سيميوني لا يعرف اليأس..القائد الذي جعل الأتليتي أشبه بالجيوش

سيميوني لا يعرف اليأس..القائد الذي جعل الأتليتي أشبه بالجيوش

02 اغسطس 2016
دييغو سيميوني في مغامرة جديدة مع أتلتيكو (Getty)
+ الخط -


"خسارة نهائي دوري الأبطال في ميلانو كانت بمثابة حالة وفاة، والتخلص منها جاء عن طريق فترة حداد صعبة وطويلة". بهذه الكلمات الدرامية وصف دييغو سيميوني الأجواء داخل قلعة الكالديرون، بعد الهزيمة أمام ريال مدريد بركلات الجزاء في آخر مباريات الشامبيونزليغ في الموسم الماضي. ليؤكد الأقاويل التي تحدثت عن تفكيره جدياً في الرحيل بعيداً عن الليغا، لكن عدة أمور جعلته يتراجع ويقرر مواصلة التحدي.

منتخب الأرجنتين
ارتبط الشولو بتدريب منتخب بلاده بعد استقالة تاتا مارتينو، اللاعب السابق للمنتخب الأول، لم ينس أبداً مسيرته الطويلة مع بلاد الفضة، لكن عدم استقرار الأمور داخل الاتحاد الأرجنتيني، والمشاكل العميقة التي صاحبت خسارة راقصي التانغو أمام شيلي في نهائي كوبا أميركا، بالإضافة إلى القرار الصادم باعتزال ميسي، كلها أمور أجبرت سيميوني على التفكير ألف مرة قبل الموافقة، ليتخذ قراره النهائي بالاستمرار.

اجتمع دييغو مع إدارة الأتليتي، وتحدث معهم بكل صراحة حول ما ينقص الفريق من أجل الفوز بالبطولات، بعد خسارة الدوري والكأس وذات الأذنين في النسخة الماضية. حقق أتليتكو مدريد لقب لاليغا في 2014 على حساب برشلونة والريال، ووصل إلى نهائي البطولة الأوروبية مرتين في آخر ثلاث سنوات، لكنه أضاع كل شيء في اللحظات الحاسمة.

من الصعب جداً الرهان على تحقيق الشامبيونزليغ، هناك مؤشرات معقدة تدخل في الحسبة، وتفاصيل صغيرة تنهي الصراع لصالح جانب على حساب آخر، والدليل ما حدث في ميلانو، أتليتكو أقصى المرشح الأوفر حظاً برشلونة، ثم صعد على حساب بايرن الرهيب، لكن غريزمان أضاع ضربة جزاء، خلال التسعين دقيقة، وركلة خوانفران أهدت كلمة الحسم لرونالدو، هكذا هي الأسباب التي تحرمك من فوز وتعطيه لغيرك، أحياناً يكون مستحيلاً التحكم فيها!

ميركاتو ذكي
أنهى الروخيبلانكوس عدة صفقات مهمة هذا الصيف، ليس الغرض منها ضمان فوز ببطولة ما، ولكنها مهمة من أجل استمرارية الأداء البطولي للفريق، وبكل تأكيد لضمان بقاء المدرب لفترة أخرى طويلة. فكرة القدم لعبة تدور حول العملية وليس النتيجة، بمعنى أن النتائج غير قابلة أبداً للتوقع الكامل، ولكن كل مدرب يجتهد قدر استطاعته حتى يوفر لفريقه أرضاً خصبة للنجاح، وهذا ما يجيده بشدة الشولو.

اللاعب الصغير جزء لا يتجزأ من مشروع أتليتكو، لذلك تعاقد النادي مع أسماء شابة مثل الكولومبي رفائيل سانتوس، المهاجم القادم من ديبورتيفو كالي، والذي سيستفيد منه المشروع في كونه ورقة رابحة على الدكة، أو إعارته لنادٍ آخر حتى نضجه، مثله مثل البرتغالي دييغو جوتا لاعب باكوس فيريرا السارق، جناح شاب يجيد تسجيل الأهداف وصناعة الفرص.

تحتاج المنافسة في السوق إلى إرادة حديدية، ليدخل الأتليتي بكامل قوته في صفقة غاميرو، ويجلب مهاجم إشبيلية الرائع إلى صفوفه، لاعب كبير ومن أفضل مهاجمي البطولة الإسبانية، ويستطيع تسجيل الأهداف من أي مكان، رفقة الأرجنتيني القادم من بنفيكا نيكولاس غايتان، اللاعب الدولي المميز على الخط، سواء مع بنفيكا أو منتخب بلاده.

الدفاع قرار
يعتبر أتليتكو مدريد من أذكى وأرقى فرق القرن في النواحي الدفاعية، إنه فريق يجيد بشدة التحكم في الفراغات، ويعرف كيف يغلق كافة الطرق أمام مرماه، مع تضييق الملعب أمام منافسه، وقلب الهجمة في لحظة من الحالة الدفاعية إلى نظيرتها الهجومية، مستخدماً أقل عدد من التمريرات، ومعتمداً على صبغة اللعب العمودي المباشر بروح كرة أميركا اللاتينية.

وحتى يستطيع دييغو تطبيق كامل أفكاره، فإنه يحتاج دائماً إلى نوعية خاصة جداً من اللاعبين، خصوصاً في الحالة الدفاعية. يبحث في أغلب الوقت على مدافع قوي وسريع، يجيد بشدة التعامل مع الكرات الهوائية، ويستطيع ملء كافة مراكز الرباعي الخلفي، حتى يستخدمه ضد أي منافس، وبالتالي لم يشعر كثيرون بغياب غودين في بعض مباريات الموسم، نتيجة جاهزية لوكاس فيرنانديز وسافيتش.

يعاني فريق الشولو بعض الشيء على الأطراف، ويشارك الثنائي فيليبي لويس وخوانفران في مباريات عديدة، حتى نجحت الإدارة في جلب صفقة رائعة، سيمي فرسالجكو مدافع ساسولو وكرواتيا، ظهير أيمن مثالي، يدافع بشكل رائع، ويقدم الإضافة المرجوة هجومياً، مع تمتعه بحس التمركز المثالي الذي يضمن له اللعب كمدافع إضافي في بعض المباريات. عندما يفتش سيميوني عن مدافع جديد، فإنه يعود إلى الأصول، وينادي فقط على سكان الكالتشيو، الدوري الذي قدم للمستديرة أعظم المدافعين على مر التاريخ.

الرقم 1
وضعت صحيفة "فور فور تو" البريطانية، وهي بالمناسبة واحدة من أفضل المراجع المختصة بالأمور التكتيكية والتقنية في عالم اللعبة، قائمة بأفضل 50 مدرباً في عام 2016، ليأتي دييغو سيميوني في صدارة الترتيب، الشولو رقم 1 قبل الفيلسوف بيب غوارديولا، صاحب المركز الثاني، ليصفه الكاتب أنه قدم للأتليتي ما قدمه ستيف جوبز لعائلة آبل.

يقول سيميوني، إن الكرة هي لعبة الأخطاء، ومن يرتكب أخطاء أقل هو من يفوز، ولا يتفق مع القول بأن الفريق الذي يهاجم أكثر هو من يكسب في النهاية، ويستشهد الشولو بتصريحات قدوته مارسيلو بييلسا، حينما قال إن الفرق الكبيرة يجب أن تعرف كيف تلعب بشكل سيء. وبالعودة إلى نصف نهائي عصبة الأبطال، لعب الأتليتي شوطاً أول كارثياً في الأليانز أرينا، لكن وحدة الفريق ككل واستعداد سيميوني للعواقب الوخيمة، مؤشرات جعلت الفريق يعود بشكل أفضل في الشوط الثاني.

الخسارة من ريال مدريد لم ولن تحدث ثورة في أفكار النادي الآخر في العاصمة، لكنها علمت دييغو أن كثرة البدائل خيار غير قابل للنقاش داخل فرق البطولة، لذلك لم يفرط أبداً في أي نجم هذا الصيف، بل أضاف عناصر أخرى جاهزة، فتوريس لم يظهر عندما احتاجه الفريق، وتواجد مهاجم بقيمة غاميرو سيجعل الأمور أسهل في بعض الأحيان، بالإضافة إلى تكامله مع نجم المجموعة غريزمان، ثنائي فرنسي سريع وخفيف، يجيد لعبة التحولات وبارع في تسجيل الأهداف الغزيرة.

لكي ترهق أتليتكو اترك له الكرة، هذه القاعدة منتشرة بشدة في غرف التكتيك، وبالتالي قدوم غايتان بمثابة الخيار المثالي، لأنه لاعب مهاري يحب المراوغة في الأماكن الضيقة، ويسجل أهدافاً عديدة من وضعيات بعيدة، ليصبح هذا الثنائي الجديد أمراً واقعاً داخل التشكيلة الأساسية.

يقول البوهيمي سيزار لويس ميونتي، مدرب بطل العالم في مونديال 78، "المدرب مثل قائد الجيش، يجب أن يعرف جنوده جيداً، لا يضع المصوب الماهر داخل المطبخ، ولا يرمي بعسكري الحراسة في ساحة القتال، لأنه إن فعل ذلك سيكون أحمق. القاعدة الأولى لأي مدرب هي الحصول على مجموعة قريبة من أفكاره، حتى يترجموا ما يريد، ويجدهم في حالة دفاع عنه عندما يحتاجهم"، ودييغو "شولو" سيميوني يشبه هؤلاء القادة، وفي يوم ما سيفوز حتماً بمعركته المنتظرة.

المساهمون