تونس: "العدالة الانتقالية" تنظر قضية أنصار "النهضة" وأحداث الثورة

تونس: "العدالة الانتقالية" تنظر في قضية أنصار "النهضة" وأحداث الثورة

22 يونيو 2020
يطالب أهالي الضحايا بالاعتراف والاعتذار (Getty)
+ الخط -
نظرت الدائرة الجنائية المتخصّصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية في تونس، اليوم الإثنين، في عدة قضايا، منها قضية تتعلق بأنصار حركة النهضة الذين استهدفهم النظام السابق بالتنكيل والسجن والتعذيب، وقد بلغ عدد المتهمين 94 بين مسؤولين سياسيين وجلادين. وتم النظر أيضا في قضية أحداث الثورة في تونس الكبرى، والتي سقط فيها 25 قتيلاً و13 جريحا، إلى جانب ملفات تتعلق بالناشط السياسي الإسلامي الذي قُتل تحت التعذيب، المولدي بن عمر، والسجين سحنون الجوهري، والطالب الطيب الخماسي.
وأكدت ضحية من ضحايا نظام الرئيس المخلوع بن علي، محرزية بن عابد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذه الجلسة هي الثالثة، وتناولت تهم الانتهاكات التي طاولت الإسلاميين، وهي انتهاكات جسيمة من قتل وتعذيب بمختلف أصنافه، فضلا عن الاختفاء القسري. ويشمل الملف 31 ضحية ونحو 91 من المنسوب إليهم الانتهاك"، مؤكدة أنه "تم في السابق الاستماع إلى القيادي في حركة النهضة محمد القلوي، الذي أدلى بشهادته في القضية، وأنها قدمت شهادتها اليوم كضحية من ضحايا النظام السابق".
وبيّنت عابد أنّها سُجنت مرتين، وتم إيقافها بحكم الانتماء لحركة "الاتجاه الإسلامي"، وتم تعمّد إسقاط جنينها جراء التعذيب. مضيفة أنها اعتُقلت رفقة زوجها تاركة 3 أطفال، "ولكن أسوأ فترة عاشتها كانت في 1993، حين تم إيقافها 28 يوما شهدت فيها عديد الأهوال، وكانت فترة مرعبة بالنسبة إليها"، مبينة أن "المجموعة المعتقلة سُميت حينها بمجموعة الحسم، إذ اعتبرت وزارة الداخلية أنه سيتم حينها الحسم في ملف أنصار حركة الاتجاه الإسلامي".
وأشارت المتحدثة إلى أنّه "طُلب منها بعد إطلاق سراحها عدم كشف الانتهاكات التي طاولتها، وإلا فإنه سيتم الانتقام منها مجددا، حيث كان النظام يخشى فضح ممارساته أمام المنظمات الحقوقية الدولية"، مضيفة أنّ "بطش النظام لم يقتصر عليها فقط، بل شمل جميع أفراد عائلتها وحتى أبناء حيّها ووالدتها المسنة"، مؤكدة أنّها لن تنسى أبدا تلك الفترة؛ فبمجرد سرد بعض الأحداث تتذكر القيود التي كُبلت بها والعذاب الذي لحقها. وأنه طالما لم يعتذر الجلادون فستظل تلك الفترة عالقة والكوابيس تلاحقها، مضيفة أنه يكفي بالنسبة إليها حضور الجلادين واعترافهم بما نسب إليهم والاعتذار.
وقال القيادي في حركة النهضة، نجيب مراد، إن العدالة الانتقالية تنظر اليوم في ملفات الانتهاكات التي شملت 31 شخصا من المنتمين لحركة النهضة على مدى 20 عاما، أي من 1986 إلى 2005، ومنهم من سُجن، وهناك من طاوله التعذيب الجسدي إلى جانب عديد الممارسات المرعبة. مؤكدا، لـ"العربي الجديد"، أنّ "المتورطين سياسيون ومسؤولون في الدولة والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وأتباع النظام السابق من مستشارين ومسؤولين بارزين في الداخلية".
وقال عضو الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية ورئيس جمعية الكرامة، العلمي الخضري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "أغلب القضايا المطروحة اليوم على أنظار الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية مهمة"، مضيفا أنّ "الجدير بالملاحظة أنه باستثناء الشهود وعائلات الضحايا، فإن المنسوب إليهم الانتهاك يتغيبون عن الحضور"، مشيرا إلى أن "هؤلاء لا يؤمنون بمؤسسات الدولة ولا بسير العدالة الانتقالية".
وأفاد الخضري بأنّ "البعض ربما يتخوف من الأحكام التي قد تصدرها الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية"، مبينا أنّ "أغلب المتهمين عملوا في الدولة وكان يجدر بهم احترامها"، مشيرا إلى أنّهم يأملون نشر تقرير هيئة الحقيقة والكرامة قبيل يوم 25 يونيو/حزيران الجاري، بحسب الوعود التي تلقوها من الهيئة العليا لحقوق الإنسان.
وأوضح أنه "تم النظر، صباح اليوم، في قضية الناشط الإسلامي المولدي بن عمر، الذي تم الزج به في السجن في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1991 بتهمة الانتماء لجمعية غير مرخص لها، وتُوفي تحت التعذيب"، مبينا أنه "بحكم عمل الضحية كمهندس، فقد تم اتهامه بالتخطيط للهروب والتنكيل به، وتم الاستماع إلى شاهدين في هذا الملف". أما قضية الشهيد سحنون الجوهري، الناشط في الرابطة التونسية لحقوق الإنسان الذي تُوفي بسبب الإهمال الصحي، فقد تم الاستماع إلى عائلته، ووصلت القضية إلى مرحلة متقدمة في التحقيق. أما المنسوب إليهم الانتهاك فلم يحضر أغلبهم، باستثناء شخص واحد قدم شهادته اليوم.
ولفت رئيس جمعية الكرامة للسجين السياسي، وكاتب عام الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية، حسين بوشيبة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "تواصل جلسات الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية مهم"، مضيفا أنه "في تواصلها تضيق الحبال أكثر حول رقبة المنسوب إليهم الانتهاك، ليدركوا أنه لا إفلات من العقاب".

المساهمون