رقيب على الخبز في تركيا

رقيب على الخبز في تركيا

10 فبراير 2017
الأفران تنتج أكثر من المطلوب (كريس ماكغراث/ Getty)
+ الخط -
تواصل تركيا حملتها ضد رمي الخبز في القمامة، وما فيه من خسارة لاقتصادها. وتنظم فعاليات لتوعية المواطنين في هذا الخصوص

في مواجهة الإسراف في استهلاك الخبز، تستمر الحكومة التركية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني وبمساندة وسائل الإعلام في حملتها للحدّ من كميات الخبز التي تصل إلى القمامة. وبالفعل، تدنى عدد قطع الخبز التي ينتهي بها المطاف في القمامة من ستة ملايين يومياً إلى أربعة ملايين و900 ألف قطعة، بحسب رئيس اتحاد الفرّانين الأتراك إبراهيم بالجي.

يقول بالجي: "على الرغم من هذا النجاح ما زلنا نعاني، فالرقم الذي يصل إلى القمامة حالياً ما زال كبيراً جداً وتتحمل الأفران جزءاً كبيراً منه". يشير إلى أنّ الاتحاد يحاول بالتعاون مع الحكومة أن يتوصّل إلى تشريعات ومراسيم تمنع ذلك.

من جهته، ينبّه الدكتور أيلم إيزغي فاضل أوغلو، المسؤول عن برنامج التقنيات الغذائية في "جامعة يشار" في مدينة إزمير، من القيمة المالية المرتفعة التي تذهب سدىً مع رمي الخبز في القمامة. يقول إنّ الاستهلاك غير الواعي للخبز، يؤدي إلى خسارة يومية تقدّر بخمسة ملايين ليرة تركية (مليون و335 ألف دولار أميركي) أي نحو 1.8 مليار ليرة (480 مليون دولار) سنوياً، وهذا رقم كبير للغاية يمكن الاستفادة منه في تنمية قطاعات عدّة في البلاد".

وللتأكيد على أهمية المبالغ المهدورة في الخبز، تشير الدراسات إلى أنّ هذا المبلغ قادر سنوياً على إخراج 84 ألف عائلة مؤلّفة من خمسة أشخاص من تحت خط الفقر، أو تغطية مجموع رواتب 128 ألف عامل يعملون بالحدّ الأدنى للأجور، أو توفير منح لـ387 ألف طالب لمدّة عام بقيمة 280 ليرة (75 دولاراً) شهرياً عن كلّ واحد منهم. كذلك، بإمكان المبالغ هذه تغطية نفقات 63 مستشفى فيها 100 سرير لمدة عام، أو 394 مدرسة بـ 16 فصلاً في كلّ منها، أو 217 مجمّع سكن جامعي يستقبل كلّ واحد منها 300 طالب، أو بناء طريق بطول 433 كيلومتراً.

يقول فاضل أوغلو إنّ الهدر أساسه الأفران التي تنتج من الخبز أكثر مما يباع، "والأرقام تشير إلى أنّ 51.4 في المائة من نحو خمسة ملايين قطعة خبز مهدورة تبقى في الأفران، لتُرمى بعد ذلك أو تُباع علفاً للحيوانات، بينما يهدر 37.9 في المائة منها في المنازل و10.7 في المائة في المطاعم والمقاصف والفنادق". وهو ما يؤكده بالجي: "من بين 91 مليون قطعة خبز تنتج يومياً في البلاد، يذهب نحو خمسة ملايين إلى القمامة نصفها يبقى في الأفران غير مباع، بينما تُهدَر في منازلنا 1.4 مليون قطعة، وفي المطاعم والفنادق ومقاصف الطلاب نحو نصف مليون قطعة". يتابع: "سبب ذلك كثرة الأفران في البلاد، ما يؤدي إلى إنتاج زائد عن الحاجة من الخبز الذي لا يُحفظ في ظروف مناسبة، وكذلك التساهل مع الأفران غير المرخّصة. بالتالي، علينا العمل على التوعية حول وجوب شراء ما نحتاجه من الخبز وإنتاج ما يمكن بيعه فقط".

يشير بالجي إلى أنّ المشكلة في العقلية الاستهلاكية التركية التي تحسب دائماً حساب ضيف قد لا يأتي، ما يؤدي إلى مراكمة الخبز في الخزائن، فيصبح غير قابل للاستخدام في وقت لاحق. من جهته، يدعو فاضل أوغلو المواطنين الأتراك إلى شراء الخبز تبعاً لنوعية الطعام. يقول: "بدلاً من شراء الخبز كلّ يوم بالمقدار نفسه، علينا أن نضع نوعية الطعام الذي سوف نتناوله في عين الاعتبار، ولا يجب علينا أن نشتري الخبز من الفرن بينما نحن جائعون لأنّ هذا يؤدي إلى شراء كميات إضافية فائضة عن الحاجة، بسبب الشهوة التي تولّدها رائحة الخبز. كذلك، لا بدّ من حفظ الخبز في أكياس، على أن يقدَّم على المائدة مقطّعاً، ووضع الفائض منه في في الثلاجة".

وكانت الحكومة التركية أطلقت حملة كبيرة في عام 2013 تحت عنوان "لا تسرف في خبزك" بإدارة مجلس الحبوب التركي التابع لوزارة الأغذية والزراعة والثروة الحيوانية. تشجّع الحملة المواطنين على تناول خبز القمح الكامل وليس المقشور، فالأول يحتوي على فوائد غذائية أكبر. تتراوح نشاطات الحملة بين فعاليات تركز على الأطفال في المدارس وتوعية المواطنين عبر وسائل الإعلام، بالإضافة إلى التركيز على كيفية استخدام الخبز القديم في طبخات جديدة.

ويؤكد نائب مدير مجلس الحبوب التركي رفيق كايهان أونال أنّه بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحملة التي أقامت في هذه الفترة أكثر من 500 فعالية للتوعية، تحقق انخفاض جدي في عدد قطع الخبز المرميّة يقدّر بـ18 في المائة، ما وفّر على الاقتصاد التركي نحو تسعة مليارات ليرة (ملياران و414 مليون دولار). كذلك، انخفض شراء المواطنين للخبز بنسبة 10 في المائة ما يعادل 300 مليون ليرة (80 مليوناً و409 آلاف دولار) سنوياً.

دلالات