سفاسف الأمور

09 يناير 2015

منوعات ...

+ الخط -
* لماذا لا يتحرك غالبية المسلمين في حياتهم العامة، بنفس الخفة والرشاقة والمرونة التي ينتقلون بها من ترديد عبارة "ومن قال لك إن منفذي العملية الإرهابية مسلمون؟"، إلى عبارة "يستاهلوا، هم بدأوا والبادئ أظلم"؟.
* لم تعد تحتاج إلى كثير من الوقت، بقدر ما تحتاج إلى كثير من الصدق مع النفس، لتدرك أن الشعوب المسلمة أصبحت أكبر "كارتون مسيء للرسول". المشكلة أنه كارتون غليظ، يخلو من كل معالم الجمال وخفة الظل.
* للأسف يمكن تلخيص الكثير مما قرأته وشاهدته من تعليقات كثيرين ممن أعرفهم على جريمة مهاجمة صحيفة "شارلي إيبدو" وقتل رساميها، في الفقرة التالية: "على كل من تسوّل له نفسه أن يسخر من ديننا الحنيف ومقدساتنا الإسلامية، أن يتقي الله ويراجع نفسه فوراً، ويدرك أننا أبناء دين الرحمة والعدل والإنسانية، وإلا فأقل ما لدينا قطع رقبته هو واللي يتشدد له".
* من شدة حماسي لرواية (رافي بركات)، التي كتبها الداعية عمرو خالد، أفكر في تحويلها إلى فيلم سينمائي، من بطولة النجم المصري الخليل كوميدي والنجمة اللبنانية ميا خليفة.
* يتميز الإنسان عن غيره من الحيوانات بأنه الحيوان الوحيد، الذي عندما تحدث مصيبة بالقرب منه، لا يقوم بطلب الإسعاف بنفسه، بل يصرخ "حد يطلب الإسعاف".
* مع ما نقرأه في الصحف الآن من عجائب أخبار المحاكم والنيابات، لن أستبعد إذا تمت محاكمة مواطن لأنه أرسل إلى حبيبته رسالة يقول فيها: "نفسي أقول لكل العالم أحاسيسي"، دون أن يدرك أن "الأوتو كوريكت" اللعين الموجود في موبايله، سيقوم بقسمة إحدى كلمات الرسالة إلى نصفين، قسمة ستحول الرسالة من مجرد بوح عاطفي إلى موقف سياسي، يجلب له الويل والثبور وعظائم الأمور.
* لا علاقة للأمر بالسن، ولا بالتغيرات الفسيولوجية، ببساطة، تتحول طفلتك إلى امرأة، في اللحظة التي تدرك أنها "اتقمصت" من انتقادك لتسريحة شعرها.
* من البلاهات التي سرت بيننا حتى صرنا نعتبرها كلاما جادا وعميق المغزى، تلك الجملة التي يقول فيها زيد أو عبيد وهو يتخذ لنفسه سمت المهموم: "مشكلة مصر أن الكل فيها يعمل فقط من أجل ذاته ومصلحته"، والحقيقة أنه لو كان كلٌّ منا يعمل من أجل ذاته ومصلحته لأصبحت مصر أكثر الأمم تقدما، لكن مشكلتنا أن أغلبنا لا يعمل أصلا، لا من أجل ذاته ولا من أجل ذات غيره، وهذا لعَمري، بعضٌ مما "جابنا ورا".
* زاد استمتاعي بالأبوة بعد أن تعلمت متأخرا درساً شديد الأهمية، هو أن أهم شرط يجب أن تراعيه في اختيارك لألعاب أبنائك، أن تكون ألعابا تحبها أنت أيضا، لكي يمكن أن تلعب بها بعد أن يزهقوا منها، وهو ما يحدث عادة بعد استخدامها لمدة ثلاث ساعات، فتصبح اللعبة بعدها ملكا لك إلى الأبد.
* يمكن أن تعتاد الكآبة إذا تعاملت معها كاختيار أنت وحدك الذي قبلت به ورفضت معاندته، تماما كما يعتاد الذين يسكنون إلى جوار المطارات إزعاج صوت الطائرات، لأنهم يتصالحون مع حقيقة أنهم لا يملكون ثمن السكن في مكان أكثر هدوءاً.
* صدقني، الأمور ليست دائماً كما نتخيلها حتى وإن بدا تخيلنا لها شديد المنطقية. هل تريد أن تقنعني أن أي عازف قدير في فرقة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، كان يعود إلى بيته من بروفات أغنية "سلوا كؤوس الطلا"، أو "أراك عصي الدمع"، ليجمع زوجته وأولاده، ويعقد معهم حلقة نقاشية لتحليل جماليات القصيدة التي كان يتدرب عليها؟ مع أنه ربما كانت أول جملة يقولها عند دخوله البيت "هه الغدا جاهز؟"، وربما كانت ثاني جملة يقولها "كل يوم زفت بامية"، ولعله كان إذا قام أحد أولاده بتشغيل الراديو بصوت عال في أثناء دخوله ليرتاح، يصرخ بعزم ما فيه "اطفوا الزفت ده، دماغي واجعاني من الخبط والرزع طول اليوم"، حتى لو كان من يغني في الراديو عبد الوهاب أو أم كلثوم ذات نفسها، ومن يدري؟ ربما كانت زوجة ذلك العازف حين تراه نائما إلى جوارها، مثل "الخسّاية الدبلانة" وشخيره يهز "ضرفة الدولاب"، لم تكن تلتمس العذر له، لأنه يشارك في صناعة تاريخ الغناء العربي، بل ربما كانت تقول لنفسها "الله يقطع فرقة أم كلثوم على بروفات أم كلثوم.. الراجل بقى له تلات أسابيع ما لمسنيش".
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.