مصر: حلم الهجرة إلى أوروبا ينتهي بالغرق في المتوسط

مصر: حلم الهجرة إلى أوروبا ينتهي بالغرق في المتوسط

القاهرة

نادين ثابت​

avata
نادين ثابت​
23 سبتمبر 2016
+ الخط -
ارتفع عدد ضحايا مركب الهجرة غير الشرعية الذي غرق بمحافظة البحيرة، شمالي مصر، إلى 153 شخصا، وتم إنقاذ 150 آخرين كانوا على متن المركب الذي حمل قرابة 400 شخص، أغلبهم مصريون وبعضهم من جنسيات عربية وإفريقية.


وقطع أهالي منطقة "برج رشيد" بالبحيرة، صباح اليوم الجمعة، الطريق الدولي الساحلي، اعتراضاً على بطء عمليات انتشال جثث المفقودين، حيث افترش الأهالي الطريق ووضعوا المتاريس والحجارة لمنع مرور السيارات، ما أدى إلى تكدسها على الطريق، للمطالبة بسرعة انتشال جثث الضحايا.
وفيما تتواصل عمليات انتشال الجثث من على بُعد 12 كيلومترا من السواحل المصرية، لا يزال رأس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، يحاول تجميل صورته أمام الغرب على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة التي حملت هذا العام شعار "المهاجرون واللاجئون".

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من عشرة آلاف مهاجر لقوا حتفهم في البحر المتوسط عند محاولتهم الوصول إلى أوروبا منذ 2014، منهم 2800 منذ بداية 2016.
وتحتل مصر المركز الثاني في محاولات شبابها الهجرة غير الشرعية، وفقًا لتقارير المنظمة الدولية للهجرة غير الشرعية، التي أكدت في أحدث إحصائية لها مطلع العام الجاري، وصول نحو مليون مهاجر إلى دول الاتحاد الأوربي منذ أواخر عام 2015، منهم 841 ألف شاب مصري.

ولا توجد في مصر أية أرقام أو إحصاءات رسمية عن أعداد المهاجرين غير الشرعيين، سوى إحصائية تعود لعام 2005، ذكرت أن عددهم يبلغ نصف مليون مصري. أما الأرقام غير الرسمية، فتشير إلى أنه خلال الثمانية أشهر الأخيرة، تعدى عدد المهاجرين بطرق غير شرعية إلى السواحل الأوروبية، 600 ألف مهاجر، 4 في المائة منهم مصريون، أي قرابة 25 ألفا، بينهم 65 في المائة أطفال، بحسب المبادرة المصرية للحقوق والحريات الشخصية.
وفي أبريل/نيسان من العام الماضي، أقر الاتحاد الأوروبي، في اجتماع طارئ لقادة دوله، استراتيجية للحد من الهجرة غير الشرعية إلى سواحله عبر البحر المتوسط، في أعقاب غرق نحو 800 مهاجر في حادث انقلاب قارب قبالة السواحل الليبية، أقر فيه رصد 120 مليون يورو سنويا لتمويل الدوريات البحرية وإرسال سفن حربية ومدنية ومروحيات إلى سواحل دول الجنوب لرصد حركة الهجرة غير الشرعية التي تنطلق من مياهها.

ويروي الباحث نور خليل، تفاصيل عمله بمشروع "بلدنا أولى بولادها- للحد من الهجرة غير الشرعية" بالتعاون مع هيئة إنقاذ الطفولة، برنامج مصر، وبدعم مالي من الاتحاد الأوروبي، في الفترة ما بين 2012 إلى 2014.

يقول الباحث "في البداية كان يسافر الشباب فقط، يهربون إلى الدول الأوروبية بحثا عن عمل ثم زوجة لضمان الإقامة. ثم بدأت الدول الأوروبية تزيد من إجراءات التضييق على الشباب، فبرزت ظاهرة جديدة تتمثل في سفر الأطفال، لأن دول الاتحاد الأوروبي مجبرة على استقبال الأطفال وعدم ترحيلهم باعتبارهم معرضين للخطر في بلدانهم.

يضيف الباحث "تضع دول الاتحاد الأوروبي هؤلاء الأطفال في دور الرعاية بعد التأكد من أعمارهم، وهي الدور التي تشرف على تعليمهم اللغة الأم للدولة، ومهارات أعمال حرفية ليكون لهم قدرة على الدخول في سوق العمل، كما يتم تخصيص مصروف يومي وإجازة أسبوعية لهم".

ويؤكد أن الأهالي في مصر عرفوا تلك المعلومة، فبدؤوا في إرسال أطفالهم من خلال السماسرة والوسطاء، وشرح كيفية السفر، قائلا "السفر يتكلف من 25 إلى 50 ألف جنيه مصري للطفل الواحد (2500 إلى 5000 دولار أميركي)، ومعظم الحالات يتم الدفع فيها بعد وصول الطفل إلى أوروبا، بعد التوقيع على إيصالات أمانة".

"الوسيط قد يكون مدير مدرسة أو مدرسا أو عمدة البلد، يجمع الأطفال ويوصلهم إلى السمسار المنظم للرحلة، وبمجرد أن يجمع بين 100 إلى 300 طفل، يتم تجميعهم على شاطئ يسمى (التخزين أو المخزن) بعد الاتفاق مع صاحب مركب وحرس الحدود. ثم في عرض البحر يكون هناك مركب صيد من المسموح له التحرك في المياه الدولية، يصعد عليه المهاجرون ويختبئون في ثلاجات السمك، بالتزامن مع تبليغ صاحب المركب عن سرقة مركبه، كي يفلت من المساءلة القانونية حال الإمساك بالمركب أو غرقه" بحسب الباحث.
وحول ما قد يحدث للمهاجرين غير الشرعيين حال عدم تمكنهم من الوصول للشواطئ الأوروبية، قال الباحث "هناك حالات كثيرة تغرق في عرض البحر، لأن تلك المراكب تكون غير مؤهلة لحمل أعداد كبيرة من البشر، ومعظمها خرج من الخدمة. وفي حالات أخرى يوهم السماسرة المجاهرين أنهم وصلوا للشاطئ الأوروبي، في حين أنهم يلقونهم بالقرب من الشواطئ الليبية محل النزاع، فيتم إطلاق النار عليهم أو يؤسرون".

وفي حالات أخرى "يتم بيع المهاجرين لعصابات الاتجار بالأعضاء مقابل ابتزاز أسرهم لتحويل مبالغ مالية. كما أن جزءا من المهاجرين غير الشرعيين يتعرضون للاختفاء القسري على يد قوات الأمن المصرية، كما حدث مع كثير من السوريين والسودانيين والفلسطينيين والمصريين"، بحسب الباحث.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، أقرت الحكومة المصرية قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، ينص على إنشاء اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، كما نص على العقوبات الخاصة بجرائم الهجرة غير الشرعية ومنها أن يعاقَب بالسجن أو الغرامة كل من ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها أو توسط في ذلك.

ذات صلة

الصورة
رحاب المقوسي- غزة (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)

مجتمع

بعد ست سنوات على الحادثة، عائلات فلسطينية ما زالت تؤكّد وجود أبنائها أحياء يرزقون في السجون المصرية، بعد أن أعلنت السلطات المصرية غرق سفينة كانوا استقلوها في 6 سبتمبر/أيلول 2014، إلى أرض المهجر في أوروبا، ووفاة ركّابها الـ450.
الصورة
على سفينة إنقاذ في البحر المتوسط (بابلو غارسيا/ فرانس برس)

مجتمع

كثيرون لا يتردّدون في خوض غمار البحر الأبيض المتوسط ووجهتهم أوروبا. هم يرغبون في التخلّص من مآسيهم التي تختلف طبيعتها في أوطانهم. وبعدما كانت حركة الهجرة السرية قد تراجعت بسبب أزمة كورونا، فإنّها عادت لتنشط أخيراً
الصورة
قارب مهاجر من تونس- فرانس برس

مجتمع

بلغ عدد التونسيين الواصلين إلى السواحل الإيطالية 6006 أشخاص منذ بداية العام الجاري حتى نوفمبر الماضي في حين بلغ العدد 6151 عام 2017، وكان عددهم 820 عام 2016، ولم يتجاوز 569 عام 2015، بحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
الصورة
فلسطينيون يطالبون الجزائر بإطلاق سراح أبنائهم(عبد الحكيم أبو رياش)

مجتمع

تحتجز السلطات الجزائرية 53 فلسطينياً غالبيتهم من قطاع غزة منذ أكثر من شهرين، كما صدرت بحقهم أحكام بالسجن ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ، إلا أن ذويهم في القطاع عاجزون عن التواصل معهم منذ ذلك الحين.

المساهمون