تُجاهد رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، للحفاظ على مسار مفاوضات "بريكست" الحساس، بعد تهديد شريكها في ويستمنستر الحزب "الاتحادي الديمقراطي"، بالتصويت ضد الميزانية العامة المقبلة، وإطاحتها من رئاسة الوزراء، حال شملت الصفقة مع الاتحاد الأوروبي فصل إيرلندا الشمالية عن بقية المملكة المتحدة.
وتجتمع ماي اليوم الخميس مع كبار الوزراء في حكومتها، لإطلاعهم على تطورات المفاوضات مع الأوروبيين، في ظل تهديدات آتية أيضاً من طرف متشددي "البريكست" في حزب المحافظين.
ويُنتظر أن توفر ماي لحكومتها المصغرة المزيد من المعلومات عن وضع اتفاقية "بريكست"، بما فيها خطة المساندة الخاصة بالحدود الإيرلندية، رغم أن حساسية المفاوضات الجارية حالياً ستمنع نشر نص الاتفاق، حتى ما بعد اجتماع القادة الأوروبيين الأسبوع المقبل.
وكان الحزب "الاتحادي الديمقراطي" الإيرلندي قد حذر من أنّ نوابه العشرة في البرلمان البريطاني سيصوتون ضد الميزانية نهاية الشهر الحالي، ما سيحرم ماي الأغلبية البرلمانية التي تحتاج إليها لتمريرها، وذلك إذا قدمت رئيسة الوزراء البريطانية الكثير من التنازلات في القمة الأوروبية التي ستنعقد في بروكسل.
من جهتها، قالت زعيمة الحزب أرلين فوستر الموجودة حالياً في بروكسل، أنها أطلعت الجانب الأوروبي على خطوط حزبها الحمراء، مؤكدة أنه "لا يمكن أن نقبل بوجود حاجز جمركي أو تنظيمي في البحر الإيرلندي، لأننا سنتلقى الأوامر حينها من أوروبا".
وترجم "الاتحادي الديمقراطي" تحذيراته إلى فعل يوم أمس، عندما امتنع عن التصويت إلى جانب الحكومة، ضد تعديل عمالي على قانون الزراعة، وذلك رغم هزيمة التعديل المقترح.
ويأتي تهديد "الاتحادي الديمقراطي" بعد أيام من تحذير مماثل وجهه أعضاء مجموعة الأبحاث الأوروبية المؤيدة لـ"البريكست" المشدد، التي تمتلك فعلياً تأييد نحو 40 نائباً من حزب المحافظين. وكانت المجموعة هددت ماي بالتصويت ضد الميزانية التي سيطرحها وزير المالية فيليب هاموند نهاية الشهر الحالي.
وبينما تصر رئاسة الوزراء على أن الهزيمة بخصوص الميزانية لن تكون بمثابة تصويت بعدم الثقة، إلا أن فشل الحكومة في تمرير ميزانيتها سيشكل إهانة لماي، ويضع منصبها في خطر.
وضاعف بوريس جونسون من مشاكل ماي بقوله إنه يخاف أن تقوم الأخيرة بتحويل بريطانيا إلى مستعمرة أوروبية لإرضاء الحزب "الاتحادي الديمقراطي". وكتب جونسون في تغريدة على تويتر أن مسعى ماي للتفاوض على خطة مساندة للحدود الإيرلندية، التي تبقي على كامل المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي "سيجعل بريطانيا مستعمرة أوروبية دائمة".
وأضاف وزير الخارجية البريطاني السابق: "لا يمكننا التخلص من القوانين الأوروبية ومحكمة العدل الأوروبية حتى يسمحوا لنا، والذي لن يفعلوه أبداً. لم تصوت أكبر أغلبية في تاريخنا لصالح هذا الأمر".
من جهته، قال طوني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، إن الاتحاد الأوروبي سيتقدم بعرض جذاب جداً لبريطانيا حال التوجه إلى استفتاءٍ ثان على عضوية الاتحاد، ليغري الناخبين بالبقاء فيه.
وقال بلير: "إذا قررت ماي فعلاً، حال الشلل البرلماني، أنها ستعيد القرار للشعب، فأعتقد أن أمراً آخر سيحصل حينها... أعتقد أن أوروبا ستتقدم وتحضر للتفاوض على عرض أكثر جاذبية لبقاء بريطانيا (في الاتحاد الأوروبي)".
وبالرغم من عدم إفصاح بلير عن ماهيته، أو عن سبب ثقته بوجوده، يبدو أن هذا العرض الذي تحدث عنه سيشمل تعديلات على حرية الحركة، ستسمح لبريطانيا بالتحكم بالهجرة إليها، وخاصة أنه كان قد لمّح سابقاً إلى استعداد القادة الأوروبيين لتغيير قواعد الهجرة لإبقاء بريطانيا في الاتحاد.
وقال بلير أيضاً إن الاستفتاء الثاني سيكون أيضاً في مصلحة ماي، لأنها لن تستطيع جسر الهوة في المواقف من أوروبا في صفوف حزبها. إلا أنه حثّ نواب حزب "العمال" على التصويت ضد صفقة ماي المرتقبة، وأعرب عن عدم اعتقاده بأن فشل الصفقة سيقود إلى انتخابات عامة، بل إلى استفتاء آخر على "بريكست".