بلد غني وشعب فقير

بلد غني وشعب فقير

20 أكتوبر 2014
الجزائر الغنية بالموارد (فايز نور الدين/فرانس برس/getty)
+ الخط -
تأملت حال بلدي، فعرفت أن الجزائر تتميز بعدد من الثروات الاقتصادية التي تجعل من هذا البلد بلداً غنياً حقاً، ‏بأتم معنى الكلمة. غير أن الواقع المفزع يقول إن الجزائر بلد غني بالثروات الباطنية والموارد البشرية الشابة ‏والنشطة، غير أننا فقراء فقر من يملك ولا يعرف أنه يملك، أو لا يستطيع أن يستغل ما يملك.‏
تقول الإحصاءات أننا لو لم نشتغل كشعب وانتظرنا فقط ما يأتينا من حقنا من الثروات الطبيعية المصدرة ‏إلى الخارج لما وجد فقير واحد في الجزائر.‏
هذا الكلام لا يعجب قادتنا بل لا يمكنهم أن يفهموا المقصود منه. كاقتصادي، أرفض أن توزع الثروة ‏دون أن يبذل الانسان جهداً للحصول على حصته، ولكنني لا أرضى في الوقت ذاته أن يتم توزيع الثروة الوطنية بشكل غير عادل بين المواطنين،
إذ إن نسبة الفقر في بلادنا تفاقمت بشكل رهيب منذ التسعينيات. وكان في منتصف التسعينيات ما لا يقل عن ‏‏6 ملايين من أفقر الناس في الجزائر، وتزايد عدد الفقراء في العقد الأول من القرن العشرين ليصل إلى ما ‏لا يقل عن 10 ملايين فقير، رغم تحسن الأوضاع الاقتصادية الكلية. أما على المستوى الجزئي فالمؤشرات لا ‏تنبئ بالخير.‏
اليوم تحصي الجزائر ما يفوق الـ 200 مليار دولار كاحتياطي صرف ناجم عن تحسن سعر برميل النفط خلال ‏العشرية الماضية. غير أن هذا الرقم الذي يعتبر مؤشراً ممتازاً على أداء اقتصاد أي دولة في العالم، لا يعكس واقع الشعب الجزائري الذي يشبه من يدعي امتلاك ثروة غير أنه محروم من التمتع بها.‏
مازلنا في بلادنا نرى وفي كل يوم من يقتات من الأماكن المخصصة لتجميع النفايات، ونرى من يمتهن التسول، بل إن قرى بأجمعها في ‏الصحراء الجزائرية وفي المناطق الداخلية ما تزال تعيش على ضوء القمر ليلاً، ولم تعرف شيئاً اسمه ‏الكهرباء، ولا حتى مسكناً يتوافق مع ما يمكن أن نسميه مسكناً، بل يوجد أطفال لم يعرفوا شيئاً اسمه ‏مدرسة.
هؤلاء مواطنون يعيشون على الهامش وكأنهم ليسوا من مواطني هذا البلد، وللأسف عندما تذكر حالهم ‏محاولاً أن تقول "أنقذوا هؤلاء المساكين"، يجيبك أحدهم قائلاً: "أنت لا تعرف ما فعل هؤلاء عندما كنا في ‏العشرية السوداء، إنه العقاب الجماعي الذي كنا نسمع به في عهد الاستعمار الفرنسي".‏
وفي كل مرة أتساءل: لماذا بلدنا غني ونحن فقراء؟ وكأنني أسمع جواباً من داخلي يقول في كل مرة: إنه الفساد الذي ‏ينخر جسد البلاد...‏

*دكتور في الاقتصاد وكاتب جزائري

المساهمون