خرافة قصف المخابرات المصرية إثيوبيا

03 يناير 2016

عملية بناء سد النهضة في إثيوبيا متواصلة (الأناضول)

+ الخط -

 

لا يؤمن المسؤولون عن إدارة صفحات الإنترنت التابعة للأجهزة الأمنية بنظرية "كدب مساوي ولا صدق مجعرف"، لأنهم يعرفون أن أغلب زبائن صفحاتهم المخلصين ليسوا مهتمين، من الأساس، بعرض ما فيها على ميزان العقل، لبحث ما إذا كان صدقاً أم كذباً، فهم فقط محتاجون إلى أي كلام مطبوع على أي ورق، أو على أي شاشة، يؤكد لهم، بأي شكل، أنهم لم يخطئوا حين اختاروا عبد الفتاح السيسي رئيساً، وحتى حين يثبت لهم الواقع خطأ اختيار السيسي رئيساً، سيصدقون أي كلام تردده تلك الصفحات أو غيرها، طالما كان يؤكد لهم صحة اختيار الجنرال الذي يليه، وهكذا دواليك، حتى يأتي جنرال الأحلام بالنسبة لهم، وهو الرجل الذي سينجح في شكم البلد، وإخراس كل صوت معارض، مهما كان حجمه وتأثيره، ليعيد إليهم أيام حسني مبارك الجميلة، حيث كانت الغرغرينا تسري في جسد الدولة في هدوء جميل. 

منذ أسابيع، سرى كالنار في هشيم الإنترنت، "بوست" مجهول المصدر، يتحدث عن بطولات المخابرات المصرية في عهد الرئيس أنور السادات، وإحباطها، بشكل سري للغاية، أول محاولة إثيوبية لبناء سد على نهر النيل، بعد أن كانت إثيوبيا قد أنكرت أنها تبني سدوداً على النيل، فأرسل السادات طائرات تابعة للمخابرات العامة لقصف السد الإثيوبي، وحين احتجت إثيوبيا، قال لها السادات: ومن قال إن هناك سداً لكي نقصفه أصلاً. ومن دون أن يشرح البوست كيف تمكنت الطائرات المصرية، محدودة المدى وقتها، من قطع كل هذه المسافة للوصول إلى عمق إثيوبيا، يركز على ختم القصة بعبارة (خليك واثق في مخابراتك وأسود جيشك)، التي فبركت القصة خصيصاً من أجلها، لكي يصم المواطن "الصالح" أذنيه عن كل "الخونة" الذين يكشفون مخازي الإدارة المصرية ومهازلها للمفاوضات مع إثيوبيا، والتي لم يعد بعض مؤيدي النظام من الخبراء والمطبلاتية قادرين على كتم رأيهم فيها.

ولأن العقلية الأمنية بطبعها قصيرة النظر عديمة الخيال، ولا تفكر إلا في تأمين اللحظة الحالية، من دون النظر إلى ما هو أبعد من ذلك، لم يدرك الضابط المسؤول الذي فبرك قصةً كهذه، أو بارك فبركتها، أنها يمكن حقاً أن تكون فعالة في الغلوشة على مهازل ما يجري في المفاوضات مع إثيوبيا والسودان، لكنها، في الوقت نفسه، ستحيي في داخل المواطن المصري، القلق على مستقبله، آمالاً عريضة في أن أجهزته السيادية، المليئة بالوحوش الضارية، ستتدخل لقصف السد في لحظةٍ ما، بغض النظر عن أي تفاصيل مقلقة، وأنها، كما أكلت الإثيوبيين على قفاهم في عهد الرئيس المؤمن، ستفعل ذلك ثانية في عهد الرئيس المخاوي، لأن ما نملكه الآن من طائراتٍ، أنفقنا عليها المليارات، أقوى وأشد فتكاً مما كان لدى السادات. وحين تمر الأيام، ويتأخر ذلك القصف، ويكتمل إنشاء السد الإثيوبي، ويرى المواطن مسؤولي دولته، وقد تغيّرت لهجتهم من التهديد إلى الاستعطاف، أو من تصوير السد بوصفه كارثة مبينة إلى تصويره كشيء لطيف، يعم بالخير على الكل، سيكون البيه الضابط حينها بحاجة إلى بذل مجهود أكبر في الكذبة القادمة التي يمكن أن تكون مقاديرها غير مضبوطة، فتتسبب في أزمات أكبر، فضلاً عن أنها ستفقده قدراً لا بأس به من جمهوره، الذي حتى، وإن لم ينتقل إلى معسكر المعارضة والرفض، سيختار معسكر الطناش المبين، بعد أن كان من أخلص الجنود في معسكر التأييد والثقة العمياء.

كيف بدأت مأساتنا مع إثيوبيا؟

 بعد أن تعاظم انتشار خزعبلة قصف المخابرات إثيوبيا في عهد السادات، لجأت إلى أصدقاء مطلعين على ملف العلاقات الإثيوبية المصرية، لأسألهم عمّا إذا كان قد سبق لإثيوبيا التفكير في بناء سد على النيل، قبل سد النهضة، فلم أجد لديهم، ولا على شبكة الإنترنت، ما يؤكد هذا الكلام من قريب أو من بعيد. لجأت بعدها إلى الدكتور نائل الشافعي، مؤسس موسوعة المعرفة، والذي كتب كثيراً من قبل في موضوع سد النهضة، وكنت قد نشرت له عام 2012، في مجلة المعصرة التي كنت أحرّرها أسبوعياً داخل صحيفة الشروق، مقالاً شديد الخطورة حول كوارث التعامل المصري مع ملف النيل، لأكتشف أن لديه كلاماً مهماً عن علاقة السادات بإثيوبيا، والتي شهدت لحظات توتر عديدة، يقودنا استرجاعها إلى التأكيد على ضرورة الجدية في فتح ملف العلاقات المصرية الإثيوبية، والتي تدهورت بشدة خلال سنين حكم حسني مبارك، ليس فقط لتحديد المسؤوليات، أو للبكاء على النيل المسلوب، بل لتذكير المصريين بخطورة التهاون المستمر في تدعيم العلاقات مع الدول الأفريقية، وخصوصا دول حوض نهر النيل، لعلنا ننقذ، في المستقبل القريب، ما ضيعه حكامنا السابقون، وما يواصل نظام السيسي تضييعه الآن بطرق كثيرة، من بينها نشر الخرافات والأكاذيب التي تساهم في تزييف وعي الناس، وإلهائهم عن خطورة ما يحدث لنهر النيل.

أترككم، الآن، مع هذا المقال البديع الذي أرسله لي الدكتور نائل الشافعي عن علاقة السادات بإثيوبيا، وهو جزء من ملف أوسع وأشمل يعمل عليه، عن قضية سد النهضة وعلاقتنا بإثيوبيا:

"منذ تولي أنور السادات رئاسة مصر في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 1970، انكفأ على توطيد حكمه والإعداد لحرب أكتوبر. نتيجة ذلك، فقد استحوذت الجبهة الداخلية على معظم جهده وانتباهه في أول ثلاث سنوات من حكمه. ولم يولِ السادات اهتماماً بالسياسة الخارجية حتى وقـّع اتفاقية فض الاشتباك الثانية في 1 سبتمبر/ أيلول 1975، التي حققت استقراراً سياسياً لحكمه، كما وطدت علاقته بالولايات المتحدة. بعدها، شعر بحرية في التعبير عن اتجاهاته في السياسة الخارجية.

لكن، لم يمنع ذلك الانكفاء الداخلي من التعامل مع الأزمات الطارئة في السودان الشقيق؛ إذ تعرض الرئيس جعفر نميري لتمرديْن من الصادق المهدي: انقلاب هاشم العطا (1971)، انقلاب حسن حسين (1975). وفي تلك الفترة (1971-1973)، شجعت مصر نظام نميري في الخرطوم على الاقتراب من الولايات المتحدة، ونشأ تحالف استخباراتي وثيق بين السودان وأميركا، سرعان ما استقل عن مصر، كان أحد نتائجه الدور المحوري الذي قامت به المخابرات السودانية في ترحيل يهود الفلاشا إلى إسرائيل في 1984، وكان لرجلي المخابرات السودانية، عثمان السيد وعمر الطيب، دوراً محورياً في ثورة الإنقاذ الوطني في السودان عام 1989، التي أتت بالرئيس عمر البشير. كان تنفيذ عملية تهجير الفلاشا يتطلب تجنيد بعض المنظمات المعارضة (الماركسية بالمصادفة) في الشمال الجبلي بإثيوبيا، من قبائل التقراي والتقرينيا. وفي 1995، انفصلت الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا عن إثيوبيا بتراضي أبناء عمومتهم الجبهة الشعبية لتحرير التقراي الذين استولوا على الحكم في أديس أبابا، في نفس الوقت. لذلك، فإن النظم الثلاث الحاكمة اليوم في أديس أبابا وأسمرة والخرطوم ترتبط بوشائج وثيقة، على الرغم مما نقرأ عن خلافات إريترية مع البلدين الآخرين.

السادات وإثيوبيا

وفي الجانب الإثيوبي، مع وصول السادات إلى سدة الحكم في مصر، كان الإمبراطور هيلاسلاسي (مواليد 1892) قد أصبح شيخاً طاعناً، يطحن بلده الفقر والمجاعات، وأهمها مجاعات وولو (1966 و1972 و1973) التي راح ضحيتها مئات الآلاف من القتلى، وازداد تكلّس النظام الحاكم في أديس أبابا، وانعزاله عن الواقع، حتى أن رجال البلاط، من أقلية الأمهرة الحاكمة، كانوا يخفون تلك الحقائق المزعجة عن الإمبراطور الإله (حسب الديانة الرستفارية). وقد استغلت الدعاية الشيوعية تخلّف الحكم في إثيوبيا، وطفقت تقارنه بالحكم التقدمي في الصومال واليمن الجنوبي وريف شمال إثيوبيا الواقع تحت السيطرة الفعلية لمنظمات شيوعية لتحرير إريتريا وتقراي.

تلخصت العلاقات بين مصر وإثيوبيا منذ 1967 وحتى 1974 في علاقات صورية بين الكنيستين الشقيقتين، الأرثوذكسية القبطية في مصر و"التوحيد الأرثوذكسية" في إثيوبيا، برعاية الدولتين. وكان لدعوة جمال عبد الناصر الإمبراطور هيلاسلاسي لحضور افتتاح الكاتدرائية المرقسية في القاهرة عام 1968 أثر كبير في التدليل على خصوصية العلاقة بين الشعبين.

أطاح المد اليساري الإمبراطور هيلاسلاسي في سبتمبر/ أيلول 1974، ليحل محله مجلس عسكري، يُسمىَ "دِرگ". وكان على رأس المجلس اللواء أمان عندوم، الإريتري الذي تخرج من الكلية الحربية المصرية في 1954. لكن الطبقة الحاكمة المخلوعة في إثيوبيا، وهي من الأمهرة، تنظر بتعالٍ شديد إلى الأقليات الأخرى، ومنها إريتريا المطالبة بالاستقلال. وعلى الفور، بدأ أمان عندوم في الإعلان عن نياته التقارب مع إقليم إريتريا لثنيه عن المطالبة بالانفصال. كما أعلن عن نياته التقارب مع مصر. والتحركان أضرما الشكوك في قلب الأمهرة الذين اتهموا مصر بأن لها يداً في الإتيان بهذا الجنرال الإريتري على رأس الحكم. إلا أن الدرگ ما لبث أن قتل رأسه الصوري أمان عندوم بعد شهرين، ليظهر الرأس الحقيقي للثورة، منغستو هايله مريم، ويكشف عن توجه شيوعي متشدد. ومنذ ذلك الحين، لا يكف الإثيوبيون عن تشبيه أمان عندوم باللواء محمد نجيب في مصر، بسبب الدور الصوري لكليهما، ولقبولهما ترأس ثورة من دون أن يعرفا ميولها الحقيقية، ومن دون أن يكون لهما أي سلطات، وخير من يعبّر عن تلك المقارنة رئيس الوزراء اللاحق فكرى سلاسي.

بعد إطاحة هيلاسلاسي، بدأت تتراجع قوة العلاقات المصرية الإثيوبية، إلى أن وصلت إلى مرحلة العلاقات الرسمية الشكلية، وكان من نتيجة ذلك أن استقلت كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوپية عن الكنيسة الأم في مصر، والتي ظلت، منذ دخول المسيحية إلى إثيوبيا، تابعة للكنيسة المصرية حتى عام 1959، حين أصبح لها بابا إثيوبي خاص بها، وانفصلت قيادتها عن مصر.

نادي سفاري

ما أن وقّعت مصر اتفاقية فض الاشتباك الثانية في سيناء عام 1975، حتى أحس السادات بالحرية في التعبير على الملأ عن قناعاته في السياسة الخارجية، وعلى رأسها أن يصبح أكثر قرباً من الولايات المتحدة، وأن يُقرن مصر بمصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية في المنطقة، الأمر الذي يجعل منه لاعباً إقليمياً حليفاً لأميركا، فاقترب من فرنسا التي اقترح رئيس مخابراتها على السادات تشكيل تعاون إقليمي لمكافحة المد الشيوعي في أفريقيا، فتكوّن نادي سفاري في عام 1975 من فرنسا ومصر السادات والمغرب والسعودية وإيران الشاه. وكان من أول أنشطة النادي مجابهة المد الشيوعي في إثيوبيا وزائير. ساند نادي سفاري الصومال في حرب الأوغادين (1977–1978) ضد إثيوبيا، بعد أن انضمت كل من كوبا والاتحاد السوفييتي إلى جانب إثيوبيا. وقد نشب النزاع، حين حاول الصومال استعادة إقليم أوغادين، ذي الأغلبية من العرق الصومالي، من إثيوبيا.

قبل الحرب، كان الاتحاد السوفييتي يساند البلدين عسكرياً. بعد الفشل في التفاوض لوقف إطلاق النار، تدخل الاتحاد السوفييتي للدفاع عن إثيوبيا. والقوات الإثيوبية المدعومة سوفييتياً والتي يؤازرها أكثر من عشرة آلاف جندي كوبي، وأكثر من ألف مستشار عسكري، ونحو بليون دولار من العتاد السوفييتي، هزمت الجيش الصومالي، وهدّدت بهجوم مضاد، ليتصل الرئيس السادات بالزعيم الصومالي سياد بري، وعرض عليه السلاح في مقابل التخلي عن الاتحاد السوفييتي. وافق بري، ودفعت السعودية لمصر 75 مليون دولار لأسلحتها السوفييتية القديمة. وأمدّت إيران الصومال بأسلحة قديمة (قيل إنها ضمت دبابات إم-48) من الولايات المتحدة. واعتبر منغستو هايله مريام الدعم المصري مؤامرة ضد إثيوبيا. وفي خطبة له عام 1979، حطم زجاجات مملوءة دماً على اسمي مصر والسعودية.

زمزم الجديدة: ترعة السلام

شهد نادي سفاري إرهاصات عملية السلام بين مصر وإسرائيل، بتشجيع من شاه إيران وألكساندر دو مارانش رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية. وفي المفاوضات المصرية الإسرائيلية التالية لمبادرة السادات إلى القدس عام 1977، تقدم الباحث الإسرائيلي، شاؤل أرلوزوروڤ، نائب مدير هيئة مياه إسرائيل، بـ"مشروع يؤر" إلى الرئيس السادات لنقل مياه النيل إلى إسرائيل، عبر شق ست قنوات تحت قناة السويس. وبإمكان هذا المشروع نقل مليار متر مكعب من المياه سنوياً، لري صحراء النقب، ومنها 150 مليون متر مكعب لقطاع غزة. وانتقل شاؤل أرلوزوروڤ من مصلحة المياه الإسرائيلية، ليعمل مديراً لمشاريع المياه في البنك الدولي من 1980-1993.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 1977، عرض الرئيس المصري أنور السادات إمداد صحراء النقب الإسرائيلية بالماء عبر ترعة السلام التي سيقوم ببنائها عبر قناة السويس وسيناء. وأثار عرض السادات مد مياه النيل إلى إسرائيل حفيظة الرئيس الإثيوبي منغستو هايله مريم، الذي قال إن هناك مناطق فقيرة في حوض النيل الأزرق أكثر حاجة من إسرائيل لمياه النيل، بالإضافة إلى أن لها أولوية على إسرائيل في مد مياه النيل إليها. ولكن، حتى ذلك الوقت لم يكن لدى إثيوبيا أي خطط محددة لإنشاء أي سدود أو ترع على أي من أنهارها.

ومع استمرار تحرّش مصر بإثيوبيا بدعم الصومال، واستئناف دعم جبهة التحرير الإريترية (عثمان صالح سبي)، خرج الرئيس الإثيوبي منغستو هايله مريم، في 16 فبراير/ شباط 1978، بتصريح يتحدى حق مصر التاريخي في مياه النيل، ومعظم تلك المياه تأتي من النيل الأزرق في إثيوبيا، ما حدا بأنور السادات، في 1 مايو/ أيار 1978، أن يرد على تهديد منغستو، بأن مصر ستشن حرباً إذا تعرضت حقوقها المائية للخطر، قائلاً: "نحن لا نحتاج إذناً من إثيوبيا أو الاتحاد السوفييتي لتحويل مياه نيلنا (إلى إسرائيل)... إذا اتخذت إثيوبيا أي فعل ضد حقنا في مياه النيل، فلن يكون أمامنا بديل عن استخدام القوة. التلاعب بحق أمة في الماء هو تلاعب بحقها في الحياة، والقرار بالذهاب للحرب من أجل ذلك لن يكون موضع جدل في المجتمع الدولي".

وفي 16 يناير/ كانون الثاني 1979، نشرت مجلة أكتوبر الأسبوعية نص خطاب أرسله السادات إلى مناحيم بيغن، رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، قال فيه: "حيث أننا شرعنا في حل شامل للمشكلة الفلسطينية، فسوف نجعل مياه النيل مساهمة من الشعب المصري باسم ملايين المسلمين كرمز خالد وباق على اتفاق السلام، وسوف تصبح هذه المياه بمثابة مياه زمزم لكل المؤمنين، أصحاب الرسالات السماوية في القدس، ودليلاً على أنّنا رعاة سلام ورخاء لكافة البشر". وكتبت المجلة أن السادات أعطى، بالفعل، إشارة البدء لحفر ترعة السلام بين فارسكور (على فرع دمياط) والتينة (على قناة السويس شمال الإسماعيلية)، حيث تقطع مياه الترعة بعد ذلك قناة السويس خلال ثلاثة أنفاق، لتروي نصف مليون فدان، وأن السادات طلب عمل دراسة جدوى دولية، لتوصيل المياه إلى القدس. لكن السادات تراجع عن الفكرة من دون تصريح رسمي بذلك، وأعلن إشارة بدء العمل في تنفيذ حفر قناة السلام من فرع دمياط في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه.

وفي 5 سبتمبر/ أيلول 1979، في أثناء زيارة السادات مدينة حيفا، طلب من المختصين عمل دراسة عملية كاملة لتوصيل مياه نهر النيل إلى مدينة القدس، لتكون في متناول المترددين على المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط البراق، في مشروع سمّاه "زمزم الجديد". وتواصلت أعمال مد ترعة السلام شرقاً، فتم إنشاء سحارة، مكونة من أربعة أنفاق القطر الداخلي لكل منها 5.10 أمتار، تحت قناة السويس، لتصل الترعة إلى سيناء في عام 2001. ويجري العمل في مد ترعة الشيخ جابر، التي هي الجزء السينائي من ترعة السلام، بطول 175 كيلومتراً، كان من المفترض اكتمالها في صيف 2015.

خرافات شاعت

في العامين الأخيرين 2014-2015، وفي ظل التطور المضطرد في بناء إثيوبيا سد النهضة، من دون أن تعير أي اهتمام لمخاوف الشعب المصري، ومع غياب كامل لأي معارضة من الدولة المصرية، ظهرت مجموعة خرافات حضرية، شاعت بين الشعب المصري في عام 2014 -2015 حول بطولات عسكرية مزعومة من الرئيس السادات، بقصفه سدوداً إثيوبية في السبعينيات. ببساطة، إثيوبيا لم يكن لديها سدود في السبعينيات، ولم يقم السادات بأي أعمال عسكرية خارج الحدود المصرية في تلك الفترة.

لقراءة تفاصيل أكثر، يمكن الوصول إلى موسوعة المعرفة على هذا الرابط:

/http://www.marefa.org/index.php

ولنا عودة إلى هذا الملف المهم قريباً بإذن الله.

 

 

 

 

 

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.