زيارة الكاظمي لواشنطن: اعتبارات سياسية تحكم موعدها وجدولها

زيارة الكاظمي لواشنطن: اعتبارات سياسية تحكم موعدها وجدولها

12 يوليو 2020
نوقش ملف القوات الأميركية في العراق (الأناضول)
+ الخط -

على الرغم من تأكيد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، وكذلك المتحدث باسم الحكومة أحمد ملا طلال، أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي سيزور واشنطن للمشاركة في جولة المباحثات الثانية ضمن الحوار الاستراتيجي الأميركي العراقي، إلا أن مسؤولين عراقيين في بغداد أكدوا لـ"العربي الجديد" أن الإدارة الأميركية لم تحدد حتى الآن موعداً للزيارة. كما لم يتم حسم إجراءات سمات الدخول إلى الولايات المتحدة لأعضاء الوفد المقرر أن يكون مع رئيس الوزراء لأسباب تتعلق بالجانب الأميركي وليس العراقي. وتبرز توقعات بتغيير موعد الزيارة الذي حدد نهاية الشهر الحالي، لأسباب تتعلق بوباء كورونا أميركياً، وبالوضع الداخلي في العراق، والأزمة المحتدمة بين الكاظمي والمليشيات المدعومة من إيران، خشية أن يكون أي اتفاق أو تقارب بين حكومة الكاظمي وواشنطن بمثابة فرصة لتصعيد أكبر من قبل حلفاء طهران. وبعد مرور أكثر من شهرين على منح الثقة لحكومة الكاظمي، لم يُجرِ لغاية الآن أي جولة خارجية، بسبب الأزمتين المالية والصحية اللتين تضربان العراق، وخلّفتا آثاراً واضحة على مختلف المستويات، وأخيراً التوتر الأمني مع الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، وعودة الهجمات الصاروخية مجدداً على المناطق المهمة في بغداد، وأبرزها المنطقة الخضراء ومطار بغداد ومعسكر التاجي. وسبق لمسؤولين عراقيين أن أكدوا أن الكاظمي ينوي القيام بجولة خليجية إقليمية، فضلاً عن زيارته المرتقبة إلى الولايات المتحدة. وتختلف مهمة ونوع الملفات المطروحة بين دولة وأخرى، لكن العامل المشترك بينها هو الحصول على الدعم في تجاوز الأزمة المالية، وإبعاد العراق عن الاحتكاك الأميركي الإيراني بالمنطقة.


ينوي الكاظمي القيام بجولة خليجية إقليمية أيضاً

وأفاد مسؤول بارز في مكتب رئيس الوزراء في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أول من أمس الجمعة، أنه لغاية الآن لم تحدد الإدارة الأميركية يوماً معيناً للزيارة، ولم تطلب السفارة الأميركية أسماء الوفد الذي سيكون برفقة رئيس الوزراء حتى يتم استصدار سمات دخول لهم إلى الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الزيارة رغم الاتفاق عليها، لكن ما زال موعدها غير محدد أو معروف لغاية الآن، غير أن هناك تواصلا حيال الملفات التي سيتم طرحها في مفاوضات الجولة الثانية من الحوار برئاسة الكاظمي.

وأوضح أن الموعد المبدئي المطروح نهاية الشهر الحالي قد يتغير، والأسباب التي يجري الحديث عنها هي ترتيب مهام أعمال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ووباء كورونا والاحتياطات المتخذة في البيت الأبيض تحديداً، لكن هناك من يطرح موضوع الأزمة العراقية الحالية والاحتقان الحاصل بين الكاظمي والمعسكر السياسي والفصائلي المدعوم من إيران، إذ قد تنعكس الزيارة بشكل سلبي على هذا التوتر بين الطرفين. وأكد أن الجولة الثانية من الحوار العراقي - الأميركي لا يتوقع أن تشهد توقيع اتفاقيات أو مذكرات تفاهم بين الطرفين لاعتبارات سياسية عدة، وسيتم مواصلة جلسات الحوار، لكن سيكون هناك دعم أميركي للعراق عسكري وقد يكون مادياً أيضاً، نافياً الحديث عن إلغاء زيارة الكاظمي إلى واشنطن.

وأقرّ بيان مشترك بين الفريقين المتحاورين العراقي والأميركي، عقب الجلسة الأولى للحوار التي عقدت منتصف الشهر الماضي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة وبمستوى وكلاء وزراء، جملة من التفاهمات، من بينها تقليص عدد القوات الأميركية في العراق، من دون الإشارة إلى سحبها. وهو ما أثار اعتراض الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق، فضلاً عن المعسكر السياسي الذي يوصف عادة بأنه مدعوم من إيران وعلى رأسه تحالف "الفتح"، وائتلاف "دولة القانون"، بزعامة كل من هادي العامري ونوري المالكي.

عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، مختار الموسوي، تساءل في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، عما وصفه بـ"سر الغموض الذي يلف زيارة الكاظمي إلى واشنطن"، مضيفاً أنهم سمعوا بالتفاصيل من وسائل الإعلام وتصريحات بعض المسؤولين، ولم تبلغ الحكومة لجنة العلاقات بالموضوع". وشدّد الموسوي وهو نائب عن تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لمليشيات "الحشد الشعبي"، على أنه "من الضروري وجود تمثيل برلماني في زيارة الكاظمي إلى واشنطن، حتى تكون هناك رقابة على ما سيجري من حوار وتفاوض أو اتفاقات، وسنعمل على تضمين الوفد نوابا من اللجان المختصة، على مختلف الأصعدة".


الكاظمي حالياً في اختبار وامتحان من الجانب الأميركي، لمعرفة قدرته على إدارة العراق

وأوضح أن "أي اتفاق يجريه الكاظمي مع الولايات المتحدة، يحتاج إلى تصويت مجلس النواب العراقي، ونحن لن نصوّت على أي شيء يسمح ببقاء القوات الأميركية لفترة أطول، كما ستتم دراسة أي اتفاق، ورفضه إذا كان يتعارض مع قرار البرلمان العراقي القاضي بإخراج كل القوات الأجنبية من العراق". وأضاف أن لجنته سترسل كتابا إلى مكتب رئيس الوزراء للكشف عن موعد الزيارة وطلب وجود وفد برلماني مرافق للوفد الحكومي، بالإضافة إلى كشف أهم وأبرز المحاور، التي يسعى العراق إلى الحوار أو الاتفاق عليها مع الجانب الأميركي.

في المقابل قال الخبير بالشأن السياسي والأمني أحمد الشريفي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن تحديد موعد الزيارة أو حتى تفاصيلها بالنسبة للعراق سياسي وصحي متعلق بوباء كورونا والإجراءات المتخذة. وقال إن "الأمر سياسي وهو المهم لدى واشنطن، فهي تريد رؤية تعامل الكاظمي مع الملفات المهمة والعاجلة الحالية داخل العراق، وعلى رأسها قضية الفصائل المسلحة الموالية لإيران، التي تعمل على استهداف المصالح الأميركية، وفي المقابل لا ترى أي جدية من قبل بغداد في ردع هذه المجموعات".

وأضاف "نعتقد أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حالياً في اختبار وامتحان من الجانب الأميركي، لمعرفة قدرته على إدارة العراق، خصوصاً بعد حادثة اغتيال الخبير والباحث هشام الهاشمي، فواشنطن تراقب الكاظمي على التعامل مع ملف الجماعات المسلحة خارج سلطة الدولة، ولهذا لم يتم تحديد موعد الزيارة، وهذا الموعد يحدد بعد اقتناع الجانب الأميركي بإدارة الكاظمي، لعدم رغبته دعم حكومة عراقية مؤقتة غير قادرة على إدارة البلاد". واعتبر الشريفي أن "الوضع الوبائي لفيروس كورونا خطير، فهناك مخاوف من تصاعده خلال الأيام القليلة المقبلة، وهذا الأمر قد يدفع إلى تأجيل الزيارة إلى موعدٍ آخر".