يعني هذا أن المعركة الانتخابية الحالية لن تكون، كما سابقتها، على "وجهة إسرائيل" أو مصير الأراضي الفلسطينية والحل السلمي، فهذا المصير بات متفقا عليه، لا عودة لحدود 1967، ولا تراجع عن الاستيطان أو انسحاب من القدس ولا من هضبة الجولان.
إنها باختصار معركة على السلطة والحكم، بعد أن ذابت الفروق بين اليسار واليمين، ولم يبق منها أي شيء يذكر. ويعني هذا في نهاية المطاف حربا انتخابية ضروسا على كل صوت، يمكن أن يمنح أحد الفريقين مقعداً إضافياً من أصل 120 مقعداً في الكنيست الإسرائيلي، يرشحه لأن يكون المكلف بتشكيل الحكومة المقبلة.
ويؤكد هذا الوضع المقولة المنسوبة لهنري كيسنجر بأنه لا سياسة خارجية لإسرائيل بل فقط سياسة داخلية، لأن إسرائيل بأحزابها القائمة والمؤثرة فيها اليوم، لا ترى خلافات جوهرية بينها في القضايا الرئيسية التي تتصل بالحدود والأمن وتكريس الاستيطان والاحتلال.
ومع أن الشعار الذي يتحد خلفه مناهضو زعيم الليكود وهو "إسقاط نتنياهو" ويبدو موضع إجماع عند الأحزاب المعارضة للأخير، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن هذه الأحزاب أو بعضها على الأقل ستتخلى عنه. ولا يستعبد أن تتجه لدعم أو المشاركة في حكومة قادمة لنتنياهو، إذا أفرزت الانتخابات فعلاً حالة تعادل تام بين معسكر اليمين بقيادة نتنياهو ومعسكر معارضيه، ينتج عنها حكومة وحدة وطنية بين نتنياهو وحزب بني غانتس لتفادي الذهاب لانتخابات جديدة مرة أخرى.
وفي مثل هذه الحالة قد يكون مؤتمر السلام الذي يخطط له الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كامب ديفيد قبل الانتخابات، ويحضره العرب فيما يغيب عنه نتنياهو، المسوغ الأساسي لانضمام أي من معارضي زعيم الليكود لحكومة برئاسة نتنياهو نفسه بحجة "خدمة المصلحة الإسرائيلية العامة"، وتفضيل مصلحة إسرائيل على مصلحة الأحزاب.