طقس شديد البرودة يعطل أنشطة الحياة في أنحاء أوروبا

طقس شديد البرودة يعطل أنشطة الحياة في أنحاء أوروبا

28 فبراير 2018
استمرار انخفاض درجات الحرارة (Getty)
+ الخط -
يتواصل تأثير المنخفض الجوي الكبير في معظم أنحاء شمال قارة أوروبا، وسجلت السويد انخفاضا في درجات الحرارة، يوم الأربعاء، وصل إلى 40 درجة تحت الصفر، فيما تقطعت المزيد من الطرق الرئيسية وتأثرت الرحلات الداخلية والخارجية.

وبين السويد والدنمارك انقطع طريق الجسر الواصل بين كوبنهاغن ومالمو وأورسنبرو، قبل ظهر الأربعاء، بسبب حادث سير نتج عن العواصف الثلجية، وتشكّل صقيع بحيث تحولت قيادة السيارات إلى ما يشبه "التزلج على الجليد"، بحسب وصف السائقين.

وأدخل تصادم السيارات العشرات إلى المستشفيات في السويد، ونجا رئيس وزرائها، ستيفان لوفين، من الموت بحادث قرب أوبسالا، الإثنين، حين انجرفت سيارته بفعل الصقيع وهو يقودها على طريق استوكهولم.

وحصد البرد في الدنمارك، اليوم، أول الضحايا بوفاة رجل كبير في السن أضاع طريقه في الثلوج. فيما وجدت بيوت مساعدة المشردين في السويد والدنمارك نفسها تحت ضغط غير مسبوق بتوجيه نداءات إلى المواطنين لتقديم المساعدة وعدم ترك الناس تنام في الخارج.

التحذير من النوم كمشردين بعنوان "نوم الموت"، دفع بمؤسسات إنسانية للبحث عن أماكن تجمع المشردين لمساعدتهم على قضاء ليلتهم في الملاجئ المخصصة، رغم اكتظاظها مع سوء الأحوال واستمرارها. وبدأت بعض الكنائس بفتح أبوابها لتقديم الحساء الساخن للمشردين ومن تقطعت بهم السبل في مدن سويدية ودنماركية.

وبسبب انقطاع الطرقات وخطر قيادة السيارات والحافلات، فقد أغلقت العديد من المؤسسات التعليمية أبوابها في كل من السويد والدنمارك، وبقي المئات في بيوتهم بعد طلب السلطات منهم ذلك.



ولم يعد الأمر مقتصراً على الخوف من الموت برداً، كما هو الأمر في بولندا التي ارتفع فيها عدد من توفي نتيجة انخفاض درجات الحرارة لينضم اثنان إلى 46 وفاة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وفقد ثلاثة أشخاص حياتهم في ليتوانيا، حيث انخفضت درجات الحرارة إلى 24 درجة تحت الصفر.

وأرخت هذه الحال بظلالها على كرواتيا، التي اضطرت فيها السلطات للدفع بالجيش لمساعدة المواطنين على الطرقات وفي المناطق التي وصل فيها ارتفاع الثلوج إلى متر ونصف المتر.

وفي هولندا، تتأثر البلاد أيضا بحالة طقس غير طبيعية، وتأثرت الحركة الملاحية الجوية والطرقات السريعة. وهو تأثر ظهر في أكثر من دولة أوروبية، كإيطاليا ومدن في شرق أوروبا وشمالها. فعادت التحذيرات في ألمانيا من تأثر قطاع الطاقة، وخصوصا الكهرباء إذا ما استمر الجو باردا بهذا الشكل.

وحذر الخبراء في مجال الطاقة من أن "استمرار البرد والصقيع لفترة سيرفع من استهلاك الطاقة ويشكل ضغطاً يمكن أن يؤدي لانهيارها"، لكن في المقابل تؤكد السلطات الألمانية أنه حتى لو أصبح الطقس أكثر برودة فهناك حلول تنظيمية متوفرة من خلال "الطاقة الاحتياطية" التقليدية لكل من ألمانيا والنمسا والمقدرة بنحو 2 جيغاواط التي يمكن تشغيلها خلال وقت قياسي.

وفي جنوب غرب أوروبا، وخصوصا في إيطاليا، التي لم يعتد مواطنو جنوبها، بعكس شمال أوروبا واسكندنافيا، على مثل هذه الأجواء الباردة، خلقت الموجة السيبيرية، اليوم أيضا، حالة من الفوضى التي دفعت الطرقات ثمنها بعدد من الحوادث على طرقاتها.

فإذا كان أهالي نابولي خرجوا، أمس، للعب على البساط الأبيض من الثلوج التي فاجأتهم للمرة الأولى بهذه الكثافة منذ 1956، والأولى منذ 1985، فإن طرقات تأثرت بشكل كبير بحوادث سير قطعت بعضها، إلى جانب توقف الرحلات الجوية في عدد من المطارات وإغلاق بعض المدارس أبوابها وتأخر القطارات لساعات طويلة.

وفي فرنسا، واصلت الثلوج التساقط في 47 محافظة، وكان موعد البلاد، صباح الأربعاء، مع يوم من أشد الأيام برودة هذه السنة، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 10 تحت الصفر في عدة مناطق، وإلى 14 تحت الصفر في سانت إتيان.

وتنتهي موجة البرودة التي لم تعرفها فرنسا منذ سنة 2005، قريبا، كما تبشر الأرصاد الجوية، ويبدأ انحسار البرد ابتداء من بعد ظهر اليوم، رغم التحذير من عودة الثلوج والجليد في جنوب فرنسا، والتي تصل إلى باريس مساء ليلة الخميس.

ورغم تحذير السلطات الفرنسية المسبق من هذه الموجة من البرد، إلّا أنها تسببت في موت أربعة فرنسيين من المشردين وممن يعيشون منعزلين، وإن كانت جمعية "الموتى في الشارع"، التي تهتم بإحصاء موتى الشارع في فرنسا، أكدت احتمال موت آخرين، قد يتجاوزون العشرة، لم يشملهم الإحصاء الأول.

وذكّرت الجمعية بأن أكثر من 50 شخصا ماتوا بين الأول من يناير/كانون الثاني و14 فبراير/شباط الجاري، كما أن الخسائر في أوروبا كانت كبيرة، حيث قتل أكثر من عشرين شخصا، بسبب هذه الظاهرة المناخية التي باتت تعرف بـ"موسكو - باريس".

أما في بريطانيا، فدفعت أحوال الطقس القاسية الشرطة وخدمات الإطفاء إلى إنقاذ المركبات المتوقفة والعالقة في الثلوج، والتعامل مع العديد من الحوادث مع هطول المزيد منها.
كما أغلقت عدة طرق بسبب ظروف القيادة الغادرة، بحسب ما أوردت صحيفة "ذا إندبندنت".

وخرجت شاحنة قبالة طريق الـA90، في ستونهافن عن مسارها، فضلاً عن العديد من الحوادث في أماكن متفرقة من البلاد. كما لقي أربعة أشخاص حتفهم في حوادث في لينكولنشاير وكامبريدجشير، يوم الثلاثاء. وقال ضباط في كامبردجشير إنّ رجلا آخر لقي مصرعه في حادث اصطدام بين ثلاث سيارات على طريق A47، بالقرب من بيتربورو، ما أدّى إلى إغلاق عدّة طرق رئيسية في البلاد.

وما زاد الأمور سوءاً، هو ترك حوالي 500 منزل في نيوكاسل من دون كهرباء بعد نشوب حريق على طريق أونتيلاند، نتج عنه تعطيل إمدادات الطاقة، ما اضطر فريق العمل إلى قطع الكهرباء لإصلاح الكابلات التالفة، وترك المنازل من دون تدفئة.

ويبقى المشردون الأكثر ضعفاً وعرضة للموت مع انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير، لذلك فتحت مجالس البلدية في إنكلترا ملاجئ للطوارئ مع توقع استمرار درجات

الحرارة في الهبوط، إذ لا توجد حماية قانونية للمشردين في بريطانيا خلال فترة الطقس القاسي، بيد أنّ معظم المجالس توفّر أسرّة إضافية حين تهبط درجات الحرارة لمدة ثلاث ليال متتالية.

بدوره، قال عمدة أيتربيك، وهو حي في بروكسل يضم العديد من مكاتب الاتحاد الأوروبي، إنّه طلب من الشرطة نقل جميع المشردين إلى ملاجئ حتى لو لم يرغبوا بذلك، وذلك حفاظاً على سلامتهم.

تجدر الإشارة إلى أنّه تمّ إغلاق المئات من المدارس وتأثّرت وسائل النقل العام مرّة أخرى على نطاق واسع، حيث أفاد العديد من مشغلي السكك الحديدية بأنّ هذا الاضطراب سيستمر طوال يوم الأربعاء، فضلاً عن تعطّل شبكات الهواتف في مناطق مختلفة. ويتوقّع مكتب الأرصاد الجوية أن الثلوج والظروف الباردة لن تتوقف في أي وقت قريب، لذلك مدّد بعض تحذيراته الجوية.

وحذّر من وجود خطر محتمل على الحياة والممتلكات في معظم أنحاء شمال إنكلترا واسكتلندا في الفترة بين الساعة السادسة صباحاً من يوم الأربعاء ولغاية الساعة السادسة مساء من يوم الخميس، مع ما يصل إلى 40 سنتم (15 بوصة) من الثلوج في بعض المناطق.

 

وقد ألغيت بعض الرحلات من مطار هيثرو، بما في ذلك عدد من خدمات الخطوط الجوية البريطانية. كما تحدث مطار "لندن سيتي"، عن احتمال وجود بعض الاضطرابات في الخدمات، في حين قال مطار نيوكاسل إنّه ربما يكون هناك بعض التأخير في إزالة الثلوج عن المدرج.

أمّا مطار جاتويك، فقال إنّ الرحلات كانت تصل وتغادر كالمعتاد ليلة أمس، بيد أنّه أوصى الركّاب بالتحقق من خطوط طيرانهم قبل السفر. وقال مطار إيست ميدلاندز إنّه يعمل بكامل طاقته، لكنه سيراقب تحديثات الطقس على مدار اليوم.

 

المساهمون