مذيع يهزم انقلاباً

مذيع يهزم انقلاباً

25 يونيو 2015
+ الخط -
يهزم الانقلاب في مصر في كل محفل محلي ودولي، وتبقى الصيغة الشكلية له قائمة بضعف وتمايل. هي حقيقة من يخرج على إرادة الشعوب ويقهرها، فكان الخزي يلاحق عبد الفتاح السيسي في ألمانيا، وبعد مهزلة احتجاز المذيع في قناة الجزيرة، أحمد منصور، تلقى الانقلاب صفعة كبيرة وسياسية أخطر مما يتلقاه من الرفض الداخلي له؛ فمنصور هو ضد الانقلاب بإرادته وكلمته، ما يفتح الباب أمام تساؤل كبير ومهم حول هشاشة الانقلاب الذي لم يستطع عامين أن يفتح قنوات مع دول كبرى، كي يبرم معها اتفاقيات أمنية، تتيح له أن ينقل مرض الدكتاتورية والاستبداد لها.
ما زال صدى خطيئة ألمانيا في كل زاوية، ولعلها درس استباقي لكل الدول التي تفكر بأن تجامل الانقلاب على حساب الحريات والقوانين. هو انتصار من نوع آخر ذلك الذي حدث في ألمانيا، فبعد زيارة أقل ما يقال فيها "مسخرة"، قام بها فريق الطبالين والانقلابيين تكللت بصفعات كثيرة، اكتملت بحرية أحمد منصور، فاستجد في الواجهة ملف مهم، هو أن مذيعا انتصر على انقلاب، فكيف بالشعب المصري بأكمله، ومنصور واحد منه. إنها حقيقة مرة سيعيشها الانقلاب في المرحلة المقبلة، لتكون له في كل يوم لعنة تطارده؛ فلم تنس رابعة العدوية وأصوات النساء والأطفال يصرخون ألماً تحت جنازير دبابات الإرهاب والانقلاب؛ ولم يكن ذلك بعيداً عن علماء يقتلون في السجون، لا في ميادين الرياضة وغيرها من محطات الفشل التي تتوالى على الانقلاب.
عرّت قضية منصور الانقلاب الذي بات يتصرف مثل ثور هائج، يعدم المنتخبين، ويحرر المجرمين أمثاله، يد تبطش بالشعب وتدمر مصادر قوته، يعبث بأمنه القومي، ويرضي الصهاينة الذين حلموا طويلاً بتطبيع مع الشعب المصري العظيم.
هي نوافذ وأبواب كانت مفتوحة للانقلاب، لكي يحول مصر إلى متسول على أعتابها، لكنها أغلقت رغما عن أنف حتى حكامها؛ بل وكانت نموذجا ستبنى عليه مواقف كثيرة في المراحل المقبلة، وهذا سينعكس على الحراك الداخلي الشعبي والحزبي في مصر، بأنه لا مستحيل أمام الحرية والكرامة؛ وأن الانقلاب إلى زوال، وما ديمومة مناهضته إلا ولادة الحرية ووأده قبل أن يكون موضة المهزومين والتابعين في العالم العربي والإسلامي، فالشعب المصري يقف أمام مفترق طرق خطير، يحدد فيه مصير خريطة السياسة كلها؛ ولأن الثقة بالله، أولاً، كبيرة، وبإرادة الشعوب، فإن التاريخ لن يسجل فقط أن مذيعا انتصر على انقلاب، بل إن شعبا عملاقا مستمر في ثورته سينتصر، ولو بعد حين.

محمد القيق
محمد القيق
محمد القيق
كاتب ومحلل سياسي، رئيس مجلس طلبة جامعة بيرزيت سابقا، حاصل على البكالوريوس في الإذاعة والتلفزة من جامعة بيرزيت وعلى الماجستير في الدراسات العربية المعاصرة من جامعة بيرزيت، أسير محرّر من سجون الاحتلال الإسرائيلي وعضو في لجنة أهالي الشهداء "كرامة" لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة في ثلاجات الاحتلال الإسرائيلي.
محمد القيق