تلاميذ ضحايا طرقات لبنان

تلاميذ ضحايا طرقات لبنان

20 مارس 2016
ممنوع نقل التلاميذ من دون وجود مراقب (فرانس برس)
+ الخط -

يوم وقعت الطفلة السورية فاطمة (11 عاماً) من عربة "فان" كانت تقلها بعد انتهاء الدوام من المدرسة إلى المنزل، تحطّمت أسنانها الأمامية وأصيبت في كبدها وتأذى حوضها. تروي والدتها: "حين وقع الحادث، أغمي على فاطمة ونسيت كل ما تعرضت له. لا تتذكّر إلا الخوف الذي انتابها عندما حاولت إنقاذ حقيبتها من الوقوع على الطريق، بسبب إسراع صاحب الفان في القيادة". تضيف: "كل ذلك لأن الباب كان مفتوحاً. ووقعت طفلتي بدلاً من الحقيبة".

ينتاب القلق أم فاطمة التي تخشى فقدان ابنتها الوحيدة في أية لحظة. الطبيب الذي رفض استقبال الطفلة قبل أن يدفعوا له وللمستشفى 300 دولار أميركي، حذّر الوالدة من إمكانية تدهور وضع الفتاة الصحي وحدوث نزيف داخلي في الكبد بسبب الإصابة الشديدة التي تعرضت لها، بحسب ما تخبر. وكانت العائلة قد لجأت إلى لبنان هرباً من القصف والمعارك الدامية في حلب، واستقرت في مخيم للاجئين الفلسطينيين في العاصمة بيروت. رفضت الوالدة تعليق دراسة طفليها، "فرحت أدق أبواب الجمعيات والمؤسسات الخيرية". وتشير الوالدة إلى أن "أمنية فاطمة تحققت عندما بدأت عامها الدراسي الأول في لبنان، في إحدى المدارس الرسمية. وقد سجّلت في الصف الخامس ابتدائي نظراً للمستوى الأكاديمي الجيّد الذي تلقته في سورية قبل اللجوء". تغصّ وهي تقول: "قد أخسرها بسبب حلمها هذا". يُذكر أن العائلة لم تتقدم بأي بلاغ ضد السائق، لأنه هددها في حال فعلت، بتبليغ القوى الأمنية عن ابنها البكر الذي دخل لبنان خلسة ولا يملك أوراقاً ثبوتية.

أما حنين (7 سنوات) التي تسكن المخيّم نفسه، فلم تكن محظوظة مثل فاطمة، إذ فارقت الحياة بسرعة. يخبر علي (13 عاماً) الذي كان شاهداً على الحادثة، أنها "أصيبت في رأسها بعدما تركتها المراقبة تقطع الطريق بمفردها، ظنّاً منها أن السير متوقف. فجأة اخترقت إشارة المرور سيارة سوداء اللون ودهست حنين وفرّت من دون أن يتوقف سائقها للاطمئنان على الفتاة التي أوقعها أرضاً". ولا يخفي علي اليوم خوفه من ركوب باص المدرسة، الأمر الذي يضطر والده إلى اصطحابه يومياً. ويخبر والد حنين أن "القضية أقفلت ولم تُبلّغ الشرطة. في المدرسة يقولون إن الحادث قضاء وقدر، إلا أننا جميعنا متأكدون من أن السائق مذنب ويجب معاقبته".

في هذا الإطار، يرى أمين سر جمعية "يازا" كامل إبراهيم أن "سلامة الأطفال في لبنان مهملة". ويوضح أن "في حالة الطفلتين، يتوجب على إدارة المستشفى إبلاغ القوى الأمنية بالحادثتين لفتح تحقيق من جهة، وتسجيل الحادث ضمن حوادث السير التي تحصل سنوياً من جهة ثانية".

ولتلافي حوادث سير محتملة قد تتعرض لها حافلات المدارس، يناشد إبراهيم "إدارات المؤسسات التربوية والأهالي والسائقين، أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه أبنائهم، والعمل على حمايتهم من الأذى من خلال الاطلاع على الإرشادات الخاصة بالسلامة والالتزام بتنفيذها".

ويضيف إبراهيم أن "القانون رقم 551 نصّ على منع، منعاً باتاً، نقل تلامذة المدارس الرسمية والخاصة في جميع مراحل التعليم من دون وجود مراقب مسؤول في كل وسيلة نقل، مكلّف من قبل المدرسة، في حال كانت تملك هذه الوسيلة أو تستأجرها، ومن قبل مالك هذه الوسيلة في الحالات الأخرى". ويتابع: "ويتوجب على مالك وسيلة النقل أو مستأجرها إبرام عقد تأمين يغطي جميع الأضرار التي تنتج عن حوادث السير. وفي حال إهمال تعيين مراقب، تُفرض عليه غرامة تتراوح بين قيمة الحد الأدنى للأجور وضعفيها".

من جهة أخرى، يشير إبراهيم إلى "أهمية دور الدولة في تأمين طرقات سليمة وإنارة مناسبة للوقاية من الحوادث ليلاً ونهاراً. أما بالنسبة إلى مسؤولية المواطن فتكمن في وجوب التقيّد بقوانين السير وأنظمته".

والسلامة العامة بالنسبة إلى إبراهيم "تبدأ من تثقيف التلاميذ والأهالي والمدرّسين والسائقين، حول مبادئ السلامة المرورية. وذلك من خلال محاضرات بصرية، تطرح قضية خطورة حوادث السير، وكيفية الوقاية منها، وأهمية التزام الجميع بالجسور والأرصفة والأنفاق المخصصة للمشاة".

اقرأ أيضاً: طفلة أخرى ضحية الزواج

المساهمون