حياة البداوة في غزة ..طبيعة ورعي وحصاد وجلسات سمر

حياة البداوة في غزة .. طبيعة ورعي وحصاد وجلسات سمر

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
28 يونيو 2020
+ الخط -
لا تزال ملامح حياة البداوة اليومية قائمة في قبيلة بني عامر "الملالحة"، متمثلة في أكوام القش وقطعان الإبل والغنم والخراف، التي يطلقون عليها (الحَلال)، إلى جانب الخيام المزينة بالزي البدوي الأصيل، وأدوات الحَصاد والفروسية.

ويتمسّك أبناء القبيلة، بعادات وتقاليد الآباء والأجداد، والتي تنعكس على ملابسهم البدوية والتراثية، وتفاصيل حياتهم اليومية، والتي تبدأ مع حلول ساعات الصباح الباكر في الأرض والزرع والحصاد، وصولًا إلى ساعات الليل في جلسات السَمَر.

وينشغل كل شخص من أبناء القبيلة والتي ما زالت تحافظ على تفاصيل الحياة الأصيلة والقديمة في عمل معين، إذ يذهب الرجال إلى حصاد الزرع، وتوفير الطعام للدواب، فيما تقوم النساء بتخزين ذلك المحصول، وصناعة الطعام، وتجهيز الخبز التقليدي "الشراك" لكل وجبة.

يتمسكون بتفاصيل الحياة الأصيلة (عبد الحكيم أبو رياش)

ويحرص أبناء القبيلة، والتي تتركز في منطقة جنوب مدينة غزة، وعدد من المناطق المتفرقة في القطاع على عادات آبائهم وأجدادهم، وتراثهم القديم، فيما يبدون اهتمامًا كبيرًا في العناية برؤوس الحَلال، والتي تعتبر مصدر عيشهم الأساسي، يأكلون من لحمه في الولائم ويعتاشون على رزقه اليومي.

ويتخذ أبناء القبيلة خيمة كبيرة، كديوان خاص للاجتماع بشكل يومي، وتتزين زواياها، وكذا سقفها بالبُسُط القديمة.

يجتمعون في خيمة كبيرة يوميا (عبد الحكيم أبو رياش)

ويقول التسعيني محمد هدهود، من قبيلة بني عامر إنها تمتد للابن الأصغر لأبو هريرة، وهي من أتباعه، موضحًا في حديث مع "العربي الجديد" أنه وعائلته يعتمدون على الزرع والحَلال بشكل أساسي، في الوقت الذي لم يلتحق أي من أولاده بوظائف رسمية.

فيما تحدث محيسن الرش، من قبيلة بني عامر عن جذور القبيلة في فلسطين، والتي تمتد لأيام الفتوحات الإسلامية، وقد وصلت إلى "العفولة" في أراضي فلسطين المحتلة عام 1948، وفي منطقة النقب، وروبين قضاء يافا، ، فيما يعرف باسم "مرج بني عامر"، كما أن لها وجودًا في عدد من الدول مثل العراق، سورية، اليمن، ليبيا، السودان، وكانت تتميز القبيلة باللباس الأسود، وفق قوله.

ويبين الرش أن القبيلة والتي تعود لبدو فلسطين الأصليين، موجودة في عدة مناطق في قطاع غزة، وقد سمي "حي بني عامر" على اسم القبيلة في منطقة الدرج، وتوجد كذلك في منطقة الشيخ رضوان، المغراقة، الزهراء، النصيرات، دير البلح، خان يونس، المواصي، رفح وعدد من التجمعات الشرقية والمتفرقة.

يعتمدون على الرعي (عبد الحكيم أبو رياش)

ويتعاون الرش وأبناؤه الخمسة على رعاية الأغنام والإبل والخراف، والتي يعتمدون عليها بشكل أساسي في توفير مستلزماتهم اليومية، وعن ذلك يقول لـ "العربي الجديد": "نستخدم حبوب الحصاد للأكل، والتبن للدواب".

ويقول القاضي العرفي التسعيني محمد حسين الأطرم، وهو من قبيلة بني عامر، إن مهمته وأبناؤه باتت تربية الإبل والأغنام والعناية بها، وتعتبر مصدر الرزق الأساسي، بينما يوضح ابنه أبو السعود أنه وفي مواسم الربيع يتم الخروج بالإبل للرعي في الأماكن الخارجية، وفي حال عدم توفر أماكن للرعي، يتم جلب الحشائش والأعشاب على ظهر العربات التي تجرها الدواب.

ويشير الأطرم والذي يعمل كذلك في توليد وعلاج الإبل، إلى أن المشكلة الأساسية التي تواجه الرعاة في قطاع غزة، هي عدم توفر المراعي والأماكن الواسعة، وهو ما يؤثر على نسبة الحليب والناتج بشكل أساسي، مضيفًا في الوقت ذاته أنه يعمل في هذه المهنة عن قناعة تامة، وسيورثها لأبنائه، على اعتبار أنها ميراث الآباء والأجداد.

ويمتلك أبناء القبيلة عادات معينة في الأفراح، إذ تسبق يوم الفرح ثلاث ليالٍ من "الدحية"، وتلحقها ثلاث ليالٍ أخريات، فيما يعتمدون في ولائم أفراحهم على ذبح الخراف والعجول والإبل، ولا يعتمدون على الأكل الجاهز غالبًا، ويتم إقامة الأفراح داخل القرية، والاعتماد على الصالات الخارجية في أضيق الحدود، فيما تقام الولائم خلال طهور الأطفال.

يتمسكون بالزي التقليدي (عبد الحكيم أبو رياش)

خميس الأموات

ويحرص أبناء البادية في قطاع غزة على ممارسة تقليد "خميس الأموات"، وهو ثالث يوم خميس من شهر إبريل/ نيسان من كل عام، يتم فيه تقديم الولائم رحمة على أرواح الأموات، ويسبقه خميس النبات وخميس الحلويات، في أول الشهر.

من ناحيته؛ يبين مختار عشيرة الملالحة حسان سليمان، أن أبناء القبيلة يبدون فخرًا كبيرًا بانتمائهم لقبيلة بني عامر، والتي لا يتم في مشاكلها الداخلية اللجوء إلى مراكز الشرطة، حيث يتم الاعتماد بشكل كبير في حلها على الصلح العشائري، داخل "بيت المَلام"، ويحتكم أبناء القبيلة إلى مجلس مخاتير قبيلة بني عامر، وفيه ستة عشر مختارًا.

العناية بالزرع والحيوانات ( عبد الحكيم أبو رياش)

ويقول سليمان لـ "العربي الجديد" إن تطويق المدينة، وتقسيم الأراضي، حد من أماكن المراعي، وقدرة الرُعاة على التنقل بحرية، إلا أن الرعاة ما زالوا متمسكين بتراث أجدادهم على الرغم من الصعوبات، ويتم العناية بالأرض والزرع والحيوانات بشكل يومي.

تخزين الطعام

وما زال أفراد القبيلة، والتي تخرج أبناؤها من مختلف التخصصات الجامعية، يخزنون محاصيل تخزين القش والأعشاب والتبن والشعير لأكل الدواب، فيما يتم تخزين القمح في حفر داخل الأرض، ووضع "قرص غاز" معها لحمايتها من التسوس، كما يتم تخزينها في أكثر من مكان، لاستخدامها في الأزمات، وتوزيع الحَلال على أكثر من منطقة وفق قول سليمان، بغرض حمايتها في أوقات الطوارئ والحروب، والتي تعرض فيها أبناء البادية لخسائر فادحة.

بدوره؛ يقول مستشار شؤون العشائر في قطاع غزة أشرف أبو رخية، إن حياة البداوة في قطاع غزة ما زالت تتمسك بعاداتها وتقاليدها الأصيلة، والتي تبتعد من خلالها عن ضجيج المدينة، عبر الحفاظ على التاريخ والحضارة والتراث.

وتبدأ طقوس الحياة البدوية في قطاع غزة، والتي يتعامل أبناؤها وفق جو عائلي متكامل، الساعة الرابعة فجرًا، حيث يذهب الرجال إلى المراعي لجلب الأعشاب للأغنام والجِمال والخِراف والدواب، وتتعاون النساء في ذلك العمل اليومي، وفي مجال الرعي وتوفير العشب.

ويوضح أبو رخية أن سكان القرية البدوية قرية قبيلة بني عامر جنوب مدينة غزة، يمتلكون أكبر عدد من رؤوس الجمال والأغنام في القطاع، ولهم أربعة فصول للتخزين، إذ يتم في بداية فصل الصيف تخزين الأعشاب لفصل الشتاء والكوارث والحروب.

دلالات

ذات صلة

الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.
الصورة

سياسة

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الخميس، بأن بريطانيا اشترطت على إسرائيل السماح بزيارة دبلوماسيين أو ممثلين عن منظمة الصليب الأحمر عناصر النخبة من حماس المعتقلين.
الصورة

مجتمع

يضطر سكان شمال قطاع غزة إلى الانتظار لساعات طويلة للحصول على مساعدات إنسانية، جراء اشتداد الجوع بفعل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ أشهر...

المساهمون