشّك"، وشلّتهم من إعلاميي الصحف الصفراء.. الفنانون يحقدون على الشعوب حقداً لا يمكن تخيّله، ربما أحسن مَن عبّرت عن هذا الشعور، وترجمته واقعا ملموساً، الممثلة سماح أنور في الأيام الأولى للثورة المصرية، عندما دعت صراحة، وبمنتهى الوضوح، عبر الفضائية المصرية، إلى إحراق جميع مَن في ميدان التحرير!
وعندما قامت الثورة السورية، خرجت علينا الفنانة السورية، سلاف فواخرجي، لتبرّر دعمها بشار الأسد قائلة: أنا مع بشار الأسد، لأنه ساهم في تطوير الدراما السورية.
خالد دعم بوتفليقة من أجل الويسكي، وسلاف فواخرجي دعمت بشار لأجل الدراما، ولتذهب الشعوب العربية إلى الجحيم.
آخر ما سمعته من "هطل" الفنانين، ما جاء على لسان الممثل هاني رمزي (صاحب دور: غبي منه فيه)، الذي قال إنه سيمنح صوته في الاستحقاق الرئاسي المقبل لقائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، وهذا بسبب أنه رومانسي! رئيس جمهورية رومانسي!

 
avata
avata
مفتاح سحنون (الجزائر)
مفتاح سحنون (الجزائر)