حراك حلفاء حفتر... إحياء لاتفاق الصخيرات أم تفتيت للموقف المغاربي؟

حراك حلفاء حفتر... إحياء لاتفاق الصخيرات أم تفتيت للموقف المغاربي؟

27 يوليو 2020
زار صالح المغرب لحثه على التوسط بين الأطراف الليبية (Getty)
+ الخط -

يدفع حلفاء معسكر شرق ليبيا، الملف الليبي إلى طاولة التفاوض السياسي بعد فشل مشروع اللواء المتقاعد خليفة حفتر العسكري، بانهيار قواته التي كانت تحاصر مدينة طرابلس ومحيطها غرب البلاد في مايو/أيار الماضي، وآخر المحاولات الدفع باتجاه الرجوع بالملف إلى مرحلة التعديلات على الاتفاق السياسي، الموقع في الصخيرات المغربية عام 2015، والتي كانت جارية حتى نهاية عام 2018 بين مجلسي الدولة والنواب.

ولجأ رئيس مجلس النواب المجتمع بطبرق عقيلة صالح، إلى المملكة المغربية لحثها على التوسط بين الأطراف الليبية من أجل إقناع قادة طرابلس بالعودة إلى الاتفاق السياسي كقاعدة للانطلاق مجدداً باتجاه مفاوضات الحلّ السياسي، لكن مصادر من طرابلس مقربة من حكومة الوفاق أكدت لـ"العربي الجديد" أن وفد رئيس مجلس الدولة خالد المشري، الذي وصل للرباط أمس الأحد، حمل في حقيبته موقف طرابلس السابق المصرّ على رفض التفاوض مع صالح أو المقربين من حفتر.

ووصل رئيسا مجلسي النواب والدولة عقيلة صالح وخالد المشري، إلى العاصمة المغربية الرباط، أمس الأحد، بدعوة من رئيس البرلمان المغربي حبيب المالكي.

يشدد قادة طرابلس على رفض أن يكون حفتر وحلفاؤه، ومنهم صالح، شركاء في أي توافق سياسي بعد تورطهم في محاصرة طرابلس عسكرياً لأكثر من عام

واستضافت المملكة المغربية محادثات بين الأطراف الليبية لمدة أشهر قبل توصلها إلى اتفاق سياسي تم التوقيع عليه في ديسمبر/كانون الأول من عام 2015، أفرز ثلاثة هياكل سياسية هي المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة. وطيلة الأعوام التي تلت توقيع الاتفاق، عرقل حلفاء حفتر بمن فيهم مجلس النواب، تنفيذ الاتفاق، قبل أن تنخرط البعثة الأممية الراعية للاتفاق في جولات اتصالات مكثفة بين طرفي الصراع من أجل إجراء تعديلات على الاتفاق بشأن بنوده الخلافية، لكنها توقفت نهاية 2018 بعد إطلاق المبعوث الأممي السابق غسان سلامة، حزمة حلول جديدة انتهت بالاتفاق على عقد ملتقى غدامس الوطني الذي قوضت حملة حفتر العسكرية على طرابلس جهود إطلاقه في منتصف إبريل/نيسان من العام الماضي، قبل أن تستأنف البعثة الأممية جهودها التي توجت بقمة برلين في يناير/كانون الثاني الماضي.

ويشير برلماني من طبرق إلى أن مساعي صالح لدى المملكة المغربية جاءت في إطار مساعي حلفائه الراغبين في عودة الملف الليبي إلى المسار السياسي، وإمكانية أن تلعب الرباط دوراً فيه، كونها البلد التوافقي الذي احتضن مفاوضات اتفاق الصخيرات، لكن المصادر الليبية في طرابلس أكدت في المقابل أن مساعي صالح، ومن ورائه حلفاء حفتر، لن تنتهي إلى شيء.

وطالما رحب قادة طرابلس، المجلس الرئاسي ومجلس الدولة، بالحلّ السياسي، لكنهم شددوا على رفض أن يكون حفتر وحلفاؤه، ومنهم صالح، شركاء في أي توافق سياسي بعد تورطهم في محاصرة طرابلس عسكرياً لأكثر من عام، لكن الأكاديمي الليبي، خليفة الحداد، يتساءل حول رغبة صالح وحلفائه في العودة بالملف الليبي إلى الاتفاق السياسي، على الرغم من أن مسارات الحلّ الدولية انتهت إلى اتفاق آخر في برلين، ما يعني قناعة دولية بأن اتفاق الصخيرات تجاوزه الزمن.

وبحسب تصريحات المستشار الإعلامي لصالح، عبد الكريم المريمي، فإن زيارة صالح للرباط جاءت تلبية لدعوة من البرلمان المغربي للاطلاع على مبادرته السياسية التي سبق أن أطلقها نهاية إبريل الماضي، وبدا واضحاً أن القاهرة تدعمها كون "إعلان القاهرة"، الذي أعلنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مطلع يونيو/حزيران الماضي، لم يتجاوز في تفاصيله بنود مبادرة صالح.

ويرى الحداد في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "تلك المساعي ربما تهدف إلى عدد من الأهداف، منها خلط الأوراق وكثرة المبادرات في المستوى السياسي، ومنها استثمار التوتر المعروف بين المغرب والجزائر، وجرّ الأولى للساحة الليبية تزامناً مع النشاط الجزائري الذي يتجه بوضوح لمعارضة الدور المصري في ليبيا، وذلك لتشتيت بناء موقف مغاربي موحد في الملف الليبي تسعى له الجزائر".

تجمدت الأحداث الليبية عند وصول قوات حكومة الوفاق إلى تخوم سرت، لتبدأ مرحلة جديدة عاش فيها الملف الليبي تنقلات كبيرة بين عواصم كبرى عدة

ويلفت الحداد إلى أن اتفاق الصخيرات لم يعد يواكب مستجدات الأزمة الليبية، ولم تعد تحمل تفاصيله أي مقاربة لواقع الأزمة التي زادت في تعقيداتها، لكن الأطراف الليبية لا يمكنها تجاهله لأن شرعية وجودها في المشهد لا تزال تستند إليه، ولذا فليس أمام المجلس الأعلى للدولة إلا الاستجابة للدعوة المغاربية لزيارة الرباط، وربما أيضاً القبول بلقاء يجمع بين المشري وصالح.

وتجمدت الأحداث الليبية عند لحظة وصول قوات حكومة الوفاق إلى تخوم سرت، لتبدأ مرحلة جديدة عاش فيها الملف الليبي تنقلات كبيرة بين عواصم كبرى عدة، وسط تصريحات تشتد تصعيداً فينة وتنخفض حدتها فينة أخرى، من دون التوصل إلى حلّ حتى الآن.

وتعلق الصحافية الليبية نجاح الترهوني، من جانبها بالقول إن "الرأي العام بات يدرك أنّ الحلّ أصبح الآن بيد موسكو وأنقرة، بينما تصطف عواصم أخرى داعمة للطرفين أو قريبة منهما في الخلفيات، وعلى الرغم من ذلك، لا يبدو أن الوضع الليبي يحتمل المزيد من التصعيد العسكري وصار لزاماً الحديث عن المسار السياسي"، وهو ما تستبق القاهرة حدوثه، هي التي لا تزال قائمة بجهود ترميم معسكر حفتر، بحسب الترهوني في حديثها لـ"العربي الجديد"، متحدثة عن أنها تقوم بإعداد خطط تحفظ لها وجودها ومصالحها في ليبيا، مؤكدة أن أزمة النفط هي من تمسك بخناق كل الأطراف حالياً وهي أزمة سياسية وليست عسكرية.

وتتابع الصحافية بالقول: "لا أعتقد أن سرت والجفرة المشكلة، ولا تحمل السيطرة عليهما أي حلّ بالنسبة للطرفين، ولكن أزمة النفط الحالية تعني أن كلّ الأطراف الخارجية المعنية بالملف الليبي باتت على صلة بأزمة ليبيا في أظهر مستوياتها، ما يحتم حلاً سياسياً".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وعن انخراط المغرب في جهود الحل الليبي سياسياً، اعتبرت الترهوني أنها مجرد مناورة من قبل حلفاء معسكر شرق ليبيا، ورسالة تؤكد رغبتهم في الحل السلمي، لافتة إلى أن صالح، قبل زيارته للرباط، كان يناقش علناً مع موظفي حكومة مجلس النواب قضية توزيع الثروة بالتساوي بين الليبيين، فأي علاقة بين هذا السيناريو الذي سبق وأن نادت به القاهرة، واتفاق الصخيرات؟

وترجح الترهوني صحة إمكانية سعي حلفاء حفتر، ومن بينهم القاهرة، لتفتيت أي موقف مغاربي تسعى لبنائه الجزائر خصوصاً، مذكرة بأن الأخيرة شددت على رفضها لسياسة تسليح القبائل الليبية التي لوّح بها نظام عبد الفتاح السيسي، لافتة إلى أن مقاربة الحلّ الجزائري في ليبيا قامت على مقاربة اجتماعية أساسها مسار اجتماعي، يستفيد من الزخم القبلي في ليبيا، ويواكب مسارات الحل الثلاث التي أفرزتها قمة برلين.

المساهمون