ماذا سيكتب التاريخ عنك أيها المخلوع؟

ماذا سيكتب التاريخ عنك أيها المخلوع؟

05 ديسمبر 2017
+ الخط -
"إنما الأعمال بالخواتيم".. إلا أن هذه العبارة لا تساوي شيئا أمام قلم التاريخ السياسي الحديث، فالتاريخ يسجل ما له وما عليه من الألف إلى الياء، بعيداً عن النوايا الداخليّة وبدون رتوش..
كان علي عبدالله صالح الرئيس اليمني المخلوع الذي قتل بالأمس على يد الحوثيين، يقول: "إن حكم اليمن يشبه الرقص على رؤوس الثعابين"، فجعل من نفسه "ساحرا" لتحقيق ذلك فأحكم قبضته على اليمن حتى بعد خلعه من الحكم بعد اندلاع الثورة اليمنية، حيث لا يزال لاعبا رئيسا في أحداث اليمن" حتى بعد مقتله على يد حلفائه الحوثيين.

صورة علي عبد الله صالح في التاريخ الحديث..

الصورة الأولى:
علي عبد الله صالح ذلك الرئيس الذي حكم اليمن الشمالي من عام 1978 الى غاية عام 1990 ومن ثم تولى منصب رئاسة الجمهورية العربية اليمنية منذ عام 1990 الى غاية عام 2011 حيث إن جزءا كبيرا من التاريخ الحديث للجمهورية العربية اليمنية مرتبط ارتباطا وثيقا بأسم علي عبدالله صالح وتاريخه للحفاظ على اليمن من خلال إعلانه الحرب 6 مرات على الحوثيين خلال الفترة 2004 - 2010، باعتبارهم قوات خارجة عن النظام، واصفاً هدفهم بـ"العودة باليمن إلى الحكم الإمامي".

استفاد صالح من تلك الحروب الست من أجل الحصول على مزيد من الدعم والإمدادات من دول الخليج العربي لديمومة الحرب ولتعزيز قواته العسكرية، متمثلة بالحرس الجمهوري والقوات الخاصّة، كون النفوذ الحوثي المدعوم من قبل إيران يهدد ويقلق استقرار دول الخليج العربي.

الصورة الثانية:
هل سيصور التاريخ علي عبد الله صالح بأنه الرجل الخائن الذي باع وطنه وشعبه ومحيطه العربي وحلفاءه من دول الخليج العربي من أجل تحالف غير محسوب النتائج مع جماعة الحوثي "أنصار الله" المدعومة من قبل إيران والتي تعمل بالضد من تطلعات الشعب اليمني وتهدد استقرار المحيط العربي للجمهورية العربية اليمنية؟

الصورة الثالثة:
هل ستنحني هامة التاريخ لتسطر له مجداً وعزاً وفخراً وتخلدهُ أقلام التاريخ السياسي الحديث بأنه الرجل الشجاع الذي قاتل جماعة الحوثي "أنصار الله" في قلب صنعاء الموالية للمشروع الفارسي والممهدة للنفوذ الإيراني الذي يهدد أمن واستقرار المنطقة العربية؟

التقلب في تحالفاته هو أبرز المحطات السياسية والعسكرية في حياة صالح، حيث قامت عليه ثورة شعبية في 27 يناير/ كانون الثاني 2011، واحترق جسده على يد الحوثي في حادثة مسجد دار الرئاسة في 3 يونيو/ حزيران 2011، ومن ثم تم نفيه بهدوء من اليمن مقابل إقرار حصانة له من الملاحقة القانونية وتم إقرار قانون الحصانة في مجلس النواب اليمني واعتباره قانونا سياديا لا يجوز الطعن فيه، بحسب المبادرة الخليجية في 3 إبريل/ نيسان 2011، وبعدها عاد صالح إلى صنعاء بحماية الحوثيين بعد تحالفه معهم في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، تم عاد وانقلب صالح على تحالفه مع جماعة الحوثي من صنعاء في ديسمبر/ كانون الأول 2017، وكانت الخاتمة دموية وغير صالحة لصالح حيث تم قتله والتمثيل بجثته على يد الحوثيين أثناء مغادرة موكبه من صنعاء في 4 ديسمبر/ كانون الأول 2017.

تعددت صفات علي عبد الله صالح من رئيس مخلوع بربيع عربي وثورة شبابية يمنية إلى رجل خائن وزعيم حزب المؤتمر الشعبي العام الذي تحالف مع جماعة الحوثي الموالية للمشروع التوسعي الإيراني في المنطقة العربية إلى رئيس سابق لجمهورية عربية بحجم اليمن..

أيها المخلوع والحليف الخائن والرئيس السابق والمشير العسكري المخضرم والرئيس السادس للجمهورية العربية اليمنية وأول رئيس تعد فترة حكمه أطول فترة حكم في تاريخ اليمن.. يا ترى ماذا سيكتب عنك التاريخ الحديث؟
4E37D67F-F2E6-47DE-A34C-0A09289924D0
مصطفى الحديثي

باحث وأكاديمي عراقي - طالب دراسات عليا، حاصل على عدة شهادات دولية في مجال الصحافة والإعلام. يقول: لست إلا لسانٌ حُر يكتُب في هذا الفضاء عن الحق