تحركات الاقتصاد العالمي رهن معركة التدفقات النقدية

تحركات الاقتصاد العالمي رهن معركة التدفقات النقدية

13 ابريل 2014
مجموعة العشرين، صورة أرشيفية
+ الخط -

رغم اتفاق كبار المسؤولين في الدول الغنية والفقيرة، في الآونة الأخيرة، على تحسن الاقتصاد العالمي، إلا أن ذلك لم يحدّ من القلق المتزايد بسبب الخلاف حول التدفقات النقدية.

فبالنسبة إلى الدول الفقيرة، تقود سياسات التيسير النقدي في الاقتصادات المتقدمة لتذبذب كبير في تدفقات رؤوس الأموال، مما قد يزعزع استقرار الأسواق الناشئة، أما الدول الغنية فترى أن اكتناز العملة في الدول النامية يعرقل التقدم نحو مزيد من الاستقرار الاقتصادي العالمي.

ويبدو أن التوترات، التي تراكمت على مر السنوات، تفاقمت خلال اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين في واشنطن نهاية الأسبوع الماضي، ودللت الكلمات القاسية في تصريحات من واشنطن ودلهي على ذلك.

وتقول الدول الثرية والفقيرة إنها تعمل بما يحقق مصالحها، وتجعل المبررات المنطقية، التي يسوقها كل طرف، الخلاف غير قابل للحل.

ورغم اتفاق دول مجموعة العشرين على تحسن أوضاع الاقتصاد العالمي إلا أن التوترات تشير إلى عدم إحراز تقدم يذكر في إعادة التوازن للاقتصاد العالمي، بدلاً مما نراه حاليا من اقتراض ضخم من جانب الدول الغنية للاستيراد من الدول الفقيرة.

وقال محافظ البنك المركزي الهندي، راغورام راجان، أمام لجنة قبل اجتماع مجموعة العشرين: "الأوضاع غير سليمة."

وأضحى راجان أحد أبرز المطالبين بإصلاح النظام النقدي العالمي، ودعا البنوك المركزية في الدول المتقدمة إلى تفادي سياسات نقدية تجريبية قد تضر بالاقتصاد العالمي.

وقال إن سياسات التيسير النقدي، التي طبقت على مدى أعوام في الدول المتقدمة، دفعت الأسواق الناشئة إلى الاحتفاظ باحتياطيات أكبر من الدولار، كي تستطيع التدخل في أسواق العملة لحماية اقتصاداتها جراء التذبذب الكبير لتدفقات رأس المال.

وتتنامى الحاجة إلى اكتناز العملات، إذ يبدو أن الولايات المتحدة وأوروبا واليابان ستبقي على سياسات التيسير النقدي لعدة سنوات مقبلة.

وقال محافظ بنك البرازيل المركزي، ألكسندر تومبيني، عن سياسات الدول الغنية: " ينبغي دراسة المردود والتأثيرات التي تمتد إلى اقتصادات أخرى".

وتقول الدول المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إن جهود التحفيز تفيد الاقتصادات الناشئة من خلال دعم الاقتصاد العالمي، وتضيف أن اعتماد الفقراء على التدخل في أسواق العملة يكبح ذلك الاقتصاد.

وتجمع أغلب الأسواق الناشئة احتياطيات من الدولار للإبقاء على عملاتها منخفضة لتحفيز التصدير، مما يدفع الدول المتقدمة إلى الاقتراض لتغطية قيمة الواردات.

ويعتقد عدد كبير من الاقتصاديين أن الاقتراض الضخم في الولايات المتحدة، أكبر دولة مستهلكة في العالم، غذى فقاعة الأصول التي قادت إلى الأزمة المالية بين عامي 2007 و2009.

وقال مسؤول في الخزانة الأميركية: "مقاومة العديد من الأسواق الناشئة للانتقال بوتيرة أسرع إلى  أنظمة أسعار صرف، تحددها السوق، تعرقل إعادة التوازن الضرورية لضمان تعاف عالمي قوي ودائم".

ويرفض المسؤولون في الدول الغنية دعوة راجان لتعزيز التنسيق بشأن السياسة النقدية. 

وصرح نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، فيتور كونساتنسيو، إن الاتجاه إلى تعاون أوثق بين واضعي السياسات لن ينجح إلا إذا سمحت الأسواق الناشئة بارتفاع قيمة عملاتها، ولكن ذلك لم يتحقق بعد.

وقال كونساتنسيو، أمام اللجنة نفسها التي تحدث أمامها تومبيني وراجان: "لم تقبل الاقتصادات الناشئة قط رفع أسعار العملة بأي قدر."

وقد تكمن المشكلة الجذرية في ان البنوك المركزية تحاول بذل قصارى جهدها لأن الحكومات لا تفعل سوى القليل.

ويعتقد معظم الاقتصاديين أن بوسع السياسيين، في أنحاء العالم، أن يفعلوا المزيد لمساعدة اقتصاداتهم على النمو، لكن الدول الغنية تحجم عن الاعتماد على زيادة الإنفاق بما يتجاوز الإيرادات، بينما تتأخر عادةً الاقتصادات الناشئة في تعزيز المنافسة في أسواقها.

وقال الاقتصادي في معهد بروكينجز وجامعة كورنل، اسوار براساد، إن دور السياسات النقدية في تحفيز النمو الاقتصادي والمحافظة على الاستقرار المالي لن يتضخم إذا نشطت الحكومات.

وأضاف :"انتهى الحال في البنوك المركزية بأن تخوض حروبا بالوكالة عن سياسيين عاجزين ولا يرغبون في عمل المطلوب".

المساهمون