عمر سلامة:مشاريع عملاقة لتوفير الأمن المائي حتى عام 2020

عمر سلامة:مشاريع عملاقة لتوفير الأمن المائي حتى عام 2020

14 ديسمبر 2015
مدير الإعلام والاتصال في وزارة المياه الأردنية عمر سلامة
+ الخط -
أكد مدير الإعلام والاتصال في وزارة المياه والري الأردنية، عمر سلامة، أن الحكومة جادة في توفير المياه إلى كافة المواطنين،  وقال في مقابلة لـ "العربي الجديد": نتبع استراتيجية وطنية تقوم على أساس بناء السدود وتحلية المياه، وتطوير الشبكات".
وهنا نص المقابلة:

*كيف تنظرون إلى الواقع المائي في الأردن؟
تعد المياه سلعة ضرورة وحاجة أساسية في حياة الناس، وهي تساهم في تقدم المجتمعات، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنمية الاقتصادية الشاملة لما لها من تأثير مباشر على القطاعات الإنتاجية الزراعية وغيرها، بالإضافة إلى أن المياه تعتبر العنصر الرئيسي في تأمين الاحتياجات الغذائية. نحن في الأردن نواجه مشكلة شح في المياه، إلا أننا وضعنا استراتيجية لتعزيز موارد المياه ورفد الأردن بالكميات المطلوبة من أجل تنمية كافة القطاعات الاقتصادية، وأهمها القطاع الزراعي.

*يعتبر الأردن من الدول الفقيرة مائياً، الأمر الذي ينعكس سلباً على كافة نواحي الحياة الاقتصادية، ما هي الآليات التي يمكن اتباعها من أجل تعزيز الموارد المائية؟
نعم، يعتبر الأردن من الدول الفقيرة مائياً، وقد فرض هذا الواقع المائي الصعب نفسه بقوة، خلال السنوات الأخيرة، على كافة القطاعات الاقتصادية. كما لعبت عوامل عديدة دوراً أساسياً في انخفاض مستوى المياه في البلاد، أبرزها تزايد عدد السكان بشكل كبير، وكذلك الهجرات المتتالية التي تعرض لها هذا البلد عبر العقود الطويلة الماضية نتيجة للأحداث المتلاحقة والمتسارعة في الأقاليم المجاورة. ولاشك أن هذه الضغوطات أثرت بشكل لافت. نحن في الوزارة نعمل جاهدين لتوفير كميات المياه المطلوبة للمواطنين وفق المعايير الدولية، ويتم ذلك من خلال إقامة المشاريع، وبناء السدود، والاعتماد على تحلية المياه كخيار أساسي.

*تتناول العديد من التقارير تأثير التبدلات المناخية على اقتصادات الدول، في الأردن كيف تواجهون هذه التغيرات المناخية؟
يصنف الأردن ضمن قائمة الدول الأكثر فقراً بالموارد المائية، إضافة إلى ذلك يعاني من التأثيرات المناخية. فعلى سبيل المثال، لا تزيد معدلات هطول الأمطار، في أكثر من 95% من مساحة الأردن، عن 50 ملم سنوياً، والجزء المتبقي لا يتجاوز 900 ملم سنوياً، أي أن المناطق التي تتمتع بنسبة جيدة من هطول الأمطار لا تتجاوز نسبتها 5% من المساحة الكلية. أمام هذا الواقع، نقوم بتجميع أكثر من 95% من المياه التي تجري في الأودية ليتم تخزينها في السدود، ونحن نمتلك حالياً قدرة تخزينية تصل إلى نحو 325 مليون م3، كما أن الحكومة تعمل جاهدة لبناء سدود جديدة تصل سعتها إلى ما يقارب 400 مليون م3 قبل عام 2020. من خلال هذه الاستراتيجية نحاول السيطرة قدر الإمكان على أي تبدلات مناخية تطرأ على البلاد.

*تتحدثون عن صعوبة تأمين المياه بسبب الظروف الطبيعة للأردن، في هذا الإطار، كيف تحاولون معالجة هذا الواقع، وما هي تكلفة تأمين المياه للمواطنين؟
تتحمل الحكومة كلفاً باهظة من أجل إيصال المياه إلى المواطنين، وبحسب الأرقام والبيانات، فإن كلفة كل متر مكعب من المياه تصل الى 1,75 دينار(ما يقارب دولارين)، فيما يباع المتر المكعب للمواطن بمبلغ يصل إلى نحو 570 فلساً، ما يعني أن خزينة الدولة تتحمل ما يقارب 1.20 دينار كدعم عن كل متر مكعب. ويقدر حجم الدعم من الدولة لقطاع المياه بحوالي 200 مليون دينار سنوياً، ومن هنا فإن الحكومات المتعاقبة تعمل جاهدة على تأمين المياه بأسعار تناسب التكاليف المعيشية والقدرة المالية لجميع المواطنين دون استثناء.

*هل يتأثر الأردن بما يسمى بـ "فاقد المياه"، وكم هي نسبته وما هي قيمته؟
أولاً، لابد من القول، إن مشكلة فاقد المياه تمثل تحدياً أكبر للمرافق العامة في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب تغير المناخ، وتهدد إمدادات المياه الطبيعية، وترفع تكلفة الموارد المائية الجديدة. في الأردن فإن مشكلة فاقد المياه تعتبر من أكثر المشكلات التي تتطلب حلولاً سريعة نظراً لتأثيرها المباشر على كافة نواحي الحياة.
وتشير الدراسات إلى أن فاقد المياه في الأردن بلغ حوالي 45%، كما أن 75% من هذا الفاقد نتيجة الاستخدام غير المشروع والاعتداءات، وبحسب التقديرات فإن قيمة "الفاقد من المياه" تصل إلى ما يقارب 50 مليون دولار سنوياً.

*بحسب البيانات الرسمية، تقوم الوزارة بالعديد من المشاريع من أجل تطوير أداء شبكات المياه، ما هي أهم المشاريع في هذا الصدد؟
أطلقت وزارة المياه والري برنامجاً متكاملاً لتطوير شبكات المياه في جميع مناطق المملكة الأردنية، حيث تعاني هذه المناطق من قدم الشبكات، وقمنا بتوسيعها بشكل مضطرد ومتزايد، ونفذت الوزارة، خلال العامين الماضيين، مشاريع مياه وصرفاً صحياً بقيمة 1.2 مليار دينار، منها أكثر من 22 مشروعاً لتحسين شبكات المياه. كما أن الوزارة مهتمة بزيادة عدد المشاريع لتأمين المياه بشكل مباشر لجميع المواطنين.

* كيف تفسرون ظاهرة انتشار سرقة المياه الجوفية في الأردن؟ وما هي الإجراءات التي يمكن اعتمادها للحد من هذه الظاهرة؟
نعترف أن مشكلة سرقة المياه من أبرز المشاكل المطروحة، اليوم، نظراً لتأثيرها البالغ. وهناك طرق عديدة يتم استخدامها في عملية الاعتداء على شبكات المياه، منها العبث بالشبكات أو الحفر المخالف للآبار. ونحن في الوزارة عقدنا العديد من الاجتماعات لإيجاد حلول من أجل الحد من هذه الظاهرة. ولعل أبرز هذه الحلول تعديل القوانين، وتفعيل مبدأ العقاب عبر إصدار تشريعات رادعة، حيث تصل العقوبات حالياً الى الحبس ودفع غرامات مالية ضخمة، وتمكنا، من خلال هذه الخطط، من تفعيل شراكة راسخة مع المواطنين لحماية المياه.
وخلال الفترة الماضية، استطعنا تحقيق نتائج جيدة، أبرزها ضبط أكثر 19 ألف اعتداء على خطوط رئيسية، وردم أكثر من 641 بئراً مخالفة، وضبط ما يقارب 159 حفارةً مخالفة لحفر الآبار بطريقة غير مشروعة، وقمنا بتحويل القضايا إلى الجهات القضائية المختصة.

*منذ فترة، قامت الحكومة الأردنية بالتوقيع على مشروع "ناقل البحرين"، ما هي أهمية هذا المشروع بالنسبة إلى الأردن؟
منذ سنوات، تم طرح مشروع "ناقل البحرين" ويقوم المشروع في الأساس على نقل مياه البحر الأحمر من خليج العقبة جنوب الأردن إلى البحر الميت، ويعتبر هذا المشروع مهماً بالنسبة إلى الأردن، حيث يصنف في فئة المشاريع العملاقة لمواجهة نقص المياه المتزايد الذي يعانيه المواطن الأردني، ويحقق تطلعات الأردنيين في الوصول الى واقع مائي مريح كونه سيوفر الاحتياجات المتزايدة لكافة الاستخدامات. وتصل كلفة تمويل المشروع لتنفيذ المرحلة الأولى حوالي 900 مليون دولار وبطاقة تقدر بنحو 85 مليون م3 من المياه سنوياً، وسيوفر المشروع بعد استكمال تنفيذ جميع المراحل تحقيق الأمن المائي الوطني الأردني.

*كيف تقيمون مشروع "حوض الديسي"، وهل سيساهم هذا المشروع في زيادة الموارد المائية؟
يعد حوض "مياه الديسي" من أهم خزانات المياه الجوفية، فهو حوض مائي ممتد كرافد رئيسي وأساسي لمياه الشرب والصناعة في كل من عمان والزرقاء والعقبة وقريباً محافظات الشمال.
ويقع الحوض في جنوب الأردن وتبدأ توسعات الحوض الجيولوجية من منطقة بطن الغول جنوب معان وبمساحة مكتشفة داخل الحدود الأردنية حوالي 4 آلاف كم2، وحوالي 65 ألف كم2 داخل الأراضي السعودية.
وهنالك اتفاقية مع المملكة العربية السعودية تم توقيعها قبل أشهر، تهدف إلى إدارة وحماية المياه الجوفية في طبقة الديسي الأردنية والساق السعودية، وحماية المشاريع المائية في كل من البلدين المستفيدة من مياه الحوض بما فيها مشروع الديسي كمشروع استراتيجي وطني هام للمحافظة على استدامة مصدره وإنتاجيته لمدة تزيد على 50 عاماً.

*كم تقدر قيمة الاستثمار في مشروع الديسي، وكم تبلغ نسبة استفادة الأردنيين من مياه المشروع؟
لقد استثمر الأردن، في هذا المشروع، أكثر من مليار دولار، وتحاول المملكة حماية مصادر المياه الجوفية المغذية لهذا المشروع على مدار السنوات القادمة حفاظاً على حقوق الأجيال القادمة، إذ يعد مشروعاً استراتيجياً هاماً للاستفادة ممّا يقارب 100 مليون م3 من المياه لتغطية حوالي 20 إلى25% من مياه الشرب الوطنية الأردنية لتزويد العاصمة عمان والمحافظات الأخرى بمياه الشرب.

*تلجأ العديد من الدول إلى تحلية المياه لسد العجز، أين هو مشروع تحلية المياه في الأردن؟
وقعت وزارة المياه والري اتفاقية إنشاء وبناء أول محطة لتحلية مياه البحر بطاقة تصل إلى نحو 5 ملايين م3 سنوياً. ولاشك أن غياب الموارد المائية عن الأردن، شكلت أساساً دافعاً مهماً للبحث عن مصادر متنوعة لتوفير المياه، كما أن الجهود منصبة حالياً على تنفيذ إطار شامل لاستدامة موارد المياه وتوفير مصادر بديلة جديدة، بعد أن شرعت الحكومة، ومنذ نحو عامين، بتطبيق سياسات فاعلة ومتماسكة لاستدامة المياه واعتماد نهج متكامل في إدارة موارد المياه، ويعتبر مشروع تحلية المياه أول الحلول الهامة التي لجأت إليها الدولة، كما أن المشروع سيعمل على إيجاد حل دائم للمياه للأغراض الصناعية في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بطاقة 500م3 ساعة، خلال السنوات الخمس القادمة، بالإضافة إلى توفير مياه الشرب.

*هل يلعب القطاع الخاص دوراً في تفعيل القطاع المائي الأردني؟
بالتأكيد، هناك عدد من الشركات الخاصة التي تساهم في تعزيز خطط الوزارة، كشركة "البوتاس العربية" وشركة "صناعات الأسمدة والكيمائيات العربية كيمابكو" و"سلطة المياه"، و"شركة مياه العقبة"، حيث ساهمت جميعها في إنجاز مشروع التحلية الذي يعتبر عملاً رائداً في الأردن.

اقرأ أيضاً:خلدون الخشمان:المياه ستكون محور النزاع العربي المقبل

المساهمون