تقرير شابيرا: نتنياهو لم يدرس بدائل لعدوان غزة 2014

تقرير شابيرا: نتنياهو لم يدرس بدائل لعدوان غزة 2014

28 فبراير 2017
انتقادات تمسّ بصورة "رجل الأمن الأول" التي يسوّقها نتنياهو(Getty)
+ الخط -
بعد قرابة ثلاثة أعوام من شن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في العام 2014، نُشر، يوم أمس الإثنين، التقرير الرسمي لمراقب الدولة الإسرائيلي، يوسيف شابيرا، عن إدارة العدوان المذكور، وأسباب فشله، مع توجيه انتقادات شديدة لقباطنة السياسة الإسرائيلية، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش في حينها، موشيه يعالون، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال السابق، بيني غانتس.


ومع أن الصحف الإسرائيلية نشرت، على مدار الأيام الأخيرة، مقتطفات مسرّبة من التقرير، إلا أن الصيغة الرسمية والنهائية للتقرير تدين، بشكل صريح، رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، بإخفاقات في إدارة العدوان، وقبل ذلك، الاستعداد وتجهيز الجيش له، وضمان تدفق المعلومات اللازمة لـ"الكابينيت" السياسي والأمني للحكومة الإسرائيلية.


وأكد التقرير، بصورة رسمية، أنه بالاستناد إلى اقتباسات من وزير الجيش الإسرائيلي، إبان العدوان، موشيه يعالون، قال فيها إنه كان بالإمكان تجنب شن العدوان، فإن نتنياهو ووزير الجيش لم يبحثا أية خيارات سياسية بديلة، ومن ضمنها إجراء اتصالات مع حركة "حماس" عبر طرف ثالث، وبدلًا من ذلك، اختارا الاتجاه نحو المواجهة العسكرية، دون أن يكون الجيش الإسرائيلي مستعدًّا لهذه الحرب.


ويشير التقرير، في هذا السياق أيضًا، إلى أن "الكابينيت" الإسرائيلي لم يجر أي مناقشات أو مداولات استراتيجية جادة، حول تداعيات وأخطار الأوضاع الاقتصادية والحصار في القطاع على الأمن الإسرائيلي، ناهيك عن عدم بلورة موقف استراتيجي واضح من قطاع غزة. وبيّن التقرير أنه بالرغم من تحديد الأنفاق الهجومية في قطاع غزة خطرًا استراتيجيًّا منذ العام 2013، إلا أن نتنياهو لم يعقد أي جلسات رسمية لمناقشة هذا الخطر وسبل مواجهته.



إلى ذلك، وجّه المراقب انتقادات شديدة لنتنياهو، متهمًا إياه بعدم إطلاع وزراء "الكابينيت" الأمني والسياسي على التقارير الدورية التي رفعتها شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" حول خطر الأنفاق الهجومية، بعد أن تبيّن خلال العدوان أن حجم وأعداد هذه الأنفاق أخطر بكثير مما اعتقدت القيادة الإسرائيلية.


وبيّن التقرير، في هذا السياق، صحّة الاتهامات التي وجهها زعيم "البيت اليهودي"، نفتالي بينت، بأن أعضاء "الكابينيت" لم يحصلوا على تقارير ومعلومات كافية حول خطر الأنفاق. وحدّد مراقب الدولة الإسرائيلي أن من يتحمل مسؤولية الفشل من طرف "الكابينيت" في كل ما يتعلق بإدراك حجم ومدى خطر الأنفاق؛ هو في واقع الحال نتنياهو نفسه بصفته رئيس الحكومة.


إلى ذلك، وجّه التقرير انتقادات شديدة لوزير الجيش السابق، موشيه يعالون، بشأن عدم إعداد خطط قتالية للحرب، وتجهيز الجيش لمواجهة خطر الأنفاق، واتجاهه نحو قصف الأنفاق جوًّا، في الوقت الذي كان فيه الجيش الإسرائيلي يعلم أن مثل هذا القصف لن يكون فعالًا، وسيضرّ بالعمليات القتالية البرية اللاحقة.


ومقابل اتجاه نتنياهو ووزير الأمن يعالون إلى عدم إطلاع وزراء "الكابينيت" على التقارير الاستخباراتية قبل اتخاذ القرارات، فإن مراقب الدولة الإسرائيلي أكّد، في الوقت نفسه، أن أعضاء "الكابينيت" السياسي والأمني أنفسهم لم يُبدوا أي اهتمام بالحصول على تقارير ومعلومات ضرورية قبل التصويت على الخطوات المقترحة في إدارة العدوان.


كما بيّن التقرير أن الوحدات العسكرية في جيش الاحتلال لم تملك أية خطة قتالية، واضطرت إلى الارتجال خلال المعارك البرية، وخلال محاولات الجيش ووحداته المختلفة العثور على الأنفاق وهدمها.


وكانت هذه النتائج، التي نشرت رسميًّا بالأمس، شبه معروفة منذ أشهر في إسرائيل، بعد تسريب معطيات كثيرة من التقرير قبل نشره، لكن نشرها رسميًّا أثار جدلًا واسعًا في إسرائيل، خاصة بعد أن حاول نتنياهو استباق النشر بالادّعاء أنه يساند الجيش وقوات الأمن، خلافًا لمراقب الدولة، وأن الجيش والحكومة استخلصوا العبر اللازمة من الحرب، ملمحًا إلى أنه لا توجد حاجة لتقرير مراقب الدولة، مع أنه لا يورد أية توصيات شخصية ضد نتنياهو، أو أي من القادة الإسرائيليين إبان العدوان على غزة.


لكن أبرز ما جاء على ذكره التقرير، هو اعتراف وزير الجيش يعالون بأنه لو كانت الحكومة الإسرائيلية قد تطرّقت بشكل جاد إلى الأزمة العميقة في قطاع غزة، ومن ضمن ذلك الأزمة التي واجهتها حركة "حماس" في ظل المعاناة الإنسانية في القطاع، لربّما كان بالإمكان تفادي المواجهة العسكرية.


إلى ذلك، وبالرغم من أن الحديث لا يدور عن لجنة تحقيق رسمية وتوصيات خاصة، إلا أن الانتقاد الذي وجهه مراقب الدولة لنتنياهو، باعتباره المسؤول عن إخفاقات "الكابينيت" الإسرائيلي، من جهة، وعدم وضع خطط وردود استراتيجية لخطر الأنفاق، من جهة أخرى، يمس بصورة نتنياهو التي يحاول تسويقها للإسرائيليين، بأنه رجل الأمن الأول القادر على مواجهة "حماس" والإرهاب.


ولعلّ ذلك ما يفسّر الردود التي صدرت عن نتنياهو، ومحاولته نزع الشرعية عن تقرير مراقب الدولة ومؤسسة المراقب نفسها، باعتبارها "هيئة غير مهنية"، بحسب ادعاءاته، ولا حاجة لها.

المساهمون