ضرائب عمياء في سورية... الفقراء والموظفون أكبر الدافعين

ضرائب عمياء في سورية... الفقراء والموظفون أكبر الدافعين

23 ديسمبر 2017
الطبقة الوسطى تتحمّل القدر الأكبر من الضرائب (الأناضول)
+ الخط -
يكشف البيان المالي لحكومة بشار الأسد، عن موازنة 2018 التي أقرها البرلمان أخيراً بمبلغ 3187 مليار ليرة سورية (نحو 6.5 مليارات دولار)، أن إجمالي الضرائب والرسوم يبلغ 409.5 مليارات ليرة، بنسبة 26,59 % من إجمالي الإيرادات العامة، وتشكل الضرائب المباشرة 29.55 % منها، بينما الرسوم المباشرة والضرائب غير المباشرة تتجاوز 70.45 %.

وتظهر البيانات وجود خلل في الهيكل الضريبي والتحصيل المقدر؛ فالرسوم والضرائب غير المباشرة تعتبر ضرائب عمياء، لأنها لا تميز بين الغني والفقير، كما لا تأخذ بالاعتبار العدالة الاجتماعية، إذ إن شريحة الفقراء والطبقة الوسطى هي من تدفع القسم الأكبر منها، لأن شريحة الأغنياء لا تتجاوز نسبتها 5% من عدد السكان؛ ومهما أنفقت لن يكون لمساهمتها أثر يذكر في حجم هذه الضريبة.

ويعد الموظفون ذوو الدخول الثابتة من أكثر من يمولون الخزانة العامة للدولة، إذ تشكل ضريبة الرواتب والأجور بحدود 28 % من الضرائب المباشرة، بينما ضريبة الأرباح على الشركات تشكل فقط 35.54 %. 

أما ضريبة الدخل المقطوع فلا تتجاوز 9.92 %، وهي الضريبة التي يدفعها أصحاب المهن الحرة من أطباء ومهندسين وأصحاب ورش، لتكون الضرائب المحصلة من الموظفين أكثر من تلك المحصلة من أصحاب المهن الحرة، وبنسبة تقارب ما تسهم به الشركات ورجال الأعمال في الضرائب.

ويشير متخصصون إلى أن نسبة الضريبة المباشرة إلى إجمالي الإيرادات العامة لا تتجاوز 8%، ما يعد أحد أهم الاختلالات المالية. ويمثل نقطة ضعف أساسية في المالية العامة، ويعود ذلك إلى حجم التهرب الضريبي الكبير الذي يفقد الخزينة العامة للدولة مورداً أساسياً، ما يتطلب برأيهم إعادة النظر في النظام الضريبي المطبق وأن يقوم على أسس عادلة وتكون الضرائب التصاعدية هي المساهم الأساسي في موارد الدولة، بما يحقق مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية.

وأكد المحلل المالي، نوار طالب، لـ"العربي الجديد"، أن الضرائب والرسوم المفروضة في سورية أكثر من أن تحصى.
وبيّن طالب أن "الضرائب التي تجبيها وزارة المال فقط، وبعد إلغاء كثير منها ومن الرسوم، هي اليوم 32 ضريبة، كذلك تم تخفيض نسبة العديد من الضرائب، بعد عام 2003، منها ضرائب الدخل، التي تفرض على الأرباح الصافية للمهن الصناعية والتجارية، حيث خفضت من 58.5% كحد أعلى إلى 28%، والرسوم الجمركية على السيارات خفضت من 255% إلى 60%".

وأوضح أن حجم التهرب الضريبي بسورية كان كبيراً قبل الثورة، ووفق تصريح لوزير المال محمد الحسين، يقدّر بنحو 200 مليار (4 مليارات دولار وقتذاك)، وارتفع ما بعد الحرب ليزيد عن 400 مليار ليرة، بين تهرّب ضريبي وجمركي، وذلك بسبب تهرب كبار المكلفين، وعادة بالتواطؤ مع موظفي المالية.

وحاولت سورية منذ عام 1991، عبر أول قانون استثمار للقطاع الخاص "القانون 10"، جذب الرساميل الخارجية، عبر تخفيض الحد الأعلى لنسبة الضريبة على الأرباح، على حسب طبيعة الشركة، إلا أن النسب، 28%، بقيت مرتفعة جداً، مقارنة بالمناخ السوري وما تقدمه دول المنطقة من حوافز وتشجيعات، على الرغم مما تمتلكه من فرص ومناخ يفوق سورية أمناً وعائدات.

وينسب الاقتصادي صلاح يوسف الأسباب إلى عدم توفر البيئة الاستثمارية المشجعة بسورية، وفي مقدمتها ما كان يشاع عن فرض أقرباء بشار الأسد حصصاً على المستثمرين ومشاركتهم بشكل قسري، لتأتي الضرائب المرتفعة بالمركز الثاني التي دفعت الشركات ورؤوس الأموال لتعزف عن سورية.

المساهمون