فلورانس نايتنغيل: لندن تخلّد ذكرى "سيدة المصباح"

لندن

كاتيا يوسف

avata
كاتيا يوسف
08 مارس 2020
B681BC93-323D-4979-8D52-946D27EA2C46
+ الخط -
تحوّلت هذه المرأة إلى أسطورة حية، لتعرف باسم "سيدة المصباح". وقادت ممرضات عالجن آلاف الجنود خلال حرب القرم، كما ساعدت في إنقاذ الجيش البريطاني من كارثة صحيّة. يعتبر هذا واحداً فقط من إنجازات فلورنس نايتنغيل، الممرّضة التي كانت أيضاً أكثر النساء نفوذاً في بريطانيا الفيكتورية، وإمبراطوريتها بعد الملكة فيكتوريا. لكن من هي هذه المرأة في الواقع؟
كانت نايتنغيل ولا تزال منذ ما يزيد عن قرنين من الزمن، مصدر إلهام لكثير من الشباب، للبحث عن دور في مجال الرعاية الصحية، تماماً كما رغبت هي منذ نعومة أظافرها في أن تصبح ممرّضة.
تخليداً لذكراها، تفتتح العاصمة البريطانية لندن، معرضاً جديداً، يتزامن مع اليوم العالمي للمرأة في 8 مارس/آذار ويمتد لغاية 7 مارس/آذار 2021، في متحف "فلورنس نايتنغيل"، في الضفة الجنوبية من لندن، الطابق الأرضي لمستشفى سانت توماس، حيث أنشأت مدرستها للتمريض في عام 1860. وهي أول مدرسة تمريض علمانية في العالم، وتشكّل اليوم جزءاً من كلية "كينغز كوليدج لندن".

نكتشف في هذا المعرض، امرأة ذات مواهب وعيوب كثيرة. امرأة متديّنة بعمق. امرأة تكسر قواعد اجتماعية عديدة وتثير غضب أصدقائها وعائلتها، في رحلة تصميمها على تحسين مستوى الرعاية الصحية للجميع. امرأة تتمتّع بصفات متناقضة، قد تكون أحياناً مضحكة وكريمة، وأحياناً أخرى قاسية وعنيدة. ولدت نايتنغيل في عام 1820، توفيت في عام 1910 عن عمر يناهز الـ90 عاماً واكتسبت شهرة عالمية.
يقدّم المعرض، الوجه الآخر لنايتنغيل الذي قلّما تمّ التطرّق إليه، وذلك عبر استكشاف 200 قطعة تعود لأماكن وأشخاص، مرّت بهم أو أسعفتهم. ويعكس الصورة الحقيقية لشغفها بالتمريض وهواجسها وإنجازاتها. هذه الشخصية التي لا يزال اسمها محط شهرة عالمية وتأثير حتى بعد مرور مائتي عام على مولدها. عند زيارة المعرض، ندرك أسباب شهرة نايتنغيل وديمومتها، وذلك عبر المجموعات الوطنية والخاصة من التحف التاريخية، التي ما هي سوى انعكاس لعطائها الذي لا حدود له.
تتجوّل في المعرض فتاة تتقمّص شخصية نايتنغيل، ترتدي زي تمريض قديماً، وتجيب عن أي تساؤلات قد يطرحها الزوّار. وكانت لـ "العربي الجديد" فرصة سؤالها عن التحفة الأغلى على قلبها، فتحدّثت عن البومة المحنّطة. تقول نايتنغيل إنّ هذه البومة كانت مقرّبة جداً إليها، وعندما اندلعت حرب القرم، اضطرت إلى تركها مع أهلها فوضعوها في العليّة لاعتقادهم أنّها تأكل الفئران. لكنّ البومة أصيبت بصدمة على فراق نايتنغيل وماتت. ومن شدّة حزن الممرّضة عليها، نراها اليوم معروضة بين القطع. كذلك تخبرنا الفتاة عن الفانوس التركي الذي كانت تحمله متنقّلة كل ليلة بين الأسرّة للاطمئنان على مرضاها.

ويعتبر هذا الفانوس من بين المعروضات الرئيسية، وبسببه لقّبت بسيدة المصباح. ومن بين القطع نجد أيضاً صندوق الدواء خاصتها وحافظة الكتابة المزينة بدقّة التي استخدمتها في كتابة 14 ألف خطاب و200 منشور. كذلك يقدّم المعرض القطعة الوحيدة التي نجت من منزلها في منطقة مايفير، وهي مطرقة بابها. هذا الباب الذي شهد زيارات من أمثال جوزيبي غاريبالدي، وتشارلز داروين وويليام غلادستون، عندما عجزت نايتنغيل عن مغادرة المنزل. ويمكننا أن نرى ألبوم العائلة الذي ينتمي إلى ابن عم فلورنس، هنري نيكولسون، ويحتوي على صور لم يسبق أن رآها أحد لفلورنس وعائلتها. كذلك يوجد في المعرض أول زي تمريض، من تصميم فلورنس، ونسخة لها من كتاب أوليفر تويست، إذ إنّها كانت صديقة تشارلز ديكنز، الذي أرسل لها الإمدادات إلى سكوتاري.
الجديد في هذا المعرض، ابتعاده عن التركيز على سرد حكاية "سيدة المصباح" الأسطورية، ليقدّم لنا صورة أكثر واقعية وشمولية عن شخصية إصلاحية ذات بصيرة، وناشطة لا تهدأ وقائدة عالمية ملهمة في مجالها؛ فقد كانت حرب القرم محور اهتمامها، خاصّة بعد وصول تقارير إلى لندن عن الظروف المروّعة التي يعاني منها الجرحى. ففي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 1854، وصلت نايتنغيل إلى تركيا مع مجموعة من 38 ممرضة من إنكلترا، وكانت بريطانيا في حالة حرب مع روسيا (حرب القرم 1854-1856) مع مستشفيات تعاني من ظروف سيئة للغاية. أصيب مئات الجنود في القتال، ولم يحصلوا على طعام وأدوية جيدة لمساعدتهم على التحسّن.
عندما وصلت نايتنغيل إلى مستشفى سكوتاري (اليوم هي ثكنات للجيش التركي تقع في منطقة أسكودار في الجزء الآسيوي من إسطنبول بتركيا)، رأت كيف ينام الجرحى في غرف مكتظة وقذرة دون أي بطانيات. وغالباً ما كان الجنود الجرحى يصلون، وهم مصابون بأمراض مثل التيفوس والكوليرا والدوسنتاريا. وكان معظم الرجال يموتون بسبب هذه الأمراض أكثر من جروحهم.
لا يتوقّف المعرض عن سرد إنجازات نايتنغيل مع انتهاء حرب القرم بل يتابع أيضاً الثلاثين سنة من حياتها، التي تلت هذه الحرب. ويبيّن للزوّار، أن اهتمامها بالتمريض لم يتضاءل، ولم تكتف بما حقّقته، بل أحدثت ثورة في عالم التمريض بتصميمها الذي لا حدود له، على الرّغم من معاناتها من الاكتئاب والمرض. 
المعرض هو جزء من #Nightingale2020، وهو احتفال بهذه الممرّضة، يستمر لمدة عام. ومن فعاليات المتحف، معرض وطني متجول، وإضاءة إكليل من الزهور على تمثال نايتنغيل في واترلو، وخدمة احتفالية في كاتدرائية سانت بول، إضافة إلى برامج جديدة لطلّاب المدارس وأنشطة عائلية متنوّعة.

دلالات

ذات صلة

الصورة

منوعات

كما كان متوقعاً فاز "إفريثينغ إفريوير أول آت وانس" بجائزة أوسكار أفضل فيلم، وباقي الجوائز الرئيسية في حفل توزيع الجوائز الأشهر في عالم السينما لعام 2023، الأحد.
الصورة

منوعات

تقول المشرفة على نص فيلم "راست" Rust ميمي ميتشل، في دعوى قضائية الأربعاء، إنّ نص الفيلم لم يتطلب قط إطلاق الرصاص من مسدس أثناء المشهد الذي كان الممثل الأميركي أليك بالدوين يتمرن عليه عندما قتل مصورة، الشهر الماضي.
الصورة
فيلم "ستموت في العشرين" تويتر

منوعات

اختتمت جمعية "الثقافة العربية" في حيفا، ليلة الخميس، فعاليّة "موسم سينما الانشراح الرابع"، وذلك بعرض الفيلم السوداني "ستموت في العشرين" للمخرج أمجد أبو العلاء
الصورة
غزة مونامور/ فيسبوك

منوعات

افتتحت جمعية الثقافة العربية، ليلة أمس الثلاثاء، فعاليّة "موسم سينما الانشراح الرابع"، وذلك بعرض الفيلم الفلسطيني "غزة مونامور".
المساهمون