مطالب بمؤتمر استثنائي لـ"العدالة والتنمية" المغربي

مطالب بمؤتمر استثنائي لـ"العدالة والتنمية" المغربي: خطوة تصحيحية أم تمهيد لعودة بنكيران؟

17 سبتمبر 2020
تيّاران داخل "العدالة والتنمية" منذ إعفاء بنكيران من تشكيل الحكومة (Getty)
+ الخط -

يعيش حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، على إيقاع نقاش سياسي ساخن فتحته مطالبة عدد من أعضائه بعقد مؤتمر استثنائي لاختيار قيادة جديدة قبل موعد الانتخابات القادمة المنتظر تنظيمها في صيف 2021.

وشكل إطلاق مبادرة اختير لها عنوان "النقد والتقييم" لمطالبة المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية بعقد مؤتمر استثنائي، حدثا لافتا أمس، بعد أن اعتبر الواقفون وراءها أن خطوتهم وسيلة ناجعة "لإيصال صوت فئة مهمة من قواعد وقيادات حزب وشبيبة العدالة والتنمية، إلى مؤسسة المجلس الوطني"، خصوصا "بعد ازدياد الهوة بين القواعد والقيادات".

وأثارت دعوة أصحاب المبادرة إلى عقد مؤتمر استثنائي، "يتوخى الجلوس مع الذات، وتقييم مسار حافل بالنجاحات والإخفاقات"، قبل الخوض في انتخابات 2021، أسئلة عدة حول ما إن كان الأمر يتعلق بخطوة تصحيحية تروم خلق دينامية داخل الحزب استعدادا لمحطة انتخابية حاسمة، أم هي محاولة للانقلاب الناعم على القيادة الحالية تمهيدا لعودة الأمين العام السابق عبد الإله بنكيران لقيادة سفينة الحزب.

أعلن الواقفون وراء المبادرة لعقد مؤتمر استثنائي حصد مائة توقيع من أعضاء في المجلس الوطني للحزب واللجنة المركزية للشبيبة بعد يوم واحد من الإعلان عنها

وفي الوقت الذي تلتزم فيه قيادة الحزب الإسلامي، إلى حد الساعة، الصمت إزاء مذكرة " النقد والتقييم"، بعد أن اكتفت بتوجيه إلى العاملين بالمقر المركزي للحزب بعدم استلام المذكرة، أعلن الواقفون وراء المبادرة، التي تنتقد تدبير القيادة الحالية للحزب، اليوم الخميس، أن مسعاهم لعقد مؤتمر استثنائي حصد بعد يوم مائة توقيع من أعضاء في المجلس الوطني للحزب واللجنة المركزية للشبيبة، كما أن التوقيعات شملت مختلف جهات وأقاليم المملكة، بالإضافة لأعضاء الحزب بالخارج.

وقال الواقفون وراء المبادرة، في بيان تلقى "العربي الجديد" نسخة منه، إن"الغاية المركزية من المبادرة هي عقد جلسة تقييم ونقد، وإن أنجع وسيلة لتحقيق ذلك هي في إطار مؤتمر استثنائي، فالغاية الأسمى من المبادرة هي النقد والتقييم، وما المؤتمر الاستثنائي إلا وسيلة، وذلك لكون هذا الأخير يعتبر المحطة الأبرز التي يشارك فيها أكبر عدد من قواعد الحزب، بالإضافة لكونه أعلى سلطة تقريرية تتيح إمكانية تعديل الأوراق التأسيسية والقوانين التنظيمية للحزب، بالإضافة لصلاحياته الكامنة في تقييم المرحلة السابقة وتحديد التوجهات العامة في المرحلة المقبلة".

وتأتي الدعوة الحالية إلى عقد مؤتمر استثنائي أياما قليلة بعد دعوة مماثلة وجهها عبد العالي حامي الدين، القيادي بحزب العدالة والتنمية، المحسوب على  تيار الأمين العام السابق، عبد الإله بنكيران. 

وبدا مثيرا للجدل تأكيد حامي الدين، خلال ملتقى شبيبة العدالة والتنمية الأخير الشهر الماضي، على أنه "إذا تطلب الأمر اتخاذ ما يلزم من تصحيحات ولو بعقد مؤتمر وطني استثنائي، فينبغي أن نكون جاهزين له"، وأن "القوى الحية الحقيقية هي التي تعرف التقاط اللحظة التاريخية لإجراء التغييرات الضرورية"، فيما اعتبر مراقبون تصريحاته إيذانا بمحاولة تيار بنكيران "الانقلاب" على الأمين العام الحالي رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بدعوى تحميله مسؤولية الفشل في تدبير الشأن العام، وعدم الاعتراف بالولاية الحالية وتدبيرها.

الباحث في العلوم السياسية، محمد شقير، يربط، في حديث مع "العربي الجديد"، بين ما يعيشه الحزب من زخم تموقع مكوناته وتنافس قياداته في سياق الاستعداد للانتخابات القادمة وبين الدعوة إلى مؤتمر استثنائي، لافتا إلى أنه على غرار اقتراح أحد قياديي الحزب إمكانية التقليص من مشاركته في الانتخابات القادمة وما خلفه من جدل، تأتي هذه المبادرة التي تطالب باتخاذ إجراءات نضالية تعيد للحزب زخمه السياسي، وفي نفس الوقت، تناقش حصيلته الحكومية، وبالأخص الشروط التي قبلها العثماني بمناسبة تشكيل حكومته الأولى، فيما رفضها بنكيران.

بالمقابل، استبعد الباحث المغربي، إمكانية عودة الأمين العام السابق لقيادة العدالة والتنمية، وقال: "على الرغم من أن بعض أنصاره ما زالوا يدينون له بالولاء، إلا أن إمكانية عودته لقيادة الحزب أصبحت غير واردة نظرا لتغير الظرفية السياسية من جهة، وفقدانه لثقة وشعبية قاعدته الانتخابية، من جهة ثانية. وأيضا لفقدانه النفوذ الذي كان يتمتع به داخل أجهزة الحزب"، مضيفا: "تبعا لذلك، لن يحظى بنكيران بأية أغلبية للعودة لقيادة الحزب، بل يمكن الاتفاق على شخصية أخرى تحظى بقبول السلطة وتوافق مكونات الحزب".

وأوضح شقير أن "خرجات بنكيران قد قلت خاصة بعد حصوله على معاش نهاية خدمته الشيء الذي يعني ضمنيا بأن السلطة المقررة والمتحكمة في الخريطة السياسية لم تعد ترغب في عودته إلى الساحة السياسية. وهو ما يبدو أن الرجل قد استوعبه جيدا خاصة بعد إبعاد كل خصومه من القادة الشعبويين كحميد شباط، أمين عام حزب الاستقلال، الذي استقر بتركيا، وإلياس العمري، أمين عام الأصالة المعاصرة، الذي استقر بإسبانيا. ناهيك، عن أن بنكيران قد فقد شعبيته حتى داخل قاعدته الانتخابية". 

وكان حزب العدالة والتنمية قد انقسم منذ تشكيل حكومة سعد العثماني في 5 أبريل/ نيسان 2017، بعد إعفاء بنكيران، إلى تيارين، أحدهما داعم لرئيس الحكومة السابق، وآخر يدعم العثماني ويُعرف أيضا بـ"تيار الاستيزار". وأدى هذا الانقسام، على طول  ثلاث سنوات إلى صراعات حادة بين التيارين على جبهات عدة، دون أن تدفع نحو الانشقاق، بعد أن سارعت القيادة الحالية إلى تدارك الأمر لإطلاق حوار داخلي لدفن الخلافات أو على الأقل تهدئتها.


المساهمون