حمص: مسودة هدنة "أخيرة" في حي الوعر

حمص: مسودة هدنة "أخيرة" في حي الوعر

25 فبراير 2015
لم يتورّع النظام السوري عن خرق الهدن (فرانس برس)
+ الخط -

توصّل النظام السوري إلى مسودّة اتفاق هدنة، مع أهالي حي الوعر في حمص، بعد فشل هدن كثيرة سابقة. وتنصّ المسودّة على مرحلتين، يتمّ خلال الأولى إخراج من يرغب من المسلحين وحصر السلاح الثقيل الموجود في الحي، ليصار في المرحلة الثانية إلى تفعيل المؤسّسات الحكوميّة للنظام ضمن الحي، وتسوية أوضاع من يرغب.

وفي حال تطبيق هذا الاتفاق، يكون النظام قد تمكّن، وبشكل نهائي، من تحييد مدينة حمص عن الثورة، من خلال استراتيجية الهدن، التي خططت وأشرفت عليها إيران، والقائمة على الحصار والتجويع، ومن ثم فرض هدنة تؤدي إلى تحييد المنطقة وتجميد القتال فيها، بشروط تناسب النظام وتمكّنه من زيادة الضغط على مناطق أخرى.

اقرأ أيضاً: هدنة "الوعر" على خطى "حمص القديمة"

ووفق نسخة حصلت عليها "العربي الجديد" من أحد مفاوضي الحي المحاصر، تنصّ المرحلة الأولى من مسودة الاتفاق الذي سيوقعه النظام ولجنة الحي (تضمّ وجهاء الحي من مدنيين وعسكريين)، خلال الأيام القليلة المقبلة، على سبعة بنود، هي "وقف كامل لإطلاق النار، مع خروج من يرغب من مسلحي الحي، بعد تقديم لائحة بسلاحه وأهله، وكذلك تقديم لائحة بالسلاح الثقيل، ليصار إلى تسليمه في المرحلة الثانية".

كما تشمل المسودّة "فض الاشتباك في الجزيرة السابعة، ومنع الظهور المسلح من الطرفين، وعدم التعرّض للمدنيين، في موازاة السماح للمؤسّسات الإنسانيّة بالقيام بعملها على أكمل وجه، وفتح طريق دوار المهندسين، الواصل بين حي الوعر والمدينة للمشاة فقط، بالإضافة إلى تشكيل حاجز من جميع الفروع الأمنية. وفي حال رغبتهم في التنقّل خارج الحي، يصار إلى إعادة المطلوبين إلى داخل الحي لتسوية أوضاعهم في مكتب يقام قرب الحاجز، حيث يفد إلى المركز من يرغب في تسوية أموره".

وتعمل لجنة الحي، وفق مسودة الاتفاق، على إعداد "لوائح بأسماء المفقودين والمخطوفين ومجهولي المصير، للعمل على معرفة مصيرهم، بالإضافة إلى لائحة بأسماء المعتقلين المتواجدين في سجون النظام، تمهيداً للإفراج عنهم عند تسليم السلاح الثقيل في المرحلة الثانية".

ويقول عضو الوفد المفاوض لـ"العربي الجديد"، "بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، يجري تقييم العمل الذي تمّ تنفيذه لتلافي السلبيات، كما تُحدّد مدة 25 يوماً لتنفيذ هذه المرحلة، بشرط ألا تنفّذ معظم البنود (3 إلى 7) إلا بعد تطبيق البندين الأول والثاني".

بنود المرحلة الثانية
وتتضمّن المرحلة الثانية من الهدنة ثلاثة بنود، تنصّ أولاً على "جمع السلاح الثقيل والمتوسط من خلال لجنة مشتركة مُشكلة من قبل لجنة الحي ولجنة النظام، على أن يبقى السلاح في مستودعات ضمن الحي من دون السماح باستخدامه، بإشراف اللجنة المشتركة"، وثانياً على "فتح الطرق المؤدية إلى المؤسّسات العامة (البريد ومديرية الشؤون البيئية) والدوائر الحكومية (المخفر والقصر العدلي وبنك الدم) وغيرها، وتأمينها بعناصر محدودة العدد من المخابرات العامة والشرطة، التي ستتولى مسؤوليتها لتفعيل المؤسسات، على أن يُناقش ذلك مع اللجنة المركزيّة للمفاوضات.

وينصّ البند الثالث على "فتح باب التسوية لمن يرغب فردياً في ذلك، ليقوم بتسليم سلاحه ويتعهّد بأنه لا يملك أي قطعة سلاح أخرى، وذلك في إطار لوائح تقدم من قبل لجنة الحي أصولاً".
وينظر سكان الحي المحاصر، منذ أكثر من عام ونصف، إلى هذه الهدنة، على أنها "انتصار"، كونها لا تتضمّن دخول قوات النظام أو مليشياته إلى الحي، إنّما بقاؤه ضمن سيطرة الثوار. كما يتضمّن كسر التجويع والحصار العسكري عن الحي، بعد تحمّل الأهالي كل أنواع الضغط العسكري، الذي حصد أرواح المئات من سكان الحي، وتدمير أجزاء واسعة منه، بقسميه القديم والجديد، فضلاً عن تضمين الهدنة، الإفراج عن المعتقلين في سجون النظام.

اقرأ أيضاً: سورية: هدنة حيّ برزة الدمشقي مهدّدة بالانهيار

ويشير تعاطي النظام مع موضوع الهدن، إلى أنّه لا يتورّع عن خرق أيّ هدنة في أي توقيت، قد يرى أنه يستطيع استغلاله لمصلحته. ولذلك من المتوقع أن تشهد هذه الهدنة الكثير من الخروقات، كما أنّه من الممكن أن تكون بالنسبة للنظام، مرحلة أولى باتجاه السيطرة التامة على الحي، خصوصاً في ظلّ عدم وجود ضوابط تردع النظام عن تنفيذ عملية اقتحام للحي والسيطرة على مخازن الأسلحة، التي سيكون جزءاً من الإشراف عليها. كما يُخشى من عمليات اعتقال وقتل قد تطال من سيبادرون إلى تسوية أوضاعهم، كما حصل في الهدن السابقة، حين اعتقل النظام وقتل عدداً من المدنيين، خلافاً للهدنة التي وقعها.

وحتى ضمن الشروط الحاليّة للهدنة، يبدو التوصّل إلى هدنة في حي الوعر، وفق مسودة الاتفاق، بمثابة "انتصار إعلامي" للنظام، إذ سيمكنه الاتفاق من تفعيل المؤسّسات والدوائر الحكومّية ورفع أعلامه عليها، وتأمين هدوء "ضروري" في معقل الثورة الأخير والوحيد في المدينة، والتفرّغ لجبهات مشتعلة في مدن أخرى، بالإضافة إلى تجميد استخدام مقاتلي الوعر للسلاح المتوسط الذي يمتلكونه.

ويقع حي الوعر المحاصر غرب مدينة حمص، ويسكنه حوالى مائتي ألف نسمة، ويُعتبر موقعه استراتيجياً وهاماً لكل من النظام والمعارضة، لقربه من مصفاة حمص للنفط، ومن الريف الشمالي المحرر، ومحاذاته للطريق الواصل بين حمص والساحل السوري.
وكانت قوات النظام قد وقعت عدداً من الهدن مع المعارضة، تركزت أغلبها في ريفي حمص ودمشق، بإشراف إيراني، كان مباشراً في بعض الهدن.