سفاسف الأمور

06 فبراير 2015

هندسة (Getty)

+ الخط -
* أنا أيضاً بكيت من التأثر، حين سمعت ذلك الفنان الجميل، يحذر الإرهابيين بحماس شديد، قائلاً لهم إن مصر ستكون حفرة يُدفنون فيها، لكنني تذكرت بعدها عبارة (مصر مقبرة الغزاة)، التي أبكت أجيالاً قبلنا من فرط الحماس والتأثر، فبكيت مجدداً، وتمنيت أن يتوب الله على الأجيال القادمة، لكي لا تعيش في حفرة أو مقبرة.
* منذ سنوات، كلما سمعت رئيساً أو وزيراً يقول للناس في خطبة ما "لازم نجوع عشان مصر"، تنفتح شهيتي للأكل بشدة، بعد أن أتخيل أنواع الأكل الشهي التي أكلها قبل إلقائه خطبته.
* يمكن أن ألخص لك الكثير من كتب التاريخ في العبارة التالية: تبدأ رحلة الشعب المصري مع الحاكم بالثناء على البطن التي أنجبته، وتنتهي بلعن أسفل البطن التي أنجبته.
* كانت ابنتي الصغرى تزجي وقت فراغها في الحديث تليفونياً مع زميلتها، وكنت أتصنت على المحادثة، كأي أب "واعي"، لأفاجأ بابنتي تسأل زميلتها: "هو انتي لابسة إيه دلوقتي؟"، قلت لنفسي، وأنا أكتم نوبة ضحك عارمة "آه لو تعرف ابنتي كم كان أبوها يوماً ما مولعاً بهذا السؤال؟".
* لا أحب الدفاع عن نفسي، لأنني بصراحة لا أحب الدفاع عن القضايا الخاسرة.
* أنا أكثر حظاً من سقراط، فهم يقولون إن سقراط قتله أصدقاؤه، لأنه كان لا يعطيهم فرصتهم في الكلام.
* ربما لا أستطيع التحكم في علاقتي بالعالم، لكنني أستطيع أن أتحكم في احتفاظي بكراهيته.
* قال لي: غريبة يعني لم ترد على رسالتي التي "نقضتك" فيها، لم تتهمني بأنني خروف، كما فعلت مع صديق لي من قبل؟ قلت له: لكل مقام مقال. ولذلك، لا يمكن أن أصفك بأنك خروف، لأنه حتى الخروف يعرف أن كلمة "النقد" تُكتب بالدال، وليس بالضاد.
* لولا أننا نقوم دائماً بتقديم حُسن النية، لاعتبرنا أن أبذأ الأغنيات العربية على الإطلاق هي  التي يغني فيها عبد الوهاب "ذهبي الشعر شرقي السمات.. كلما قلت له خذ قال هاتِ".
* اشتمني بعمتي، ولا تقل لي "كنت فاكرك محايد".
* يميل الناس، عادة، عند فقدان محبيهم، إلى القول إن الموت يصطفي أخيار الناس وأفاضلهم، وهو قول لم يقله إلا رجل شرير، كان يريد تضليل الناس عن حقيقة أن الموت رمرام، يأكل كل ما يتم تقديمه له بشهية مفتوحة لن يسدها إلا قيام الساعة.
* لا تعطني سمكة، ولا تعلمني كيف أصطاد، اطلب لي كيلو مشكِّل من كبابجي أبو شقرة، وأنا كده تمام.
* تبدأ علاقة الطفل المصري بفكرة الإيحاءات، واستخدام الكلام ذي المعنى المزدوج مبكراً جداً، تحديداً منذ تلك اللحظة التي يستغرب فيها لماذا يتوقف الجميع عن غناء أغنية محمد فوزي (ماما زمانها جاية)، بالتحديد عند عبارة "راح مديله حقنة في.."، ليضحكوا بشكل مثير للريبة، قبل أن يكملوا الغناء قائلين "في إيده؟ عارف اداله الحقنة ليه؟".
* مع أنه لا حياء في العلم، ومع أننا جميعاً نعلم أن السمك يتزاوج، مثل أي كائن حي، لكن أحداً لم يشرح لنا بدقة ما إذا كان السمك يشعر برغبة جنسية، تصاحب قيامه بالتزاوج، وهل لديه أي منافذ لتفريغ الشهوة، مثل الزواج، كالعادة السرية، مثلاً، خصوصاً أن وجوده في الماء سيجعل ممارسته لها أسهل، بدون حاجة إلى مناديل أو سوائل مساعدة؟ وهل يمكن، مثلاً، أن يكون الكافيار هو حاصل تجميع ممارسة السمك البوري للعادة السرية؟ إذا كنت ترى أن هذه الأسئلة تافهة وحقيرة ومنحطة، دعني أذكرك أن عشرات الآلاف من البشر في وطننا لا يجدون حرجاً في الحكم بالإعدام على 500 شخص، وقتل المئات في وضح النهار، ويعتبرونه ضرورة لازمة لاستئناف حياتهم، وهو ما يجعل السؤال عن ممارسة السمك العادة السرية أكثر رقياً وفائدة، ولا أظنك لو كنت قد خضت مناقشات عبثية من التي تعتبر أرواح البشر أرقاماً لا قيمة لها، ستلومني لو انشغلت بمناقشة حياة السمك الجنسية، لأطرح فيها فرضاً علمياً يزعم أن البطروخ الموجود بداخل ذكر السمك هو العضو الذي تمارس به العادة السرية، عندما يهيج البحر.
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.