تمرد في جنوب السودان

تمرد في جنوب السودان

09 أكتوبر 2016
+ الخط -
يبدو أنّ ظاهرة التمرّد ضد أو الانسلاخ والانشقاق من، أصبحت تدق أوزارها داخل أعماقنا، نحن شعب جنوب السودان، ولعلّنا أدمناها أيّما إدمان، وهي ظاهرة أصبحت، في الآونة الأخيرة، متفشية في الأوساط الاجتماعية والسياسية، وباتت منقوشةً في ضمائرالمواطنين، وعشقناها عشقاً، وكأنّها دم يجري في عروقنا.
منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل، مروراً بمرحلة إعلان الاستقلال، وحتى يومنا هذا، ظلّت الأجهزة الإعلامية المحلية والعالمية عندما تورد خبراً ما عن جنوب السودان لا تخلو عناوينهم من ذكر كلمة التمرّد، الانسلاخ وانشقاق القوات العلانية أو فلان العلاني من وانضمامه إلى، والقارئ أكثر المثقفين إلماماً بمَنْ يقومون بالانسلاخ والتمرّد والانضمام.
هنالك تساؤلات عديدة تظل تحيّر عقول كثيرين فيما أوصلتنا إليه كلمة التمرّد والانسلاخ، والتي تكمن في التساؤلات الآتية: هل حقاً نحن، شعب جنوب السودان، أدمنّا هذه الظاهرة؟ أم هو فهم مجرد وظاهرة وجدناها في قواميس اللغة والمراجع، واستخدمناها من دون وعي؟ وما جدوى ممارسة هذه الظاهرة من دون نتائج إيجابية، تعود بنفعها على المجتمع والأمة المغلوب على أمرها؟
إذا عرفنا هذه الكلمة، نجدها وفقاً لموسوعة ويكيبيديا أنّ التمرد أو العصيان تعني رفض تنفيذ الأوامر، ويمكن تعريفه بأنّه مجموعة من أنماط السلوك الاجتماعي الموّجه إلى أشكال السلطة المختلفة ومظاهر النفوذ، للخروج عليها وإعادة بنيتها وسمات مظاهرها بالشكل الذي يخدم الفاعلين، ويحقّق أهدافهم، ويعيد إليهم قدراً من السلطة والنفوذ، وهو يختلف عن الثورة في شرعيته الاجتماعية ومقدار تقبّل الناس له وانخراطهم فيه.
وفي المقابل، تجد أنّ بداية أيّ ثورة اجتماعية، وربما سياسية، بعملية تمرّد، والذي تقوم به جماعة من الأفراد ثم تستقطب مجموعات أخرى من الناس، حتى تعمّ أغلب الفاعلين الاجتماعيين وتنظم تمرّدهم، وتضيف الموسوعة أنّ هذه الظاهرة سمي، بها على مرّ التاريخ، جماعات عديدة تعارض حكوماتها بالمتمردين، فقد حصلت أكثر من 15 ثورة فلاحية في جنوب غرب فرنسا بين أعوام 1590 و1615، واستخدم هذا المصطلح الجيش الغازي البريطاني في حرب الاستقلال الأميركية، وكذلك في الحرب الأهلية الأميركية.
والجدير بالملاحظة أنّ هذه الثورات التي قامت بالتمرّد أو العصيان لم تكن مسلّحة موّجهة عموماً ضد نظام السلطة، إنما سعى بعضها إلى تشكيل حكومات جديدة، على سبيل المثال ثورة الملاكمين التي هدفت إلى تشكيل حكومة صينية أقوى من الضعيفة الموجودة.
إذا نظرنا إلى وضعية عشاق التمرّد اليوم، نجد أنّ الظاهرة، بحد ذاتها، تختلف من شخص إلى آخر، ولأنّ المتمردين يحملون في جعبتهم أهدافاً مختلفة، منها مَنْ يبحث عن وضعية خاصة من حيث السلطة، لأنه بوجوده في مجموعته الأولى لا يحسب من الأوائل. لذا يبحث عن أقصر صف للوصول إلى القمة، بينما يبحث آخرون عن لقمة العيش، ليسدّ بها رمقه، أي يريد طرد المنقار (الجوع) الذي ظلّ حليفه طوال العقود الماضية، أما تمرّد الآخر فيأتي نتيجة الخوف على حياته المهدّدة من السلطات أو أشخاص، سواء كان هذا التهديد حقيقة أو مجرد أكاذيب، وهناك فئة أخرى استخدمت هذه الظاهرة نتيجة خلافات شخصية بينه وغريمه سوى كان صديقاً له أو أحد أقربائه الذين تربطهم صلات الدم وهكذا.... إلخ.
لن تفيدنا ظاهرة التمرد هذه، بل ستقود إلى سفك مزيد من الدماء، وأنت، أيّها المواطن، الضحية الأولى والأخيرة، لأنك أنت المستخدم من هذا الشخص وذاك، فلم لا تدير عقلك، لكي تدع هذا الموج من التمرّدات يمضي، وأنت في نهاية الفصيل لا غير.
6FD3F5A1-E49A-4C69-88AA-AF9317C2B595
6FD3F5A1-E49A-4C69-88AA-AF9317C2B595
اوبج اوتر (جنوب السودان)
اوبج اوتر (جنوب السودان)