خليفة داعش مطمئناً

خليفة داعش مطمئناً

13 يوليو 2014
+ الخط -


أول ما تبادر إلى ذهني، حينما علمت أن داعش سرقت من التاريخ الإسلامي سربال الخلافة، بعد أن سرقت بترول سورية، هو المولى إدريس الأكبر، الذي لم يحل في المغرب، إلا تنفيذاً لمشيئة إلهية قضت، لحكمةٍ ما، بحرمان الخلافة العباسية من جناحها الغربي. ثم تأسست الدولة المغربية، وأوغلت في بناء مستقبل خالص لها، قَدَّتْهُ قداً، حريصة على ألا تضع، أبداً، في معصمها سوار الخلافة، مشرقية كانت أو أندلسية.

ثم تساءلتُ من باب المجاراة، لِمُدَعي الخلافة الذي يستحق دخول موسوعة جينيس باعتباره سيد لصوص البشرية حالياً، أحقاً يمدّ الرجل يده ليبايعه حتى المغاربة؟ إلى هذا الحد أطمعه بعض شبابنا الغفل، ممن التحقوا بركبه، بنا؟

حينما حاولت أن أرسم "بروفايل" للخليفة القادم عنوة عن التاريخ، استبدت بي صورة الروكي بوحمارة التي يعرفها المغاربة جيداً. وهو دَعِي الُملك، الذي دوّخ المخزن العزيزي، وبعض قبائل شرق المملكة، في مستهل القرن العشرين، مدعياً أنه الأمير الأسير مولاي محمد، وقد نهض لتصحيح الملك العلوي.

انتهى الأمر بهذا الدَّعي، بعد بيعة مسروقة، وقوة عسكرية واقتصادية، تأتت من أجانب متحرشين بالمغرب، أسيراً لدى السلطان عبد الحفيظ، ثم وليمة لسباع القصر بفاس، رغم كل الدفاع الأجنبي الذي تأتّى له. من غير الواضح المصير الذي ينتظر خليفة الوقت، بما أنه أيضاً سليل وضع دولي وإقليمي، تتقاطع فيه مصالح أقوياء العالم وأثرياء المنطقة، ومخابراتها، بهدف تفجير المنطقة برمتها.

آخر الوصفات التي انتهت إليها الولايات المتحدة في حربها على ما أسمته الإرهاب الإسلامي العالمي، والذي آذاها في عقر دارها؛ بتدريبٍ وتسليح منها، تقول "لا تَحَكُّمَ في الإرهاب إلا بالإرهاب". فمن السذاجة، الآن، أن يقول محللون، بذهول، إن إدارة الرئيس باراك أوباما ممتعضة إزاء "الفتوحات" العراقية، لأبي بكر البغدادي؛ وهي التي رافقته في تغريبته السورية التي أنقذت نظام بشار الأسد من وطأة "النصرة" والجيش الحر وضغط ثورة الشعب السوري.

كيف ينهزم جيش نظامي أمام رئيس عصابة يدّعي الخلافة، لولا أن هذا الجيش مبرمج على التدمير الذاتي، منذ رُكِّب بيد أميركا، قطعة قطعة. لا شك أن الخريطة العسكرية الحالية في العراق ستشكل موضوعاً ممتعاً وملغزاً ضمن الدراسات الأكاديمية العسكرية، فلدينا جيش قرر، بدل الدفاع عن كل العراق، الدفاع عن بغداد فقط. ضمن تكتيك حربي يقتضي التخلي عن الأسلحة الثقيلة للعدو، وطيّ مسافات الهروب برشاقة وخفة الغزلان.

في خطبة الجمعة التي ألقاها مُدّعي الخلافة في مسجد الموصل التاريخي بدا البغدادي مطمئناً إلى أنه في مأمن من غدر طائرات "الدرون" الأميركية؛ ذات الخبرة الطويلة في القنص الجوي الآلي، بينما الجيش العراقي يمارس "الهاراكيري"، بمعزل عن معنويات الساموراي.

حينما تشتعل النيران في آبار النفط، وتتجاوز قدرات الإطفاء، يعمد المختصون إلى استحداث ثقوب جانبية، وإشعال حرائق فيها لإضعاف الحريق الأصلي والتحكم فيه. وهكذا ظهور أمراء دمويين عرفوا كيف ينفذون إلى الشباب في مساحات الفقر والجهل، ليتخذوهم مطية لتحقيق أغراضهم، وأغراض سادتهم، بعيداً عن قيم دين شيمته السلم، وتاجُه العلم وصولجانه العدل.

أصدق نزال هو ما يجب أن يتم في هذه المساحات التي لا يبدو أن المجالس العلمية، لقصور بنيوي ووظيفي، قادرة على النفاذ إليها. المطلوب إستراتيجية، تنتقل من الجلباب الأبيض الأنيق الى تأطير متكامل، علمي، اقتصادي، اجتماعي، سياسي وأمني لمنازلة الموقعين بخلافة مسروقة، وغيرهم من أسياد التطرف والهلاك، حيث يجدون المدد، في أزقتنا الخلفية التي لا تصل إليها الشمس.

6996357D-3338-414E-930A-F84D47A65269
6996357D-3338-414E-930A-F84D47A65269
رمضان مصباح الإدريسي (المغرب)
رمضان مصباح الإدريسي (المغرب)