قصص نحيلة

02 ابريل 2015

تذكرتها حين قرأت أنباء زيارة أميتاب باتشان إلى القاهرة

+ الخط -
بأثر رجعي
قامت بفتح تطبيق الآلة الحاسبة على موبايلها، وضَرَبت 8 في 15 في 365، وحين رأت أن ناتج ضرب تلك الأرقام يساوي 43 ألفاً وثمانمائة، ارتسمت على وجهها ضحكة مجروحة، لن يفهم مغزاها إلا الذين قرأوا في ذلك الصباح خبراً، يتحدث عن دراسة علمية أثبتت أن الإنسان يحتاج إلى ثمانية أحضان يومياً.
----
توسيع نشاط
اللافتة المنتشرة في كل شارع وعلى كل عمود نور، كانت تضع رقم تليفون محمول، ومعه عبارة تقول "نشتري كل شيء"، وبالأمس، شخص ما، أضاف إليها عبارة "حتى حبيبات الآخرين".
----
خيال عابر
كان القاضي غاضباً جداً، لأن المتهم الماثل أمامه استخفّ بهيبة المحكمة، حين تجاهل الإجابة عن أسئلة القاضي، واختار أن يضحك بصوت عال، وبرغم إصرار القاضي على أن يعرف سر ضحك المتهم، إلا أن المتهم لم يكن على استعداد للمجازفة بأكثر من حكم الحبس شهراً الذي ناله بسبب ضحكاته. ولذلك، لم يقل أبداً للقاضي إنه كان يضحك من قلبه، لأنه تخيل نفسه وهو يحشر المطرقة الخشبية في مؤخرة القاضي.
----
هو وكمال
قرأت أول سطر وقعت عليه عيناي فيما كتبه، فقلت لنفسي "حصحص الحق، وصدقت ظنوني فيه"، كان البوست الذي كتبه يقول: "أنا وكمال بنستحمى لأول مرة مع بعض، لسه يا دوبك بدأت أدعك ضهره وأحمِّي راسه، لف بسرعة وعضعض صوابعي وجري من البانيو"، وحكاية "الجري من البانيو" جعلتني أجري على السطور سريعاً، وأعود إلى تدوينات سابقة له، لأعرف أن صديقي الغامض أصبح يمتلك قطاً جديداً أسماه كمال، وأنني يجب أن أتخلص من عيبين: سرعة الظن، وإدمان التدخل في خصوصيات البشر.
----
تعسيلة
أمس، غلبني النوم، وأنا أنتظر الأتوبيس، فلم أدرِ إذا كان قد فاتني أتوبيس واحد أم أكثر، لأن اللافتة المثبتة على المحطة تؤكد أن أتوبيساً يعبر كل نصف ساعة، وأنا، من شدة إرهاقي، نمت ساعة أو ربما أكثر. قمت من على الكرسي ذاهباً إلى الحمام، لأغسل وجهي، وأصنع كوباً من الشاي، وأعود لانتظار الأتوبيس بتركيز أكبر، فقد أقسمت ألا يمر هذا اليوم، من دون أن أجد إجابة للغز الذي يحيرني، منذ سكنت هذه الشقة قبل سبعة أشهر: هل تمر بهذه المحطة أتوبيسات أم لا؟ ولماذا لا أرى أحداً ينتظر على هذه المحطة أبداً؟
----
حنان باتشان
تذكرتها حين قرأت أنباء زيارة النجم الهندي، أميتاب باتشان، إلى القاهرة. كان قد مضى على سنتي الجامعية الثانية حوالي 23 عاماً، ومع ذلك ظل لقب "حنان باتشان" ملتصقاً بها، كلما جاء ذكرها طيلة تلك السنوات، أو كلما رأيتها، أنا وزملائي الأشرار، تظهر على هذه الشاشة أو تلك. كانت قد حملت اللقب، حين ظهرت في برنامج تلفزيوني، وهي تقف مبتهجة في مطار القاهرة مع عدد من الفتيات، في استقبال أميتاب باتشان، خلال زيارته الأولى إلى القاهرة، لتصاب بعضهن بحالات إغماء، فور رؤيتهن له خارجاً من قاعة كبار الزوار، ومع أنها نفت لنا، مراراً، أن تكون من الفتيات المُغمى عليهن، وأن إحداهن سقطت عليها بعد الإغماء، فأسقطتها على الأرض، إلا أن زميلة شاركت في الاستقبال كذبت ذلك بحماس غريب، وأقسمت أن زميلتنا التي كانت تبدو، دائماً، في منتهى الجدية والوقار، صرخت بهستيريا فور رؤيتها أميتاب، وحاولت اختراق حاجز حراسته، قبل أن تسقط مغمى عليها.
بعدها بيوم، كتب مصطفى أمين في مقاله اليومي، يهجو الفتيات الجامعيات اللواتي أغمى عليهن في استقبال أميتاب، فتطوعت زميلات لتصوير المقال وتوزيعه، لتقرر زميلتنا أن تغيب عن الكلية شهراً، لعل غيابها يمتص اللغط الذي زاط فيه الكل، وطاب لهم الزياط، وبعد أن مضى الشهر الذي غابته "حنان باتشان"، ومضت بعده سنوات، تابعناها تتنقل خلالها بين المواقع الإعلامية، وتشارك في نشاطات سياسية مختلفة، بل وكتبت في الفكر والثقافة، وقرضت بعض الشعر بعض الوقت، إلا أن ذلك كله لم يمحُ أبداً أثر البهجة الذي يشيع في نفوسنا، حين نذكر اسمها مصحوباً بذلك اللقب القديم.
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.