سياحة الإنجاب... تشيلي وجهة روسية للولادات
بعد تعذّر الحصول على التأشيرة الأميركية، قررت سيدة الأعمال الروسية، إيرينا كوزيك، التوجه برفقة زوجها إلى جمهورية تشيلي الواقعة على امتداد الساحل الغربي لأميركا الجنوبية، لوضع مولودها حتى يحصل على الجنسية التشيلية، ويتمتع بما تمنحه من مزايا السفر حول العالم من دون تأشيرة مسبقة.
وبحسب مؤشر "باسبورت إندكس"، فإن جوازي السفر التشيلي والبرازيلي يتقاسمان المرتبة الأولى في أميركا اللاتينية لناحية عدد الدول التي يمكن السفر إليها من دون تأشيرة، وذلك بواقع 160 بلداً، متفوقين بذلك حتى على بعض الدول الأوروبية مثل سان مارينو وأندورا وكل بلدان رابطة الدول المستقلة التي تضم جمهوريات سوفييتية سابقة.
تقول كوزيك لـ "العربي الجديد": "منذ فترة ليست ببعيدة، أصبحت لدى العائلات الروسية فرصة للإنجاب في الخارج، وهذه حرية إضافية لتنقّل أبنائها حول العالم. هناك وجهات ذات شعبية عالية مثل مدينة ميامي الأميركية، وكنا نخطط للإنجاب هناك، ولكن طلب التأشيرة قوبل بالرفض، فتوجهنا إلى تشيلي".
وحول مزايا الإنجاب في تشيلي التي اكتشفتها، توضح: "على عكس الولايات المتحدة، ليس هناك نظام الضريبة المزدوجة في تشيلي، ولن يتعين على ابننا تقديم إقرارات ضريبية إذا لم يكن مقيماً هناك بشكل دائم. أضف إلى ذلك سرعة إجراءات استخراج أوراق الجنسية التشيلية للمولود الذي لا يزيد عمره عن شهر واحد بعد الولادة، في مقابل ما لا يقل عن شهرين للجنسية الأميركية".
ورداً على سؤال حول مدى أمان سفر النساء في مراحل متأخرة من الحمل مسافات بعيدة، تقول: "في الواقع، ما من إثباتات طبية تتعلق بأضرار السفر للحوامل. لكن شركات الطيران تشترط ألا تكون الراكبة قد تجاوزت الأسبوع الـ 35 من الحمل خشية الولادة على متن الطائرة. وبعد الولادة، يمكن للرضيع السفر بعد مرور ثلاثة أسابيع".
بعد عودتها إلى موسكو، قررت كوزيك وزوجها ألكسندر لوكيانوف، تأسيس مشروع لمساعدة العائلات من روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة في السفر إلى تشيلي بهدف الإنجاب، من خلال الاستحواذ على حصة في شركة Chile Kids التي تقدم خدمات متكاملة لتنظيم الولادة في تشيلي وإجراءات الحصول على جنسيتها.
ويتحدث لوكيانوف عن عدد من مزايا حمل الجنسية التشيلية، قائلاً لـ "العربي الجديد": "يتيح جواز السفر التشيلي السفر من دون تأشيرة إلى نحو 160 بلداً، كما أنه جواز السفر الوحيد في العالم الذي يتيح دخول كل دول مجموعة السبع الكبرى (بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا واليابان) وروسيا من دون تأشيرة. إضافة إلى ذلك، يمكن لحامليه الاستفادة من الإجراءات المبسطة للحصول على الجنسية الإسبانية، وبطاقة الإقامة فالجنسية التشيلية للوالدين".
وحول ظروف الإنجاب في تشيلي، يضيف: "تجري عملية الولادة في بلد تتوفر فيه خدمات طبية راقية ويتسم بظروف طبيعية ومناخية معتدلة ولا يتطلب تأشيرة، وذلك بكلفة مقبولة تتراوح ما بين 13 و15 ألف دولار تشمل السفر وإقامة الزوج والزوجة لمدة شهرين، في مقابل نحو 30 ألف دولار في الولايات المتحدة".
ويظهر الاطلاع على موقع شركة Chile Kids أن أسعار رحلات الإنجاب إلى تشيلي تبدأ من 2600 دولار أميركي للفئة التي تجيد الإسبانية، وصولاً إلى 16.5 ألف دولار للعرض الشامل (بدل إيجار شقة لمدة شهرين وثلاث جولات سياحية ودورات لغة إسبانية وغيرها).
وبحسب مؤشر "بلومبيرغ" للصحة العالمية، فإن تشيلي تتفوق بصورة طفيفة على الولايات المتحدة في مجال صحة السكان، ما يعكس مستوى متطورا لمنظومتها الطبية.
وعلى صعيد الأمان، تعد تشيلي ثاني بلد أكثر أماناً في الأميركيتين بعد كندا، متفوقة على الولايات المتحدة أيضاً، وفق مؤشر الجريمة العالمي. وعلى الرغم من أن تشيلي لم تصبح وجهة رائدة لسياحة الإنجاب بعد، إلا أن لوكيانوف يتوقع ازدهاراً قريباً لهذه الخدمة بعد انتهاء جائحة كورونا. يضيف: "أتوقع أن تتحول تشيلي إلى قبلة سياحة الإنجاب خلال العامين المقبلين. وفي ظل سعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتعقيد إجراءات الحصول على الجنسية الأميركية، ستفضل أعداد متزايدة من العائلات عدم المخاطرة واختيار وجهة بديلة للإنجاب".
وعلى الرغم من أن التعديل الـ 14 للدستور الأميركي ينص على أن جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو المتجنسين يُعتبرون مواطنين أميركيين، إلا أن ترامب لوح أكثر من مرة بإمكانية إلغاء منح الجنسية الأميركية تلقائياً لكل من ولدوا على الأراضي الأميركية.
على الرغم من ذلك، يقول المسؤول في شركة "لا-بابا" المتخصصة في ترتيب إجراءات الإنجاب في الولايات المتحدة، إيليا كيسيليوف، في حديث سابق لـ "العربي الجديد"، إن أي محكمة أميركية قد تبطل قراراً كهذا يصدره ترامب، لأنه يتعارض مع الدستور الأميركي الذي ينص صراحة على أن كل من ولدوا في الولايات المتحدة هم رعاياها.
