عندما سألت لونة الشبل: مَن هي ريما فليحان؟

عندما سألت لونة الشبل: مَن هي ريما فليحان؟

02 فبراير 2014
+ الخط -
الإنكار والتذاكي من أدوات النظام السوري وتكتيكاته التي لا يحيد عنها. ويٌعتبر تساؤل رئيسة المكتب الإعلامي للرئيس بشار الأسد، لونة الشبل، التي خطفت الأضواء في اجتماعات "جنيف2"، عن هوية الناشطة والمناضلة ريما فليحان، ابنة طائفتها ومنطقتها "جبل العرب"، وكذلك إنكارها معرفة السفير الأميركي روبرت فورد بالأستاذ الجامعي السوري الدكتور عماد فوزي الشعيبي، والذي كان مقرباً جداً من الرئيس بشار الأسد، نموذجاً عن هذا التكتيك الذي لا يمكنه الصمود طويلاً، بما أنّه في عصرنا الحالي، لم تعد الذاكرة شفهية، بل موثقة بالصوت والصورة. وهنا عيّنة عن هذا التكتيك السوري النظامي الذي يحاول استغباء العقول والتاريخ.

في العام 2005، وبعد أقل من شهرين من اتهام النظام السوري باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، ومع تصاعد الضغط الدولي على دمشق، توفّي البابا يوحنا بولس الثاني وشارك الرئيس بشار الأسد في مراسم تشييعه في التاسع من نيسان/أبريل 2005، حيث صافح نظيره الإسرائيلي موشي كاتساف. انتشر النبأ على القنوات التلفزيونية، قبل وصول الصور، ما جعل هذه القنوات تتصل بأحد أصدقاء الأسد، مروّج نظرية "دولة القانون والقوة والمؤسسات"، لتأكيد الخبر أو نفيه، فما كان منه إلا أن سارع إلى وصف الخبر بالنكتة السخيفة التي تثير السخرية. 

وأكد الرجل المقرّب من الرئيس أنه "سيقطع يده إن كانت يد الرئيس قد امتدت لمصافحة الرئيس الإسرائيلي". لكن سرعان ما اعترفت وزارة الخارجية السورية بحصول المصافحة التي "لا تحمل معنى سياسياً" على حد تعبير بيان الوزارة حينذاك. وقد برّرت الحدث باعتبار أن "البرتوكول يفرض المصافحة أثناء تأبين قداسة البابا". أكثر من ذلك، فقد أشارت الوكالة السورية للأنباء (سانا) آنذاك أن "السيد كاتساف التفت الى السيد الرئيس بشار الاسد الذي كان واقفاً وسط حشد كثيف من القادة والرؤساء، ومدّ يده مصافحاً الرئيس الأسد، من دون تبادل أي عبارات".

لكن الوزارة لم تبرّر سبب حصول مصافحتين لا واحدة بين الأسد وكاتساف؛ أولهما بعد انقضاء الصلوات، وكان الأسد يجلس خلف كاتساف، وثانيهما أثناء وقوف الأسد والرئيس السويسري، وكانت هذه المرة بمبادرة من الأسد، بحسب ما كشفه كاتساف لوسائل الاعلام لاحقاً.

طبعاً، المصافحة التي شكلت سابقة في الحياة السياسية السورية منذ الاستقلال، لم تكن شكلية، وإنما كانت، بحسب عدد كبير من المراقبين، رسالة من الأسد في حينها إلى الغرب، تفيد بأنه مستعدّ للانفتاح على إسرائيل في حال تخفيف الضغط على نظامه، وهي الرسالة نفسها التي بعث بها عندما بدأت الثورة السورية، من خلال ابن خالته و"مدير بيت مال" العائلة الحاكمة، رامي مخلوف، مهدّداً بعدم استقرار أمن المنطقة وإسرائيل في حال عدم استقرار أمن النظام السوري. وفي حينها، ردّ مخلوف على سؤال لـ"نيويورك تايمز"، عمّا إذا كان كلامه يعني التهديد، قائلاً "لم أقل حرباً، ما أقوله هو لا تضعوا الكثير من الضغوط على الرئيس، لا تدفعوا سوريا إلى فعل شيء لن تكون سعيدة بفعله".

واتّخذت هذه الرسالة اشكالاً فجة من التعبير الواقعي بتنظيم تظاهرات مفتوحة في ذكرى النكبة والنكسة عام 2011، وعلى معبرَي القنيطرة وعين التينة على غير عادة النظام بحصر الدخول الى هاتين المنطقتين بأذونات خاصة لا تشمل الفلسطينيين، والاكتفاء بتظاهرات شكلية بهذه المناسبات، مما أدى الى قيام شباب سوريين وفلسطينيين باقتحام الأسلاك الشائكة، ووصولهم الى داخل الأراضي المحتلة، وسقوط شهداء من بينهم.

وبالعودة للسؤال المتذاكي الذي طرحته لونة الشبل: من هي ريما فليحان، صاحبة مبادرة "خليها نظيفة متل الفل"، وبيان "أطفال "درعا" المشهور بـ"بيان الحليب"، وعضو "الائتلاف الوطني"، فهو جزء من استراتيجية درج عليها النظام تتعمد الانكار ولو كان الموضوع يتعلق بعين الشمس.

المساهمون