الجزائريون يتحسسون جيوبهم بعد رفع ضريبة القيمة المضافة

الجزائريون يتحسسون جيوبهم بعد رفع ضريبة القيمة المضافة

10 ديسمبر 2016
ارتفاع الأسعار طاول الكثير من السلع (Getty)
+ الخط -
أصبح المواطن الجزائري على موعد مع ارتفاع جديد في أسعار السلع، ابتداء من يناير/كانون الثاني المقبل، بعد إقرار الحكومة زيادة في ضريبة القيمة المضافة وفق ميزانية 2017، من أجل رفع إيرادات الدولة النفطية، المتأثرة سلباً بالتراجع الكبير في أسعار الخام عالمياً.
وفي مقابل القلق المتزايد من ارتفاع الأسعار، ما يثقل من الأعباء المعيشية على المواطنين، قال وزير المالية، حاجي بابا عمي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة تملك الآليات الكافية للتحكم في الزيادات حتى تصل إلى المستهلك بنفس النسبة دون انفلات فاحش في الأسعار".
ونجحت الحكومة في تمرير قانون المالية لسنة 2017 (الميزانية)، بعد أن صادق أعضاء مجلس الأمة (البرلمان) مساء الأربعاء الماضي، بالإجماع على النص التشريعي، ليكون ساري المفعول بداية من يناير/كانون الثاني المقبل، رغم الجدل الذي أثاره القانون بسبب الزيادات والضرائب التي تضمنها، والتي وصفت بالمجحفة من البعض، في وقت اعتبرها آخرون ضرورية لتفادي تداعيات تراجع إيرادات الدولة.
وعدلت الحكومة الرسم على القيمة المضافة (ضريبة القيمة المضافة) لتتراوح بين 7% و19%، بدلا من 7% و17% في السابق، ليتم رفع الحد الأعلى للضريبة بنسبة 2%.
وغالبا ما تخضع السلع المستوردة للحد الأعلى للضريبة، بينما يطبق الحد الأدنى على مستلزمات الإنتاج لتشجيع الصناعات المحلية.
وتستورد الجزائر الكثير من احتياجاتها من الخارج، وحلت المواد الغذائية في الترتيب الثالث بالنسة لفاتورة الواردات خلال العام الماضي 2015 ، مسجلة 9.3 مليارات دولار، بما يعادل 15.37% من إجمالي فاتورة الواردات البالغة 51.4 مليار دولار.
ويعتبر الرسم على القيمة المضافة من الضرائب، التي يتحملها المستهلك، وبالتالي فهي ضريبة غير مباشرة يدفعها عن طريق سعر شراء السلع الخاضعة لها، وتسري أيضا على الخدمات والعقارات.
ويرى خبراء الاقتصاد أن رفع الرسم على القيمة المضافة هو "مقامرة اقتصادية خطرة"، وأنه بمثابة سلاح ذي حدين بإمكانه توسيع دائرة المنابع المالية، وكذلك إدخال الاقتصاد في حالة "انكماش" وتشجيع الأسواق الموازية لتصبح ملاذ المواطن الباحث عن أسعار منخفضة لمختلف السلع.

ويقول فرحات علي، الخبير الاقتصادي، إن "رفع الرسم المفروض على القيمة المضافة بنقطتين مئويتين من 17% إلى 19% سيسمح بتحصيل 110 مليارات دينار (مليار دولار) في السنة الواحدة حسب توقعات الحكومة وهو الوجه الإيجابي للقرار، لكن الوجه الأخر يتمثل في احتمال تراجع مستويات الاستهلاك بفعل ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للعائلات وهو ما سيؤثر على استثمارات الشركات".
لكن الحكومة تقول إنها ستسعى جاهدة إلى "تقزيم" الأثر الذي سيخلفه رفع الرسم على القيمة المضافة، على القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، وفق ما يؤكده وزير المالية حاجي بابا عمي.
ويقول الوزير لـ"العربي الجديد"، إن "الرسم على القيمة المضافة الذي سيطبق ابتداء من مطلع يناير/كانون الثاني المقبل يبقى أقل مما يُطبق في تونس والمغرب"، مضيفا أن "الحكومة تملك الآليات الكافية للتحكم في الزيادات حتى تصل إلى المستهلك بنفس النسبة دون انفلات فاحش في الأسعار". إلا أن هذه الآليات تبقى حسب المتتبعين للشأن الاقتصادي والتجاري في الجزائر مجرد "آليات ورقية" لا تطبق على الأرض، ما يجعل جيوب المواطنين تحت ضغط الأسعار.
ويقول الخبير المالي، جمال نور الدين، "التجربة كشفت أن الأسعار في الجزائر تخضع لمنطق اللوبيات والتجار الكبار وليس لمنطق العرض والطلب، وهو المنطق الذي وقفت أمامه الحكومة عاجزة". ويضيف نور الدين لـ "العربي الجديد" أنه "ثبت في العديد من المرات أن الحكومة لا تتحكم في الأسواق ولا تراقبها والدليل هو الانفلات الحاصل اليوم في الأسعار، بالرغم من توفر العديد من السلع في الأسواق"، معتبرا أن وعود وزير المالية بضبط الأسواق " مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي".
واستقبل الشارع الجزائري رفع الرسم على القيمة المضافة بالانتقاد، بعدما أنهكته الزيادات التي طبقتها الحكومة مطلع السنة الحالية 2016 في أسعار الوقود والكهرباء والغاز وانخفاض قيمة الدينار عدة مرات.
ويقول سمير شوماني، موظف في قطاع البريد إن "راتبه سيتعرض لضغط إضافي السنة المقبلة، فكل شيء سيرتفع سعره.. للأسف الحكومة تحملنا وزر فشلها وأصبحت جيوبنا هي ملاذها الوحيد لتوفير الأموال".