توت عنخ آمون... مَن وراء سفر "كنوز الفرعون الصغير"؟

توت عنخ آمون... مَن وراء سفر "كنوز الفرعون الصغير" ومن المستفيد؟

05 مارس 2018
توت عنخ آمون (Getty)
+ الخط -
على الرغم من الاعتراضات من قبل آثاريين مصريين على تسفير 166 قطعة أثرية من مقتنيات الملك توت عنخ آمون إلى خارج مصر، مضت الحكومة في قرارها كأنها لم تستمع لهؤلاء بتاتاً. ووافق وزير الآثار، خالد عناني، على نقل القطع الأثرية لعرضها ضمن فعاليات معرض يقام في مدينة لوس أنجليس الأميركية في 23 مارس/ آذار المقبل، تحت عنوان "كنوز الفرعون الصغير"، تطوف بعدها، لمدة سبع سنوات، دولاً أجنبية. وأعلنت الوزارة أن حصيلة الدخل المتوقّعة من المعرض تصل إلى نحو 50 مليون دولار، وأن القيمة التأمينية لهذه المعروضات تصل إلى نحو 600 مليون دولار. الحملة المجتمعية للرقابة على التراث والآثار أكدت أن سفر القطع الأثرية يُخالف قانون حماية الآثار رقم 3 لسنة 2010، وتحديداً المادة هـ، التي أقرّت عدم التعامل إلا مع المتاحف أو المعاهد الدولية. في حين أن وزارة الآثار تعاقدت مع شركة خاصة، غير مطروحة في البورصة الأميركية، ويملكها المدعو جون نورمان، وهي الشركة التي أعلنت إفلاسها في 14 يونيو/ حزيران عام 2016، حسب موقع بلومبرغ الأميركي، ما يثير كثيراً من الشكوك حول سمعة الشركة. 


عدم شفافية تجاه الرأي العام
وتنصّ المادة على "عدم جواز سفر أو تبادل الآثار المنقولة إلا إذا كان لها نسخ مكررة، ويكون ذلك مع دول أو متاحف أو معاهد علمية، ويكون ذلك أيضاً بتشكيل لجنة اقتصادية تكون مهمتها التفاوض لجلب أعلى سعر للبلد". ويقول وزير الآثار، خالد عناني، في تصريحات صحافية، إن "خروج أي معرض للآثار المصرية تسبقه إجراءات صارمة عدة، أولها عرض الطلب الذي تتقدّم به الجهة المنظمة للمعرض على لجان المعارض الخارجية، التي تضم شخصيات مرموقة من داخل وخارج الوزارة. وقد تقدّمت الجهة المنظمة للمعرض في شهر يونيو/ حزيران 2016، وكان من ضمن القطع المطلوبة التابوت الذهبي للملك توت، وجرى رفض الطلب من أساسه، وتم إبلاغ الجهة أن المعرض لن يخرج فيه أي من القطع الفريدة للفرعون الذهبي، لا التابوت، ولا القناع، ولا كرسي العرش". ووصف المعارض الخارجية بأنها "خير سفير لمصر، وللترويج لها، الأمر الذي يكون له أكبر الأثر في استعادة حركة السياحة، إذ تصاحب كل معرض حملة دعائية كبيرة، بالإضافة إلى العائد المادي لهذه المعارض". من جانبها شككت الخبيرة الآثارية الدكتورة مونيكا حنا في كلام الوزير، وقالت لـ"العربي الجديد" إنه "إذا كانت وزارة الآثار صادقة في حديث أن القطع التي ستخرج من مصر هي قطع مكررة، فلتعرض على الرأي العام تلك القطع، ومثيلاتها الموجودة في مصر".

وأضافت حنا أن "وزارة الآثار يجب أن يكون هدفها هو صيانة الممتلكات الأثرية المصرية، وأن تترك مسألة الترويج والمتاحف لوزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة". وأشارت إلى أنه "حتى العائدات التي حصلت عليها الحكومة المصرية من ذلك المعرض هي عائدات هزيلة جداً، بالنظر إلى توقعات المحللين الاقتصاديين بلوس أنجليس، الذين توقّعوا أن تصل أرباح المعرض إلى 352 مليون دولار في العشرة أشهر الأولى فقط". وأضافت "لا أستطيع أن أصدّق أن الحكومة المصرية قامت بتأجير مقتنيات توت عنخ آمون لمدة سبع سنوات بـ50 مليون دولار فقط".

الحملة المجتمعية للرقابة على التراث والآثار ألمحت إلى دور غامض يقوم به وزير الآثار المصري السابق زاهي حواس، الذي اتهم سابقاً بالكسب غير المشروع والمسؤولية عن سرقة قطع أثرية نادرة، لكن أيّاً من الاتهامات لم تثبت عليه، في صفقة معرض توت عنخ آمون، وأشارت إلى أن حواس هو منسق المعرض التي تنظّمه شركة Premier Exhibitions. وتساءلت الحملة "هل الدكتور زاهي حواس مسؤول في وزارة الآثار، أم يتبع الشركة الأميركية، وعلى من تقع مسؤولية الحفاظ على القطع الفريدة التي سافرت بالمخالفة للقانون".

سرقات سابقة
وأشارت الحملة في بيان إلى أن "الشركة الأميركية المملوكة للمدعو جون نورمان كانت من قبل مسؤولة عن حملة الترويج لقبعة "برنيطة" زاهي حواس الشهيرة، التي قيل إنها لأعمال خيرية". وأضافت الحملة أن تلك الشركة الأميركية نظمت في السابق معرضاً بعنوان Quest of Immortality، وفي خلاله سرقت قطعة من لعبة السنت الفريدة في المتحف المصري، وتم عمل المحاضر المسجلة في أرشيف المتحف المصري، ودفعت الشركة تعويضاً هزيلاً للمجلس الأعلى للآثار آنذاك. كذلك وقعت في معرض توت عنخ آمون السابق في أستراليا سرقة لمتحف ملبورن يوم 9 مايو/ أيار 2001، وكادت القطع أن تسرق وتكسر، لولا أن السارق لم يسعفه الوقت بعد سرقة خنجر أثري أسترالي من المتحف وهروبه.

إجحاف ضد التراث المصري
وأكدت الحملة أن دخل الشركة الأميركية في 7 سنوات من المعرض، وبيع التذاكر، والهدايا التذكارية، والمحاضرات، لن يقل عن 500 مليون دولار، يدخل منها لوزارة الآثار المصرية 50 مليون دولار فقط، وهذا يعد طرحاً مجحفاً جداً للتراث المصري القديم. وأضافت مونيكا حنا: "هل يليق بسمعة الآثار المصرية أن يكون عرض القطعة الواحدة من مقتنيات توت عنخ آمون مقابل 116 دولاراً في اليوم، في حين أن مثيلاتها في المتاحف العربية والأجنبية يفوق ذلك بكثير. ولا يغيب عن الأذهان ما وقع في معرض لوفر أبوظبي لآثار مصرية يملكها متحف اللوفر باريس".

المساهمون