معركة الموصل والخطر المحدق

معركة الموصل والخطر المحدق

21 أكتوبر 2016
+ الخط -
قُبيل انطلاق معركة الموصل العراقية، في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، طُرحت تساؤلات عديدة، فيما إذا كانت المعركة عسكرية هدفها توجيه ضربة قاسمة لتنظيم داعش في العراق، أم سياسية لأجندات الدول الفاعلة.
أخذت المعركة زخماً إعلامياً وطابعاً دولياً إلى درجةٍ أصبح الكلام في الوسط السياسي: ماذا بعد الموصل؟ وهل سيكون هناك ترتيب جديد لمنطقة الشمالين العراقي والسوري؟ إضافةً إلى استفسار مهم متعلّق بأصحاب الأجندات المتصارعة عن سبب تغيّر الوجهة من معركة الرقة السورية إلى التفرّغ التام لتحرير الموصل من قبضة تنظيم داعش.
عسكرياً، يشارك في معركة الموصل أكثر من خمسين إلى ثمانية آلاف مقاتل، من القوات العراقية ومليشيات الحشد الشعبي وقوات البيشمركة الكردية والحرس الوطني أو حرس نينوى، ويجب أن لا ننسى الإسناد الجوي من طيران والتحالف الدولي وخمسة آلاف مقاتل أميركي.
أمام هذه الحشود الكبيرة، من المرّجح أنّ الهدف الأساسي لمعركة الموصل لا يتعلّق بطرد التنظيم، والذي تُركت له الجهة الغربية من الموصل ممرّاً آمناً للانسحاب إلى سورية، وبالتحديد إلى منطقة القلمون عن طريق البوكمال، ويبقى هذا الاحتمال مرتبطاً بطبيعة استراتيجية التنظيم في هذه المعركة، من حيث المواجهة والصمود أو الانسحاب.
فيما دُقّ ناقوس الخطر عن مصير أكثر من مليون والمليون ونصف سني من أبناء الموصل، بدأت موجات النزوح باتجاه سورية وداخل العراق، ولا نعلم لاحقاً أيّ مصير كتب لهم بعد تحذيرات الأمم المتحدة أنّ الموصل ستكون أكبر كارثة إنسانية في العام الجاري (2016)، يُضاف إلى تحذيرات واشنطن أنّ الخطر الداخلي على أبناء الموصل من مليشيات الحشد الشعبي أن ترتكب مجازر بحقهم انتقاماً للإمام الحسين، كما عبّر عن ذلك أحد قادة المليشيات التابعة لإيران.
سياسياً، بات الجميع يعلم أنّ الإدارة الأميركية شارفت نهاية عهدها، وأنّ الرئيس أوباما قرّر أن يختم إرثه الشخصي بانتصار على تنظيم الدولة، والأولوية بالنسبة له هي العراق، وبالتحديد الموصل وليس الرقة السورية التي أُجلت مع تدخل درع الفرات التركية على الخط بتوافق أميركي روسي تركي، لتحييد الحدود الشمالية مع سورية عن الصراع، وبما يتعلّق بالرقة سيكون لها ترتيب خاص، وصولاً إلى منطقة دير الزور وظهير البادية السورية، وهذا ربما يكون المسار الجديد الذي رسمه الرئيس أوباما للإدارة الأميركية الجديدة .
أما تركيا فقد فرضت نفسها بقوة، عشية الإعلان عن بدء معركة الموصل، وكشفت، إلى حدّ ما، المستور وتصريحات الرئيس التركي أخيراً، فتشير إلى ما هو أبعد من معركة الموصل، والتي قد تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي التركي، إذا ما استطاعت إيران أن تضع يدها على الموصل، من خلال إزالة عقبة المكوّن السني أمام مخططها ببسط الهيمنة، ومد النفوذ البري وصولاً إلى البحر المتوسط .
تركيا معنيةً بهذه المعركة، وهي أحق بكثير من القوات الأميركية والفرنسية والمليشيات الإيرانية التي لا أحد يطالبها بعدم المشاركة، ما يفيد بأن تركيا فعلاً في خطر محدق من إيران التي تسعى إلى تدمير الموصل وليس تحريرها.
تفيد جميع المؤشرات بأنّ معركة الموصل سياسية وليست عسكرية، وما تنظيم الدولة إلا ملف بيد كلّ الدول تتخذه ذريعة لوضع موطئ قدم لها في مستقبل المنطقة المرتب لها لما بعد الموصل من أميركا وإسرائيل، فهل سيكون المستقبل تقسيماً على أساسي عرقي، أم سيكون نظام فدراليات مذهبية؟
في جميع الأحوال، كلّ المخططات ستزيد من تمزيق الممزّق، وتعميق الجراح لكل من سورية والعراق، وقد يشمل كلّ الشرق العربي .
FB7E1B28-E9EF-474D-808F-467FC19B57EE
FB7E1B28-E9EF-474D-808F-467FC19B57EE
يمان دابقي (سورية)
يمان دابقي (سورية)