مصر... جدل حول سياسات القبول في الجامعات

مصر... جدل حول سياسات القبول في الجامعات

04 يوليو 2016
يحتدم الجدل حول متطلبات القبول في الجامعات المصرية (Getty)
+ الخط -
يعود الحديث عن مدى جدوى وفعالية سياسات القبول المعمول بها في الجامعات المصرية ليشتد مع حلول موعد امتحانات الثانوية العامة في كل عام، ويلح السؤال: هل تصلح نظم الامتحانات القائمة كمعيار وحيد لتصنيف الطلاب بناءً على تفاوت درجات إنجازهم فيها؟ ومع ارتفاع ضجيج التسريبات وفجور ظاهرة الغش التي صارت ترافق امتحانات الثانوية العامة، للعام الرابع على التوالي، بات السؤال أكثر إلحاحاً.

 

البحث عن إجابة

ربما يحتدم جدل صاخب إبان البحث عن إجابة، إذ يرى البعض أن هذا النظام يُضيِّق الفرص المتاحة أمام الطلاب لاختيار الدراسة التي تتناسب مع ميولهم واهتماماتهم، مما يحول دون تفجر وانطلاق طاقاتهم المعرفية والإبداعية، بينما إن أُحسن استغلالها سيعد ذلك برفع نوعية وكفاءة خريجي التعليم الجامعي، مما يصب بالنهاية في صالح سوق العمل، ويعود بالنفع على المجتمع ككل.

من جهة أخرى، فإن استمرار هذا النظام يؤسس للنظرة الطبقية التي صار يتم التعاطي من خلالها مع الكليات والتخصصات المختلفة، فالكليات التي تستقبل أصحاب التقديرات المرتفعة هى كليات القمة التي يتهافت عليها الجميع، وتتبارى الأسر في دفع أبنائها نحوها، ليتسنى لهم التفاخر والتباهي بالمراكز الاجتماعية المنتظرة لهم - ذلك بغض النظر عما يطمح إليه أو يبرع فيه الأبناء بالفعل.

بينما على النقيض، كلما انخفض التقدير المؤهل لكلية ما، انخفض التقدير الاجتماعي لها ولخريجيها. والحل يظنه أصحاب هذا الرأي- ببساطة- في إلغاء التنسيق والتعويل على اختبارات القدرات، وبذلك يتجه كل طالب حيثما يرغب!

وهنا تكمن المفارقة، فإن كان من السهل الاتفاق على إخفاق النظام المعمول به في الفصل العادل بين المتأهلين للتعليم الجامعي بما يحقق الصالح العام للأفراد والمجتمع، فإن البحث عن حل متفق عليه للفصل بينهم أمر صعب إلى حد بعيد. 


آراء متفرقة

عموماً، وبحسب المختصين، يصعب ترجيح إحدى سياسات القبول في الجامعات على أنها الأمثل والتي تصلح لكل المجتمعات، إذ يتفاوت الأمر بحسب النظم التعليمية وحاجات المجتمع وأولوياته وسعة التوظيف في الدولة ومؤشرات سوق العمل.

لذلك، فإنه بصفة عالمية يستعان بعدد من الأدوات المساعدة لقبول الطلاب في الجامعات، بوجه

عام، يعتد بنتيجة امتحانات إنهاء المرحلة الثانوية كإحدى تلك الأدوات، ويزاد عليها أشكال أخرى من التقييم.

بحسب النظام المعمول به في فرنسا، يتعرض الطلاب لما يعرف باختبارات القبول التنافسية التي تنظمها الجامعات المختلفة، لفرز الطلاب المتقدمين إليها، وقد يضاف إليها في بعض الجامعات إجراء لقاءات ومقابلات مع الطلاب، فيما تعتمد معظم الجامعات الأميركية- إلى جانب اختبارات إنهاء المرحلة الثانوية- على اختبارات القدرات المعيارية (SAT)، والتي تُعنى بقياس القدرات الإدراكية للمتقدمين أكثر من قياس التحصيل الأكاديمي المباشر لهم.

هذا، بينما تجمع اليابان بين النظامين في آن، إذ تعتمد على نتائج اختبارات إنهاء المرحلة الثانوية، إضافة إلى اختبارات القبول التخصصية التي تنظمها الكليات، ومعها اختبارات القدرات المعيارية، يضاف لذلك في معظم الجامعات الأوروبية اختبارات قدرات خاصة تعقد للطلاب المتقدمين للتعليم الجامعي في التخصصات الطبية.

بينما تنحو فئة قليلة من الجامعات الأميركية، مثل تلك الموجودة في نورواي وكندا، نحو الانصراف عن الاختبارات النظامية، والاعتبار بملف الإنجاز التراكمي للطلاب "portfolio" طوال فترة دراستهم عموماً، وأثناء المرحلة الثانوية على وجه الخصوص. 


مجتمعات الفساد

ومع ذلك، فمن المُسلّم به أنه كلما نحت نظم الفصل بين الطلاب أكثر نحو الموضوعية وابتعدت عن الذاتية، سمحت بتقديم فرص متكافئة لكافة الطلاب لا تعتمد أية اعتبارات

سوى القدرات الفعلية لكل طالب، لذلك فإن الاختبارات الموحدة هى الأجدى في المجتمعات التي يسود فيها الفساد والرشوة والمحسوبيات، إذ قد يؤدي التوسع في الاعتماد على وسائل القياس الأخرى، مثل اللقاءات والنقاشات والتقديرات المرهونة بالإنجاز التراكمي للطلاب، إلى الفصل بين الطلاب لاعتبارات مادية أو اجتماعية أو غير ذلك.

ربما يضعنا ذلك أمام مدى تعقّد مشكلاتنا التعليمية، فليست المسألة إلغاء الامتحانات التي قد يسرف البعض فيظنها روتيناً نتبعه وحدنا فيما قد تجاوزه العالم من حولنا. كل ما في الأمر أن بوار نظامنا التعليمي ككل يظهر جلياً في لحظات القطاف التي تمثلها "امتحانات الثانوية العامة".. وفي النهاية لا نحصد إلا سيئ ما زرعنا.

المساهمون