تباين مواقف الأحزاب بعد تعيين المشيشي رئيساً للحكومة التونسية

تباين مواقف الأحزاب بعد تعيين المشيشي رئيساً للحكومة التونسية

26 يوليو 2020
لم يكن المشيشي من ضمن الاقتراحات والترشيحات التي قدمتها الكتل البرلمانية للرئيس (الأناضول)
+ الخط -

تباينت ردود الأحزاب التونسية بعد قرار الرئيس التونسي، قيس سعيد، تكليف وزير الداخلية هشام المشيشي بتشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة إلياس الفخفاخ المستقيلة، وإن فاجأ هذا الاختيار الطبقة السياسية في تونس، خاصة أنه لم يكن من ضمن الاقتراحات والترشيحات التي قدمتها الكتل البرلمانية؛ فإن العديد من الأحزاب رحّبت به، مؤكدة أن اختيار شخصية مستقلة وذات كفاءة سيمكن تونس من تجاوز بعض العراقيل والإشكاليات التي رافقت تشكيل الحكومة السابقة.
ولم تصدر إلى حد الآن مواقف رسمية للأحزاب التي يُنتظر أن تجتمع اليوم وغداً لتقييم الموقف، في ظل سيطرة ترحيب حذر على بعض ردود الفعل.

وفي تصريح لـ"العربي الجديد" قال النائب عن حركة الشعب خالد الكريشي إنّ اختيار رئيس الجمهورية للمشيشي صائب، ويستجيب للمعايير التي وضعتها حركة الشعب، ويستجيب لمقاييس نظافة اليد، وبعيداً عن تضارب المصالح والفساد، ويدافع عن السيادة الوطنية وعدم الولاء للأجنبي، مضيفاً أن هذه الشخصية يمكن أن تكون قادرة على التجميع ونيل ثقة البرلمان، وهو شخصية معروفة، بحكم أنه نال الثقة في الحكومة السابقة كوزير داخلية، مؤكداً أن رئيس الجمهورية أحسن الاختيار.
وتابع الكريشي أن اختيار سعيد قام على الشرعية الدستورية، وتحديداً الفصل 98 من الدستور، مضيفاً أن الاختيار شرعي ومشروع وجيد، ومشيراً إلى أن حركة الشعب لم تفاجأ بهذا الاختيار من حيث المعايير الموضوعة، ومبيناً أنه جرى نقاش حول هذه الشخصية في حركة الشعب، وكان من بين الأسماء المتداولة في الحركة، ولكن تم الاكتفاء ببعض الشخصيات.
وبين الكريشي أن حركة الشعب ستتفاعل إيجابياً مع هذا الاختيار، خاصة أن لديها ثقة بأن يحظى المشيشي بثقة البرلمان بنسبة كبيرة، خاصة أنه مستقل، وتعول على بقية الأحزاب لتغليب المصلحة العامة على الحزبية، كما توقّع أن يكون مسنوداً من المنظمات الوطنية الكبرى.

 

رحبت العديد من الأحزاب بالاختيار، مؤكدة أنه شخصية مستقلة وذات كفاءة

 

وأكد النائب عن حزب تحيا تونس وليد جلاد أن حزبه سيتفاعل إيجابياً مع الشخصية التي يعتبرها مناسبة، ورأى أن الاختيار موفق لأن المشيشي شخصية مستقلة ووطنية وهو ابن الإدارة التونسية، وقد أظهر قدرة على حسن تسيير وزارة الداخلية، ونجح في عدد من الوظائف في صلب الإدارة التونسية، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه أمام الفترة الصعبة التي تمر بها تونس، والوضع الاجتماعي والاقتصادي الدقيق؛ فإنه يجب التسريع في المصادقة على الحكومة في أقرب وقت ممكن.
وبين جلاد أن الاختيار لم يشكل مفاجأة، فرئيس الجمهورية بإمكانه أن يختار من داخل الأحزاب أو من خارجها، بحسب الفصل 98 بعد القيام بمشاورات، ولكن ليس بالضرورة أن يختار من الأحزاب لأن القرار يعود له، وسبق للحزب الفائز، أي حركة النهضة، أن تولت الاختيار وفشلت في ذلك، مضيفاً أنه من الضروري أن ينال المشيشي وحكومته الثقة، وهذا ليس خياراً بل واجب، لأن الوضع الحالي والتزامات تونس لا يحتملان أي عملية تعطيل أخرى.

ورأى النائب عن حركة النهضة سمير ديلو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الجانب المفاجئ في اختيار سعيد للمشيشي أنه كان من خارج المنظومة الحزبية، وسيتم تقييم ذلك اليوم في اجتماع للمكتب التنفيذي ومجلس الشورى حيث ستصدر الحركة موقفها، مبيناً أن مبدأ الحركة عموماً هو التعامل الإيجابي ومراعاة المصلحة الوطنية، وأن على كل جهة أن تُمارس دورها، فالرئيس دوره تكليف الشخصية التي يراها الأقدر، والشخصية المكلفة مطالبة بتشكيل الحكومة وأن يكون لها برنامج، والأحزاب تتفاعل بحسب الرؤيا العامة ومصلحة البلاد.
وأشار ديلو إلى أن الشخصية معروفة، لأنه كان ضمن الحكومة السابقة والتي شاركت فيها حركة النهضة، وتمت تزكيتها وهو شخص محترم، مبيناً أن التقييم وإصدار موقف نهائي حول الاختيار يتطلبان نقاشاً داخل الحركة، ومضيفاً أن هناك صعوبات في البلاد يؤمل تجاوزها، مؤكداً أن الحركة قدمت مرشحين ولكن بحسب الدستور فإن القرار يعود لرئيس الجمهورية، وله رؤيته الخاصة في مواصفات الشخصية الأقدر.

في حين اعتبر رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف، أنّ رئيس الجمهورية تحوّل إلى عبء حقيقي على الانتقال الديمقراطي‎، على حدّ تعبيره. وقال في تدوينة على حسابه في فيسبوك "إنّ سعيّد لم يعر أيّ اعتبار للدستور وللبرلمان والأحزاب ولا حتى الثورة"، وفق تقديره.
وذكّر بما توقعه قبل المشاورات، من أن "مصير اقتراحات الأحزاب سيكون سلة مهملات القصر".

 

 

من جهته، اعتبر مدير الديوان الرئاسي الأسبق عدنان منصر، في تدوينة على حسابه بفيسبوك، أنّ رئيس الجمهورية أصبح يستأثر بكامل القرار التنفيذي بعد هذا التكليف الذي وصفه بـ ''تكليف السخرية والعقاب''.
وأضاف "أصبحنا واقعياً تحت نظام رئاسي، بدستور لنظام شبه برلماني، مع اتجاه واضح لمركزة القرار في يد شخص واحد، مستفيداً من بعض ثغرات الدستور، وخاصة من عدم وجود محكمة دستورية". واعتبر منصر أنّ "تعامل رئيس الدولة مع الأحزاب كان ينقصه الكثير من الاحترام" على حدّ تعبيره.

المساهمون