علي حداد... رجل الأعمال الجزائري "اللغز"

علي حداد... رجل الأعمال الجزائري "اللغز"

17 ديسمبر 2016
علاقة حداد بالحكومة اهتزت خلال المنتدى الأفريقي(رياض كرمادي/فرانس برس)
+ الخط -
يصفه الكثير في الجزائر بـ "رجل الزفت" نسبة لاحتكاره مشاريع إنشاء الطرقات الكبرى، فيما يشبهه أعداؤه بـ "الأخطبوط" و"ابن الجنرالات"، ذاك هو "علي حداد" رجل الأعمال الجزائري الأكثر إثارة للرأي العام، والذي بات يشكل "علامة استفهام" كبيرة بعد نجاحه في التأثير على أصحاب القرار السياسي في الجزائر.

رأى علي حداد النور في 27 يناير/كانون الثاني 1965 في قرية "أزفون" في جبال محافظة "تيزي وزو" 100 كلم شرق العاصمة الجزائرية، يقول علي حداد في مقابلة مع موقع "كل شيء عن الجزائر" سنة 2014 بأنه "من عائلة متواضعة، الأب كان بقَّالاً والأم ماكثة في البيت".

تخرّج على حداد من جامعة "تيزي وزو" سنة 1988، بشهادة مهندس دولة في الهندسة المدنية، و لم ينتّظر كثيرا من الوقت بعد تخرجه ليقتحم مغامرة الأشغال العمومية والصفقات "الرابحة"، إذ أسّس برفقة إخوته الخمسة نهاية سنة 1988 أوّل شركة له في الأشغال العمومية برأس مال 15 ألف دولار (باحتساب سعر صرف الدولار الحالي مقابل الدينار)، واقتحم عالم الأعمال بقوّة تزامناً مع أحداث 5 أكتوبر 1988، واقتنى معهم فندق "لو مارين" بمسقط رأسه بـ "أزفون".

وكبر طموح ابن "أزفون" الذّي بدأ صغيراً بفندق متواضع مع الفوز بأوّل صفقة في قطاع الأشغال العمومية بمدينته "أزفون" لتعبيد طريق لا يتعدّى طوله الـ 14 كلم سنة 1993، ومنه أخذ طموحه يكبر ليصبح اليوم مالك ثاني أكبر مجمع للأشغال العمومية في الجزائر بعد المجمع العمومي "كوسيدار" اسمه "ETRHB" يشغل نحو 15 ألف شخص برأس مال يقارب 800 مليون دولار.

تعرف الجزائريون على "حداد" سنة 2003، بعد فوزه بصفقة إنجاز "الطريق السيار شرق-غرب" بطول 1720 كلم، مشاركةً مع "كوجال" اليابانية و"سيتيك" الصينية، بالإضافة إلى صفقات أخرى لإنجاز طرق سريعة ومشاريع أخرى في مختلف محافظات الجزائر.

وبالموازاة مع الأشغال العمومية اقتحم علي حداد عالم الصحافة سنة 2008 بعد إنشائه لمجمع "وقت الجزائر" الذي تصدر عنه إلى يومنا هذا جريدة "وقت الجزائر" باللغة العربية والفرنسية بالإضافة إلى قناتي "دزاير" و"دزاير نيوز" سنة 2013 و2014.

ولم يتوقف توسع ظل رجل الأعمال علي حداد عند الأشغال العمومية والصحافة بل ولج الرياضة من باب فريق "اتحاد العاصمة" الذي اشتراه سنة 2011 والصحة من باب عقد شراكة مع العملاق الأميركي "فاريان ميديكال سيستم".

ويربط الكثير من المتتبعين الصعود "السريع" لصاحب إمبراطورية "الزفت" بقربه من العديد من الجنرالات من بينهم "الجنرال تواتي" الرجل القوي سابقا في المخابرات الجزائرية والمستشار الأمني السابق للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وهي شبكة العلاقات التي ساعدته على الظفر بالعديد من القروض البنكية بداية العشرية الماضية، ومكنته من أخذ "الصفقات العمومية بالتراضي" مع الحكومة الجزائرية، من بينها إنشاء ملعب "تيزي وزو".

ويرى آخرون أن "قرب" رجل الأعمال من محيط الرئيس الجزائري وبالأخص من شقيقه الأصغر "سعيد بوتفليقة" جعله يصعد إلى "مقدمة المشهد" السياسي ، وهي العلاقة التي قال عنها حداد: "المسؤولون الكبار الذين أتعامل معهم يمثلون بالنسبة لي أصدقاء أعرفهم منذ زمن طويل".

وحسب الخبير الاقتصادي جمال نور الدين فإن "الدليل الأول حول قرب رجل الأعمال علي حداد من أسرة الرئيس الجزائري بوتفليقة كان تمويله للحملة الانتخابية للرئيس الجزائري سنتي 2009 و 2014 حيث أقام حفلة "جمع الشيكات" التي أقيمت في أكبر فنادق العاصمة وبحضور الصحافة الجزائرية والدولية، وهو ما سمح له نهاية 2014 بترأس منتدى رؤساء المؤسسات الذي يعد أكبر تكتل لرجال الأعمال في الجزائر".

ومنذ ترأسه هذا المنتدى لم يعد "علي حداد" يخفي "ضغطه" على الحكومة الجزائرية، إذ اضطر الوزراء إلى استقباله في مكاتبهم بصفة رسمية وأمام عدسات الصحافة، بل دُفع العديد من الوزراء دافعاً نحو اصطحابه معهم في الزيارات الرسمية إلى دول أجنبية، كما قاد علي حداد "دبلوماسية موازية"، وذلك من خلال استقباله سفراء دول كبرى في مقر "منتدى رؤساء المؤسسات" وهو الأمر الذي أدخله في دائرة "انتقادات المعارضة" التي باتت تتحسس منه ومن تصريحاته وجعلتها تصفه بصاحب "الأموال القذرة".

وهي الاتهامات التي رد عليها علي حداد يوم انتخابه على رأس "منتدى رؤساء المؤسسات" بالقول "أنا من أسرة ثورية جدي استشهد في ساحة الشرف، وعائلتي لا علاقة لها بالمال القذر".

علاقة علي حداد بالحكومة الجزائرية اهتزت مؤخرا بمناسبة تنظيم الجزائر لـ "المنتدى الإفريقي الأول للاستثمار والأعمال" قبل أسبوعين، إذ خرج رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال من "المركز الدولي للمحاضرات" أثناء إلقاء علي حداد الكلمة الترحيب، وقد قالت مصادر مطلعة إن "عبد المالك سلال" لم يستسغ أخذ علي حداد الكلمة قبل وزير الخارجية رمطان لعمامرة ووزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، وفق ما كان متفقاً عليه، وهي الحادثة التي جعلت الكثير من المتتبعين يقولون إن "شهر العسل" بين حداد والسلطة قد انتهى.


المساهمون