جاك أتالي يتبنى "اقتصاد الحياة" للإفلات من كساد تاريخي

جاك أتالي يتبنى "اقتصاد الحياة" للإفلات من أكبر كساد في التاريخ

28 ابريل 2020
جاك أتالي (Getty)
+ الخط -
لم يكف منذ شهر ونصف عن تأكيد أن الإفلات من أكبر كساد في التاريخ والخروج من الكابوس الذي يتمكن من العالم، يبقيان رهينَين بالانتقال من "اقتصاد البقاء إلى اقتصاد الحياة". فهو يرى أن السقوط في فخ "اقتصاد البقاء" لن يخرج العالم من أزمة كورونا.

ذلك ما يوصي به جاك أتالي، الذي سبق له أن كان مستشارا خاصا للرئيس الفرنسي الأسبق، فرانسوا ميتران، وأطلق مؤسسات دولية مثل "الحركة ضد الجوع" و"البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية"، كما أطلق مؤسسة "POSITIVE PLANET"، التي تدعم على مدى 22 عاما إحداث المقاولات في أحياء فرنسا وأفريقيا والمنطقة العربية.

عرف بالتقرير الذي حمل اسمه، عندما عينه الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، على رأس لجنة تحرير النمو، وهي اللجنة التي اختير فيها الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون مقررا مساعدا، حيث يؤكد أتالي، أن العديد من التوصيات التي تضمنها تقرير تلك اللجنة تعتبر ذات أهمية اليوم، خاصة عندما أكدت ضرورة إيلاء اهتمام خاص لقطاع الصحة.

وكان الرئيس الاشتراكي السابق، فرانسوا هولاند، طلب منه في 2012، إنجاز تقرير حول الاقتصاد الإيجابي، الذي يعرف بأنه في خدمة الأجيال وحماية البيئة والإيثار ويقوم على تغليب التزامات غير تعظيم الأرباح.

توقف العديد من المراقبين في ظل انتشار كورونا عند تصريح سابق مثير لهذا الخبير الفرنسي الذي سعت الصحف والمراقبون للإحاطة بشخصيته المتعددة الأبعاد، فهو اقتصادي ورجل أعمال ومخرج وروائي وموسيقي، فقد كتب في 2009 ما يلي: "إن جائحة كبيرة، ستفضي أكثر من أي خطاب إنساني أو إيكولوجي، إلى الوعي بضرورة الإيثار Altruism".

ويتصور خريج بوليتكنيك ومدرسة الإدارة العمومية، وهما المؤسستان اللتان صنعتا نخبة النخبة في فرنسا، أن الإيثار الذي يشكل في نظره القاسم المشترك بين البشر، تجلى اليوم في المجتمعات عبر كورونا، حيث يرى الكثيرون أن نجاتهم تأتي من حماية الآخرين. معتبرا أن حماية الآخرين أضحت مصدر سعادة.

يرى أتالي البالغ من العمر 77 عاما، الذي ألف 22 كتابا، أن ذلك مطلوب في ظل النقاش الدائر في فرنسا حول الخروج من الأزمة، حيث يؤكد ضرورة تركيز جهود الإقلاع على بعض القطاعات التي يدرجها ضمن ما يسميه "اقتصاد الحياة"، الذي يضم جميع القطاعات، التي تكمن رسالتها في الدفاع عن الحياة، والتي تبث طابعها الحيوي في كل يوم من أيام الأزمة الصحية التي يعيشها العالم اليوم.

ويعني باقتصاد الحياة تلك القطاعات المتمثلة في الصحة، والوقاية، وتدبير النفايات، وتوزيع الماء، والرياضة، والتغذية، والزراعة، وحماية المجالات، والتوزيع، والتجارة، والتربية، والبحث، والرقمنة، والابتكار، والطاقة المتجددة، والسكن، ونقل السلع، النقل العمومي، والبنيات التحتية في المدن، والإعلام، والثقافة، والأمن، والتأمين، والادخار والقرض.

ويتصور أن هذه القطاعات مترابطة في ما بينها حيث يذهب إلى أن الصحة تستعمل حفظ الصحة والرقمنة، التي توظف التربية، بينما لا يمكن أن يحدث أي شيء دون البحث، الذي يرتهن له اكتشاف اللقاح والدواء، الذي يعتبر ضروريا من أجل التحكم في الجائحة.

ويشدد في العديد من لقاءاته الصحافية في الفترة الأخيرة على أن هذا الاقتصاد يشمل جميع الأنشطة التي تتيح العيش، وتؤبد شروط الحياة خلال الجائحة والتي تسمح بالخروج من الأزمة في جوانبها الاقتصادية والمالية والاجتماعية.

ويشير إلى أن هذه القطاعات تمثل ما بين 40 و70 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي وما بين 40 و70 في المائة من فرص العمل، مشددا على أنه يجب نقل تلك النسب إلى 80 في المائة في ظل اقتصاد الحياة.

ويرى أن الأسر ستكون مجبرة على تسخير جزء جد كبير من موازنتها من أجل العلاج والأكل والتعلم، مشيرا إلى أن أصحاب الشركات يجب أن يرفعوا أجور من يعملون في تلك القطاعات، في الوقت نفسه، الذي يفترض في الدولة أن تدعم الشركات الكبيرة أو الصغيرة التي تعمل في تلك القطاعات المندرجة ضمن اقتصاد الحياة.

يتصور أتالي أن القطاعات غير المدرجة ضمن تلك التي تعتبر قطاعات الحياة، يجب أن تسلك ذات المسار. فشركات السيارات وصناعة الطائرات أو النسيج أو الموضة أو الكيميائيات أو الآليات أو السياحة أو الترفيه أو الأسلحة، لن تحصل على حصص في السوق كما قبل الجائحة، حيث يتوجب انتظار عاملين على الأقل قبل العودة للتوازن.

غير أنه يرى أن تلك الشركات غير موعودة بالضرورة بالوفاة، فإذا ما تعبأ أصحابها والقادة السياسيون النقابيون، من أجل التحول إلى أداء رسالتها ضمن اقتصاد الحياة، فستتوفر على القدرات بهدف إعادة هيكلة أهدافها، كما بالنسبة للسياحة مثلا.

عندما سئل أول من أمس الأحد، حول ما إذا كان سيشير برؤيته إلى رئيس بلده، أكد أنه لا يكشف أمام الملأ عن طبيعة علاقته بالرؤساء.

المساهمون